كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 3)

وَإِلَّا جَازَ الذَّهَابُ لِلْأَسْبَقِ وَلَوْ أَبْعَدَ أَيْ:؛ لِأَنَّ سَبْقَهُ مُرَجِّحٌ لَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَهُ بِالْأَوْلَى مَا تَيَقَّنَ حِلُّ مَالِ بَانِيهِ وَأَرْضِهِ دُونَ ضِدِّهِ.

(وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ) فِيهِ لِحِلِّ تَغْيِيرِهِ وَالْمُكْثِ فِيهِ لِلْجُنُبِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَغْنَى عَنْ الْمَسْجِدِ لَمَا اعْتَكَفَ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ إلَّا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ وَحَيْثُ كُرِهَ لَهَا الْخُرُوجُ إلَيْهِ لِلْجَمَاعَةِ وَمَرَّ تَفْصِيلُهُ كُرِهَ الِاعْتِكَافُ فِيهِ.

(وَلَوْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فِي نَذْرِهِ الِاعْتِكَافَ تَعَيَّنَ) وَلَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لِزِيَادَةِ فَضْلِهِ وَالْمُضَاعَفَةِ فِيهِ؛ إذْ الصَّلَاةُ فِيهِ بِمِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفٍ ثَلَاثًا فِيمَا سِوَى الْمَسْجِدَيْنِ الْآتِيَيْنِ كَمَا أَخَذْته مِنْ الْأَحَادِيثِ وَبَسَطْته فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا وَلَوْ عَيَّنَهَا أَجْزَأَ عَنْهَا بَقِيَّةُ الْمَسْجِدِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ شُمُولِ الْمُضَاعَفَةِ لِلْكُلِّ وَقَالَ كَثِيرُونَ تَتَعَيَّنُ هِيَ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ (وَكَذَا) يَتَعَيَّنُ (مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ) وَهُوَ مَسْجِدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ مَا زِيدَ فِيهِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مَرْدُودٌ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي الْحَاشِيَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْخَبَرِ أَشَارَ فَقَالَ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا» فَلَمْ يَتَنَاوَلْ مَا حَدَثَ بَعْدَهَا وَفِي الْأَوَّلِ عَبَّرَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالزِّيَادَةُ تُسَمَّى بِذَلِكَ (وَالْأَقْصَى فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُمَا تُشَدُّ إلَيْهِمَا الرِّحَالُ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَا يَتَعَيَّنُ غَيْرُ الثَّلَاثَةِ بِالتَّعْيِينِ لَكِنَّ الْمُعَيَّنَ أَوْلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَحَلِّ اعْتِكَافِهِ لِلْجُمُعَةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُمْكِنُ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ فِيهِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَإِنْ فَوَّتَ التَّبْكِيرَ؛ لِأَنَّ فِي الِاعْتِكَافِ جَابِرًا لَهُ ع ش وَقَوْلُهُ وَإِنْ فَوَّتَ إلَخْ فِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اسْتَظْهَرَهُ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ الذَّهَابُ لِلْأَسْبَقِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَازَ التَّعَدُّدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ صَحِيحَةٌ فِي السَّابِقَةِ اتِّفَاقًا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا ع ش.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَخْ) وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مَكَانُ صَلَاتِهَا كَمَا أَنَّ الْمَسْجِدَ مَكَانُ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَخْتَصُّ بِمَوْضِعٍ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ اعْتِكَافِهَا فِي بَيْتِهَا يَكُونُ الْمَسْجِدُ لَهَا أَفْضَلَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ) أَيْ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْقَدِيمُ سم (قَوْلُهُ لَمَّا اعْتَكَفَ إلَخْ) قَدْ تُمْنَعُ الْمُلَازَمَةُ (قَوْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ.
(قَوْلُهُ كُرِهَ الِاعْتِكَافُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ يُسَنُّ الِاعْتِكَافُ لِلْعَجُوزِ فِي ثِيَابِ بِذْلَتِهَا وَيُكْرَهُ لِلشَّابَّةِ مُطْلَقًا وَلِغَيْرِهَا إنْ كَانَتْ مُتَجَمِّلَةً وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا عِنْدَ ظَنِّ الْفِتْنَةِ وَمَعَ كَوْنِهِ مَكْرُوهًا أَوْ مُحَرَّمًا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَلِذَلِكَ انْعَقَدَ نَذْرُهَا بِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ اهـ.
(قَوْلُهُ كُرِهَ الِاعْتِكَافُ فِيهِ) كَأَنْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ سم.

(قَوْلُهُ وَالْمُضَاعَفَةُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَضْلُهُ (قَوْلُهُ: إذْ الصَّلَاةُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْمُضَاعَفَةِ بِالصَّلَاةِ فَقَطْ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ شَيْخُنَا الْحَلَبِيُّ فِي سِيرَتِهِ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ عَدَمُ اخْتِصَاصِ الْمُضَاعَفَةِ بِهَا بَلْ تَشْمَلُ جَمِيعَ الطَّاعَاتِ فَلْيُرَاجَعْ ع ش وَيَأْتِي عَنْ الْبَصْرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَسَتَأْتِي) أَيْ: فِي شَرْحٍ وَلَا عَكْسَ (وَقَوْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ: الْأَخْذِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) إلَى قَوْلِهِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ: بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِي النَّذْرِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ زِيَادَةُ الْفَضْلِ وَأَجْزَاءُ الْمَسْجِدِ كُلُّهَا مُتَسَاوِيَةٌ فِي أَدَاءِ الْمَنْذُورِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ جُزْءٌ مِنْهُ بِالتَّعْيِينِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا) أَيْ: كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَعَلَيْهِ لَا يَتَعَيَّنُ جُزْءٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بِالتَّعْيِينِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا شَامِلٌ لِمَا زِيدَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ بَعْدَ عِبَارَةِ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ وَالْمَسْجِدُ حَوْلَهَا لَعَلَّ التَّخْصِيصَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا نِيطَ بِلَفْظِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ الْمُضَاعَفَةِ بِمِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفٍ أَمَّا الْمُضَاعَفَةُ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَلَا لِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ فَتَنَبَّهْ لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَيَّنَهَا) أَيْ: الْكَعْبَةَ.
(قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِيهَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَسْجِدُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْأَوَّلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَاعْتَرَضَ إلَى وَالْفَرْقُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَسْجِدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) مُعْتَمَدٌ بَقِيٍّ أَنَّهُ هَلْ مَحَلُّ تَعَيُّنِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا إذَا عَيَّنَهُ كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ أَوْ أَرَادَ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ لَفْظًا وَنِيَّةً فَلَا يَتَعَيَّنُ لِصِدْقِهِ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي حُكْمُهَا كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ لِعَدَمِ الْمُضَاعَفَةِ فِيهَا سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَضْلُ الْمَذْكُورُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُ النَّاذِرِ؛ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ تَخْصِيصِهِ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ بِالذِّكْرِ إنَّمَا هُوَ لِإِرَادَةِ زِيَادَةِ الثَّوَابِ ع ش.
(قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَرَأَى جَمَاعَةٌ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ وَأَنَّهُ لَوْ وُسِّعَ مَهْمَا وُسِّعَ فَهُوَ مَسْجِدُهُ كَمَا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ إذَا وُسِّعَ فَتِلْكَ الْفَضِيلَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَرَأَى جَمَاعَةٌ إلَخْ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ إذَا وَسَّعَ إلَخْ أَيْ: مَا لَمْ يَصِلْ إلَى الْحِلِّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْأَوَّلِ عَبَّرَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) قَدْ يُقَالُ هُنَا أَيْضًا فِيهِ إشَارَةٌ بِاللَّامِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْأَصَحُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَحَصَلَ إلَى وَيَتَعَيَّنُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَبَحَثَ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ) أَيْ: كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُهُ وَيُشْعِرُ أَيْضًا تَعْبِيرُهُ بِالِاعْتِكَافِ أَنَّهُ إنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هِيَ أَوْلَى بِالتَّعْيِينِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَقْصِيرَ مِنْهُ فِي نَذْرِ مُدَّةٍ تَخَلَّلَهَا جُمُعَةٌ لِئَلَّا يَنْسَدَّ بَابُ الِاسْتِكْثَارِ مِنْ الْخَيْرِ وَالْمُبَادَرَةِ إلَيْهِ وَالْحِرْصِ عَلَى حُصُولِهِ بِالْتِزَامِهِ فَانْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِنَذْرِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ.

. (قَوْلُهُ وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ) أَيْ: فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْقَدِيمُ (قَوْلُهُ كُرِهَ الِاعْتِكَافُ فِيهِ) كَانَ يُمْكِنُ الْفَرْقُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَسْجِدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ مَا زِيدَ فِيهِ) بَقِيَ أَنَّهُ هَلْ مَحَلُّ تَعَيُّنِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا إذَا عَيَّنَهُ كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ أَوْ أَرَادَ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً فَلَا يَتَعَيَّنُ لِصِدْقِهِ

الصفحة 466