كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 3)

غَيْرَهَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الدَّهْرِ لِمَا تَقَرَّرَ فَلَا تَتَمَيَّزُ تِلْكَ إلَّا بِذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ صَامَهَا مَعَ رَمَضَانَ كُلُّ سَنَةٍ تَكُونُ كَصِيَامِ الدَّهْرِ فَرْضًا بِلَا مُضَاعَفَةٍ وَمَنْ صَامَ سِتَّةً غَيْرَهَا كَذَلِكَ تَكُونُ كَصِيَامِهِ نَفْلًا بِلَا مُضَاعَفَةٍ كَمَا أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَحْصُلُهُ أَيْضًا وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ نَدْبُهَا حَتَّى لِمَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِيمَنْ تَعَدَّى بِفِطْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَوْرًا بَلْ قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ تَطَوَّعَ بِصَوْمٍ وَلَوْ فَاتَهُ رَمَضَانُ فَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا سُنَّ لَهُ صَوْمُ سِتٍّ مِنْ الْقِعْدَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَوْمٌ رَاتِبٌ يُسَنُّ لَهُ قَضَاؤُهُ وَمَرَّ فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي هَذِهِ الرَّوَاتِبِ مَا يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ (وَتَتَابُعُهَا) عَقِبَ الْعِيدِ (أَفْضَلُ) مُبَادَرَةً لِلْعِبَادَةِ وَإِيهَامُ الْعَامَّةِ وُجُوبَهَا مَمْنُوعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ؛ إذْ اعْتِقَادُ الْوُجُوبِ بِالنَّدْبِ لَا يُفْسِدُهُ بَلْ يُؤَكِّدُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم أَقُولُ وَيُفِيدُهُ أَيْضًا كَلَامُ الشَّارِحِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ إلَخْ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ النِّهَايَةِ وَلَوْ صَامَ فِي شَوَّالٍ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ غَيْرَهُمَا أَوْ فِي نَحْوِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ تَطَوُّعِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ وَالْأَصْفُونِيِّ وَالنَّاشِرِيِّ وَالْفَقِيهِ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْكَامِلُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لَا سِيَّمَا مَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمُ اهـ.
وَفِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ غَيْرَهَا) صِفَةُ سِتَّةٍ وَالضَّمِيرُ لِسِتَّةِ شَوَّالٍ.
(قَوْلُهُ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الدَّهْرِ) أَيْ: نَفْلًا (قَوْلُهُ سِتَّةً غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ سِتَّةِ شَوَّالٍ وَ.
(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: مَعَ رَمَضَانَ كُلِّ سَنَةٍ.
(قَوْلُهُ يُحَصِّلُهُ إلَخْ) أَيْ: ثَوَابُ صِيَامِ الدَّهْرِ نَفْلًا بِلَا مُضَاعَفَةٍ.
(قَوْلُهُ كَصِيَامِهِ نَفْلًا) هَلَّا كَانَ كَصِيَامِ خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ فَرْضًا وَسُدُسِهِ نَفْلًا سم وَتَقَدَّمَ عَنْهُ وَعَنْ ع ش مَا يَقْتَضِيهِ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ) إلَى قَوْلِهِ إلَّا فِيمَنْ إلَخْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَوْ فَاتَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَوْرًا) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَمْنَعُ نَدْبَهَا وَحُصُولَهَا فِي ضِمْنِ الْقَضَاء الْفَوْرِيِّ فَيُثَابُ عَلَيْهَا إذَا قَصَدَهَا أَيْضًا أَوْ أَطْلَقَ وَكَذَا يُقَالُ بِالْأَوْلَى إذَا كَانَ فَطَرَ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَمَا يَأْتِي عَنْ الْجَمْعِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ التَّطَوُّعِ عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ فَلَا يُنَافِي حُصُولَهُ مَعَهُ سم وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ قَالَ الرَّشِيدِيُّ يَعْنِي يَحْصُلُ لَهُ أَصْلُ سُنَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سِتَّةَ شَوَّالٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الثَّوَابُ الْكَامِلُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ) أَيْ: أَمَّا مَعَ التَّعَدِّي فَيَحْرُمُ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ فَوْرًا وَالتَّطَوُّعُ يُنَافِيهِ أَيْ اسْتِقْلَالَ سم.
(قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ صَوْمُ سِتٍّ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ فِي شَوَّالٍ لِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ يَحْصُلُ بِهِ مَا نَوَاهُ مَعَ سِتَّةِ شَوَّالٍ أَيْضًا وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ مَا أَفْتَى بِهِ عَلَى مَا إذَا صَرَفَ الصَّوْمَ فِيهِ عَنْ سُنَّتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهَا أَيْضًا أَوْ أَطْلَقَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْأَكْمَلَ ذَلِكَ لَا يُقَالُ لَا يَصْدُقُ عَلَى حُصُولِ سِتَّةِ شَوَّالٍ إذَا قَصَدَهَا أَوْ أَطْلَقَ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ «أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ» ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ التَّبَعِيَّةِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فِي زَمَنِهِ لَا مُطْلَقًا سم وَفِي النِّهَايَةِ مِثْلُهُ إلَّا قَوْلَهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لَا مَنْ فَاتَهُ صَوْمٌ رَاتِبٌ إلَخْ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَضِيَّتَهُ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَوْمُ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ سُنَّ لَهُ قَضَاؤُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ وَهُوَ مُنَافٍ لِإِفْتَائِهِ الْأَوَّلِ فَيَنْبَغِي الْأَخْذُ بِإِفْتَائِهِ الْأَوَّلِ سم وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَتَتَابُعُهَا عَقِبَ الْعِيدِ أَفْضَلُ) أَيْ: تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِصَوْمِهَا مُتَفَرِّقَةً وَلَكِنْ تَتَابُعُهَا وَاتِّصَالُهَا بِيَوْمِ الْعِيدِ أَفْضَلُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ عَقِبَ الْعِيدِ) كَذَا فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَ الْمُخَالِفِ أَنَّ اعْتِقَادَ الْمَنْدُوبِ وَاجِبًا مَحْظُورٌ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSكَصِيَامِ الدَّهْرِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ صِيَامُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ إلَى قَوْلِهِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ الْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ بِسَنَةٍ.
(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ ثَوَابُ الْفَرْضِ) هَذَا خَاصٌّ بِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ فَمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ فَقَضَاهُ فِي شَوَّالٍ وَصَامَ السِّتَّةَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ السِّتَّةِ فَرْضًا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ.
(قَوْلُهُ كَصِيَامِهِ نَفْلًا) هَلَّا كَانَ كَصِيَامِ خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ فَرْضًا وَسُدُسِهِ نَفْلًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ نَدْبُهَا إلَخْ) وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمَحَامِلِيِّ كَشَيْخِهِ الْجُرْجَانِيِّ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ كَرَاهَةَ صَوْمِهَا لِمَنْ أَفْطَرَهُ بِعُذْرٍ فَيُنَافِي مَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّهُ ذُو وَجْهَيْنِ أَوْ يُحْمَلَ ذَاكَ عَلَى مَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ وَهَذَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَوْرًا) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَمْنَعُ نَدْبَهَا وَحُصُولَهَا فِي ضِمْنِ الْقَضَاءِ الْفَوْرِيِّ فَيُثَابُ عَلَيْهَا أَيْضًا إذَا قَصَدَهَا أَيْضًا أَوْ أَطْلَقَ وَلَوْلَا نَدْبُهَا مَا أُثِيبَ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَكَذَا يُقَالُ بِالْأَوْلَى إذَا كَانَ فِطْرُ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ وَمَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الْمَحَامِلِيِّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ التَّطَوُّعِ عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ فَلَا يُنَافِي حُصُولَهُ مَعَهُ.
(قَوْلُهُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ) أَيْ: أَمَّا مَعَ التَّعَدِّي فَيَحْرُمُ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ فَوْرًا وَالتَّطَوُّعُ يُنَافِيهِ أَيْ اسْتِقْلَالًا.
(قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ صَوْمُ سِتٍّ مِنْ الْقِعْدَةِ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ فِي شَوَّالٍ لِقَضَاءٍ وَغَيْرِهِ يَحْصُلُ بِهِ مَا نَوَاهُ مَعَ سِتَّةِ شَوَّالٍ أَيْضًا وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ مَا أَفْتَى بِهِ عَلَى مَا إذَا صَرَفَ الصَّوْمَ فِيهِ عَنْ سِتَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهَا أَيْضًا أَوْ أَطْلَقَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْأَكْمَلَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ صَوْمُ سِتٍّ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَوْمٌ رَاتِبٌ يُسَنُّ لَهُ قَضَاؤُهُ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا التَّعْلِيلِ بَلْ صَرِيحَهُ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ صَوْمُ

الصفحة 457