كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 3)

أَوْ أَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا فَلَوْ شَرَعَ فِي الِاعْتِكَافِ صَائِمًا ثُمَّ أَفْطَرَ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُمَا وَلَوْ قَالَ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمَ الْعِيدِ صَائِمًا وَجَبَ اعْتِكَافُهُ وَلَغَا قَوْلُهُ صَائِمًا وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ يَكْفِي يَوْمَ الصَّوْمِ اعْتِكَافُهُ لَحْظَةً فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِغْرَاقُهُ بِالِاعْتِكَافِ لِإِمْكَانِ تَبْعِيضِهِ وَاللَّفْظُ صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ.

(وَيُشْتَرَطُ) فِي ابْتِدَاءِ الِاعْتِكَافِ لَا دَوَامِهِ لِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ مَعَ عَزْمِ الْعَوْدِ (نِيَّةُ الِاعْتِكَافِ) ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَأَرَادَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ؛ إذْ هِيَ رُكْنٌ فِيهِ كَمَا مَرَّ (وَيَنْوِي) وُجُوبًا (فِي) الِاعْتِكَافِ أَوْ غَيْرِهِ (النَّذْرَ) أَيْ: الْمَنْذُورَ النَّذْرَ أَوْ (الْفَرْضِيَّةَ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ التَّطَوُّعِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ سَبَبَهَا وَهُوَ النَّذْرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.

(وَإِذَا) (أَطْلَقَ) الِاعْتِكَافَ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مُدَّةً (كَفَتْهُ نِيَّتُهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافِ (وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ) لِشُمُولِ النِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لِذَلِكَ (لَكِنْ لَوْ خَرَجَ) غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى الْعَوْدِ (وَعَادَ احْتَاجَ إلَى الِاسْتِئْنَافِ) لِلنِّيَّةِ حَتَّى يَصِيرَ مُعْتَكِفًا بَعْدَ عَوْدِهِ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى عِبَادَةٌ فَانْتَهَتْ بِالْخُرُوجِ وَلَوْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَمَّا إذَا خَرَجَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكُلًّا فِعْلٌ سم.
(قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَهُوَ الْأَوْجَهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) أَيْ: فِيمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا إلَخْ ع ش عِبَارَةُ سم يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا فِي كُلِّ مَنْ أَصُومُ مُعْتَكِفًا أَوْ أَعْتَكِفُ صَائِمًا اهـ.
(قَوْلُهُ اعْتِكَافُ لَحْظَةٍ إلَخْ) أَيْ: فَلَوْ مَكَثَ زِيَادَةً عَلَيْهَا هَلْ تَقَعُ الزِّيَادَةُ وَاجِبَةً أَوْ مَنْدُوبَةً فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ مَسَحَ جَمِيعَ الرَّأْسِ أَوْ طَوَّلَ الرُّكُوعَ فَإِنَّ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ يَقَعُ مَنْدُوبًا بِأَنَّ ذَاكَ خُوطِبَ فِيهِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ كَمِقْدَارِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ فَمَا زَادَ عَلَى مِقْدَارِهَا مُتَمَيِّزٌ يُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ وَمَا هُنَا خُوطِبَ فِيهِ بِالِاعْتِكَافِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْيَسِيرِ يَتَحَقَّقُ فِيمَا زَادَ فَلْيُتَأَمَّلْ ع ش وَلِذَا قَالُوا هُنَاكَ وَاللَّفْظُ يَصْدُقُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَقَوْلُهُ بِأَنَّ ذَاكَ خُوطِبَ فِيهِ إلَخْ أَيْ خِطَابَ إيجَابٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِغْرَاقُهُ إلَخْ) نَعَمْ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ جَعَلَ الْيَوْمَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ نِهَايَةٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ: سَوَاءٌ الْمَنْذُورُ وَغَيْرُهُ تَعَيَّنَ زَمَانُهُ أَمْ لَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ) زِيَادَةُ هَذَا لَا تُنَاسِبُ السِّيَاقَ وَإِنْ صَحَّ الْحُكْمُ سم.
(قَوْلُهُ النَّذْرَ إلَخْ) مَفْعُولٌ يَنْوِي.
(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ إلَخْ) هَذَا الْإِطْلَاقُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَغَيْرُهُ سم.
(قَوْلُهُ أَنْ يُعَيِّنَ سَبَبَهَا إلَخْ) وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فَائِتٌ وَمَنْذُورٌ غَيْرُ فَائِتٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي التَّعَرُّضِ لِلْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ دَخَلَ فِي الِاعْتِكَافِ ثُمَّ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهُ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ) أَيْ: فَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ تَعْيِينِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ النَّذْرُ فَلَوْ قَالَ فِي نِيَّتِهِ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ لَمْ يَكْفِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِهِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الضُّحَى أَوْ الْعِيدَ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ فِي نِيَّتِهِ نَوَيْت صَلَاةَ الْعِيدِ أَوْ الضُّحَى الْمَفْرُوضَةَ كَفَاهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فَرْضِيَّةَ الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالنَّذْرِ ع ش.

. (قَوْلُهُ وَإِذَا أُطْلِقَ الِاعْتِكَافُ) شَامِلٌ لِلْوَاجِبِ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ وَأَطْلَقَ ثُمَّ أَطْلَقَ نِيَّتَهُ سم.
(قَوْلُهُ الِاعْتِكَافُ) أَيْ نِيَّةُ الِاعْتِكَافِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَيْ الِاعْتِكَافِ) أَيْ: مُطْلَقُ الِاعْتِكَافِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ) وَيَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِلَحْظَةٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فِي وُقُوعِهِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا مَا قَدَّمْنَاهُ وَالْأَحْوَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ فِي نَذْرِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَا دُمْت فِيهِ ثُمَّ يَنْوِي الِاعْتِكَافَ الْمَنْذُورَ فَيَكُونُ مُتَعَلَّقُ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَمْكُثُهَا ع ش أَقُولُ قَوْلُهُمْ لِشُمُولِ النِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لِذَلِكَ كَالصَّرِيحِ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَعَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا خَرَجَ عَازِمًا إلَخْ) وَلَوْ نَوَى بَعْدَ خُرُوجِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَطْعَ الِاعْتِكَافِ فَهَلْ يَنْقَطِعُ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الِاعْتِكَافُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا غَيْرُ مُعْتَكِفٍ حَالَ خُرُوجِهِ يَتَّجِهُ الِانْقِطَاعُ ثُمَّ تَذَكَّرْت أَنَّ رَفْضَ نِيَّةِ الصَّوْمِ قَبْلَ الْفَجْرِ يُبْطِلُهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِانْقِطَاعِ هُنَا بِجَامِعِ تَقَدُّمِ النِّيَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ فِيهِمَا وَرَفْضُهَا قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا سم (قَوْلُهُ عَلَى الْعَوْدِ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ الِاعْتِكَافِ نِهَايَةٌ أَيْ: بِخِلَافِ الْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ بِدُونِ مُلَاحَظَةِ الِاعْتِكَافِ فَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSبِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا فِعْلٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا) أَيْ: حَيْثُ لَا يَلْزَمُ جَمْعُهُمَا (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَكْفِي يَوْمَ الصَّوْمِ اعْتِكَافُ لَحْظَةٍ) يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ فِي كُلٍّ مِنْ أَصُومَ مُعْتَكِفًا أَوْ أَعْتَكِفُ صَائِمًا.

. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) زِيَادَةُ هَذَا لَا تُنَاسِبُ السِّيَاقَ وَإِنْ صَحَّ الْحُكْمُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ سَبَبَهَا إلَخْ) هَذَا الْإِطْلَاقُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ أَوْ غَيْرِهِ.

. (قَوْلُهُ الِاعْتِكَافُ) شَامِلٌ لِلْوَاجِبِ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ وَأَطْلَقَ ثُمَّ أَطْلَقَ نِيَّتَهُ.
(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا خَرَجَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ) لَوْ نَوَى بَعْدَ خُرُوجِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَطْعَ الِاعْتِكَافِ فَهَلْ يَنْقَطِعُ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الِاعْتِكَافُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا غَيْرُ مُعْتَكِفٍ حَالَ خُرُوجِهِ يُتَّجَهُ الِانْقِطَاعُ ثُمَّ تَذَكَّرْت أَنَّ رَفْضَ نِيَّةِ الصَّوْمِ قَبْلَ الْفَجْرِ يُبْطِلُهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِانْقِطَاعِ هُنَا بِجَامِعِ تَقَدُّمِ النِّيَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ فِيهِمَا وَرَفْضُهَا قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا وَالِاعْتِكَافُ نَظِيرُ الصَّوْمِ فِي أَنَّ كُلًّا لَا يَنْقَطِعُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا خَرَجَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ) أَيْ: لِلِاعْتِكَافِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ وُجِدَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَخْ؛ إذْ لَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ مَنْوِيَّةً قَبْلَ الْخُرُوجِ وَلَا يَكُونُ كَمَا قَالُوهُ فِيمَنْ نَوَى فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ إلَخْ إلَّا إذَا عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ لِلِاعْتِكَافِ بِخِلَافِ الْعَزْمِ عَلَى مُجَرَّدِ الْعَوْدِ بِدُونِ مُلَاحَظَةِ الِاعْتِكَافِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت م ر وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ الِاعْتِكَافِ شَرْحُ م ر

الصفحة 471