كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 3)

أَوْ بَلَّطَهُ وَوَقَّفَ ذَلِكَ مَسْجِدًا لِقَوْلِهِمْ يَصِحُّ وَقْفُ السُّفْلِ دُونَ الْعُلُوِّ وَعَكْسُهُ وَهَذَا مِنْهُ وَمَا وُقِفَ بَعْضُهُ مَسْجِدًا شَائِعًا يَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ عَلَى الْأَوْجَهِ احْتِيَاطًا فِيهِمَا (وَالْجَامِعُ أَوْلَى) لِكَثْرَةِ جَمَاعَتِهِ غَالِبًا وَالِاسْتِغْنَاءِ بِهِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ اشْتَرَطَهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ أَوْلَى وَإِنْ قَلَّتْ جَمَاعَتُهُ وَلَمْ يَحْتَجْ لِلْخُرُوجِ لِجُمُعَةٍ لِكَوْنِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَوْ لِقِصَرِ مُدَّةِ اعْتِكَافِهِ وَيَجِبُ إنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ مُدَّةٍ مُتَتَابِعَةٍ تَتَخَلَّلُهَا جُمُعَةٌ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخُرُوجُ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَهَا بِلَا شَرْطٍ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ أَيْ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ شَرْطِهِ الْخُرُوجَ لَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِمَجِيئِهَا وَاعْتِكَافِهِ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْخُرُوجِ لِنَحْوِ شَهَادَةٍ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ أَوْ لِإِكْرَاهِ وَحِينَئِذٍ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ وَاتَّجَهَ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تُقَامُ فِي غَيْرِ جَامِعٍ أَوْ أُحْدِثَ الْجَامِعُ بَعْدَ اعْتِكَافِهِ لَمْ يَضُرَّ الْخُرُوجُ لَهَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَإِذَا خَرَجَ لَهَا تَعَيَّنَ أَقْرَبُ جَامِعِ إلَيْهِ إنْ اتَّحِدْ وَقْتُ صَلَاةِ الْجَامِعَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQذِكْرِ كَلَامٍ طَوِيلٍ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ وَعَنْ النِّهَايَةِ فِي الْوَقْفِ فِي عَدَمِ جَوَازِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ مَسْجِدًا مَا نَصُّهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى تَسْمِيرِ الْخَشَبِ أَنَّهُ لَوْ سَمَّرَ السَّجَّادَةَ صَحَّ وَقْفُهَا مَسْجِدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت الْعَنَانِيَّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَإِذَا سَمَّرَ حَصِيرًا أَوْ فَرْوَةً فِي أَرْضٍ أَوْ مَسْطَبَةٍ وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا صَحَّ ذَلِكَ وَجَرَى عَلَيْهِمَا أَحْكَامُ الْمَسَاجِدِ وَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِمَا وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِيهِمَا وَغَيْرُ ذَلِكَ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِذَا أُزِيلَتْ الدَّكَّةُ الْمَذْكُورَةُ أَوْ نَحْوُ الْبَلَاطِ أَوْ الْخَشَبَةِ الْمَبْنِيَّةِ زَالَ حُكْمُ الْوَقْفِ كَمَا نَقَلَهُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ فِي الْوَقْفِ عَنْ فَتَاوَى السُّيُوطِيّ ثُمَّ قَالَ سم وَلْيَنْظُرْ لَوْ أَعَادَ بِنَاءَ تِلْكَ الْآلَاتِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَذَلِكَ هَلْ يَعُودُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ بِشَرْطِ الثُّبُوتِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى اهـ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مِنْ زَوَالِ حُكْمِ الْمَسْجِدِيَّةِ عَنْ نَحْوِ الدَّكَّةِ بِإِزَالَتِهِ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ بَقَائِهِ بَعْدَ النَّزْعِ.
وَقَدْ أَطَالَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ بَقَائِهِ بَعْدَ النَّزْعِ وَقَدْ أَطَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ فِي رَدِّهِ وَإِنْ وَافَقَ ذَلِكَ الْبَعْضَ شَيْخُنَا فَقَالَ وَلَوْ وَقَفَ إنْسَانٌ نَحْوَ فَرْوَةٍ كَسَجَّادَةِ مَسْجِدٍ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهَا حَالَ الْوَقْفِيَّةِ بِنَحْوِ تَسْمِيرٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أَثْبَتَهَا حَالَ الْوَقْفِيَّةِ بِذَلِكَ صَحَّ وَإِنْ أُزِيلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفِيَّةَ إذَا ثَبَتَتْ لَا تَزُولُ وَبِهَذَا يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا شَخْصٌ يَحْمِلُ مَسْجِدَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَيَصِحُّ اعْتِكَافُهُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ نَظِيرُ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْوُقُوفِ عَلَى حَجَرٍ مَنْقُولٍ مِنْ عَرَفَاتٍ إلَى خَارِجِهَا (قَوْلُهُ يَصِحُّ وَقْفُ السُّفْلِ دُونَ الْعُلْوِ) وَمِنْهُ الْخَلَاوَى وَالْبُيُوتُ الَّتِي تُوجَدُ فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ لِلْإِمَامِ أَوْ نَحْوِهِ وَيَسْكُنُونَ فِيهَا بِزَوْجَاتِهِمْ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَ مَا عَدَاهَا مَسْجِدًا جَازَ الْمُكْثُ فِيهَا مَعَ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَالْجِمَاعِ فِيهَا وَإِلَّا حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَسْجِدِيَّةُ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْجَامِعُ) هُوَ مَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَ (قَوْلُهُ أَوْلَى) أَيْ: بِالِاعْتِكَافِ مِنْ غَيْرِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَوْلَوِيَّةِ الْجَامِعِ مَا لَوْ عَيَّنَ غَيْرَهُ فَالْمُعَيَّنُ أَوْلَى إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِخُرُوجِهِ لِلْجُمُعَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَإِيعَابٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ إلَخْ ع ش.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّتْ جَمَاعَتُهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ انْتَفَتْ الْجَمَاعَةُ مِنْهُ بِالْمَرَّةِ كَأَنْ هُجِرَ فَيَكُونُ غَيْرُهُ أَوْلَى ع ش.
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ إلَخْ) أَيْ: الْجَامِعُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَهَا) أَيْ خُرُوجَهُ لِلْجُمُعَةِ.
(قَوْلُهُ لِتَقْصِيرِهِ إلَخْ) أَيْ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى اعْتِكَافَ تِلْكَ الْمُدَّةِ هَلْ تَبْطُلُ نِيَّتُهُ أَوْ لَا تَبْطُلُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ بَعْدُ وَإِنْ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي ع ش.
(قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ لِتَقْصِيرِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَاعْتِكَافُهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلِمَهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ هَذَا الْإِكْرَاهِ بِاشْتِرَاطِ الْخُرُوجِ أَوْ الِاعْتِكَافِ فِي الْجَامِعِ فَقَدْ قَصَّرَ بَقِيَ مَا لَوْ اعْتَكَفَ فِي الْجَامِعِ لَكِنْ عَرَضَ بَعْدَ اعْتِكَافِهِ تَعْطِيلُ الْجُمُعَةِ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ الْخُرُوجُ لَهَا قِيَاسًا عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي أَحْدَاثِ الْجَامِعِ أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ سم.
(قَوْلُهُ وَاتَّجَهَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى انْدَفَعَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ جَامِعٍ) أَيْ: بَيْنَ أَبْنِيَةِ الْقَرْيَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَوْ أَحْدَثَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ ضَمِيرُ أَنَّهَا لِلْقِصَّةِ لَا لِلْجُمُعَةِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ صَغِيرَةً لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِأَهْلِهَا فَأُحْدِثَ بِهَا جَامِعٌ وَجَمَاعَةٌ بَعْدَ نَذْرِهِ وَاعْتِكَافِهِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَخَالِيَةٌ عَنْ التَّكَلُّفِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَضُرَّ الْخُرُوجُ لَهَا إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ لَهُ بَعْدَ فِعْلِهَا مَا وَرَدَ الْحَثُّ عَلَى طَلَبِهِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَالسُّنَّةِ الْبَعْدِيَّةِ وَالتَّسْبِيحَاتِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSيَصِحُّ عَلَى السَّقْفِ لَا تَحْتَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ بَلَّطَهُ) أَيْ: أَوْ سَمَّرَ فِيهِ دَكَّةً مِنْ خَشَبٍ أَوْ نَحْوِ سَجَّادَةٍ م ر.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) اسْتَوْجَهَهُ م ر أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْجَامِعُ أَوْلَى) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنْ أَوْلَوِيَّةِ الْجَامِعِ مَا لَوْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ غَيْرَهُ فَهُوَ أَوْلَى مَا لَمْ يَحْتَجْ لِلْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) كَذَا م ر.
(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ هَذَا الْإِكْرَاهِ بِاشْتِرَاطِ الْخُرُوجِ أَوْ الِاعْتِكَافِ فِي الْجَامِعِ فَقَدْ قَصَّرَ بَقِيَ مَا لَوْ اعْتَكَفَ فِي الْجَامِعِ لَكِنْ عَرَضَ بَعْدَ اعْتِكَافِهِ تَعْطِيلُ الْجُمُعَةِ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ الْخُرُوجُ لَهَا قِيَاسًا عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي إحْدَاثِ الْجَامِعِ أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ) وَجْهُهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ مُضْطَرٌّ لِلْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ وَلَا

الصفحة 465