كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 3)

(وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ بِلَا شَرْطٍ) وَإِنْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّ مُطْلَق الزَّمَنِ كَأُسْبُوعٍ أَوْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ صَادِقٌ بِالْمُتَفَرِّقِ أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ تُؤَثِّرْ النِّيَّةُ فِيهِ كَمَا لَا تُؤَثِّرُ فِي أَصْلِ النَّذْرِ وَأَنْ نُوزِعَ فِيهِ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ التَّوَالِي فِي لَا أُكْمِلُهُ شَهْرًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْيَمِينِ الْهَجْرُ وَلَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ التَّتَابُعِ وَلَوْ شَرَطَ التَّفْرِيقَ أَجْزَأَ عَنْهُ التَّتَابُعَ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَفَارَقَ نَذْرَ التَّفْرِيقِ فِي الصَّوْمِ بِمَا يَأْتِي فِيهِ (وَ) الصَّحِيحُ وَفِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا مُنْشَؤُهُ اخْتِلَافُ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَرْجَحِيَّةِ فَعِنْدَ التَّعَارُضِ يَرْجِعُ إلَى تَأَمُّلِ الْمُدْرَكِ (أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ) مِنْ أَيَّامٍ بَلْ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَيْ: بِحَيْثُ يُقَارِنُ لُبْثَهُ أَوَّلَ الْفَجْرِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَيْ: عَقِبَهُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ هُوَ الِاتِّصَالُ فَلَوْ دَخَلَ الظُّهْرُ وَمَكَثَ إلَى الظُّهْرِ وَلَمْ يَخْرُجْ لَيْلًا لَمْ يُجْزِئْهُ كَمَا رَجَّحَاهُ وَإِنْ نُوزِعَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِيَوْمٍ مُتَوَاصِلِ السَّاعَاتِ وَاللَّيْلَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْيَوْمِ فَإِنْ قَالَ نَهَارًا نَذَرْته مِنْ الْآنَ لَزِمَهُ مِنْهُ إلَى مِثْلِهِ وَدَخَلَتْ اللَّيْلَةُ تَبَعًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً أَوْ عَكْسَهُ فَإِنْ عَيَّنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِثْلُهُ (قَوْلُهُ التَّتَابُعُ) إلَى قَوْلِهِ فَلَوْ دَخَلَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقَدْ مَرَّ إلَى الْمَتْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ) لَكِنْ يُسَنُّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُؤَثِّرْ النِّيَّةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْرِطْ التَّتَابُعَ لَا يَجِبُ وَإِنْ نَوَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا قَالَاهُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ كَأَصْلِ النَّذْرِ وَإِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ اللُّزُومَ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ إذَا نَوَى اعْتِكَافَ اللَّيَالِي الْمُتَخَلِّلَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ مَعَ أَنَّ فِيهِ وَقْتًا زَائِدًا فَوُجُوبُ التَّتَابُعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَصْفٍ أُجِيبَ بِأَنَّ التَّتَابُعَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ اللَّيَالِي بِالنِّسْبَةِ لِلْأَيَّامِ أَيْ: وَبِالْعَكْسِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ إيجَابُ غَيْرِهِ بِهَا اهـ.
وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ فَعُلِمَ أَنَّ نِيَّةَ التَّتَابُعِ تُوجِبُ اللَّيَالِيَ الْمُتَخَلِّلَةَ دُونَ نَفْسِ التَّتَابُعِ فَإِذَا نَذَرَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَنَوَى تَتَابُعَهَا جَازَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مُتَفَرِّقَةً فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ قَضِيَّتُهُ وُجُوبُ اللَّيَالِي بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ لِلْأَيَّامِ وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ اللَّيَالِي وَقَوْلُهُ م ر قَبْلُ لَمْ تَلْزَمْهُ اللَّيَالِي حَتَّى يَنْوِيَهَا ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ هُنَا بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ التَّتَابُعُ اللَّازِمُ لِنِيَّةِ اللَّيَالِي لَا التَّتَابُعِ الْمَعْنَوِيِّ بِمُجَرَّدِهِ اهـ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ مَا قَالَهُ سم؛ إذْ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ لُزُومِ التَّتَابُعِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَعَ لَيَالِيهَا (قَوْلُهُ كَمَا لَا تُؤَثِّرُ إلَخْ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ.
(قَوْلُهُ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي رَدِّ نِزَاعِ خِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ بِمَا يَأْتِي فِيهِ) أَيْ: مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ يَجِبُ فِيهِ التَّفْرِيقُ فِي حَالَةٍ وَهِيَ صَوْمُ التَّمَتُّعِ فَكَانَ مَطْلُوبًا فِيهِ التَّفْرِيقُ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ التَّفْرِيقُ أَصْلًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ فَعِنْدَ التَّعَارُضِ) أَيْ: تَعَارُضِ الِاجْتِهَادِ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى قَدْرَ الْيَوْمِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى يَوْمًا كَامِلًا وَجَبَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ نَوَى قَدْرَ الْيَوْمِ اكْتَفَى بِهِ وَلَوْ مِنْ أَيَّامٍ وَبَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الدَّجَّالِ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِأَنْ يُقَدِّرَ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ خُرُوجِهِ كَمِائَةِ دَرَجَةٍ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْيَوْمِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ أَيَّامِهِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْعُهْدَةِ وَلَوْ بِآخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ع ش.
(قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ إلَخْ) وَعِنْدَ الْأَكْثَرِينَ يُجْزِئُ لِحُصُولِ التَّتَابُعِ بِالْبَيْتُوتَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ) إلَى قَوْلِهِ وَرَجَّحَ غَيْرُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُوَجَّهُ إلَى أَمَّا لَوْ شَرَطَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ إلَخْ) الْأَوْلَى الْوَاوُ بَدَلُ الْفَاءِ.
(قَوْلُهُ نَهَارًا نَذَرَتْهُ مِنْ الْآنَ) لَيْسَ هَذَا التَّصْوِيرُ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ أَوَّلُهُ الظُّهْرُ مَثَلًا كَانَ كَذَلِكَ إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا إذَا قَالَ نَذَرْت يَوْمًا مِنْ الْآنَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ نَذَرْت هَذَا الْيَوْمَ وَالنَّهَارَ مِنْ الْآنَ فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَى الْمَغْرِبِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ مِنْهُ إلَى مِثْلِهِ إلَخْ) أَيْ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لَيْلًا بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَذَرَتْ اعْتِكَافَ يَوْمٍ إلَخْ) وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ لَيْلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَيُسَنُّ كَمَا فِي.
ـــــــــــــــــــــــــــــSاللَّيَالِي حَتَّى يَنْوِيَهَا كَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ أَيْ: لَا يَلْزَمُ ضَمُّ اللَّيْلَةِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا اهـ فَعُلِمَ دُخُولُ اللَّيَالِي بِشَرْطِ التَّتَابُعِ وَبِنِيَّتِهِ وَبِنِيَّةِ اللَّيَالِي وَإِذَا نَوَى اللَّيْلَةَ فِي نَذْرِ يَوْمٍ فَالْمُتَّجَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنَّهَا السَّابِقَةُ عَلَيْهِ وَظَاهِرٌ فِيمَا إذَا نَوَى التَّتَابُعَ أَوْ شَرَطَهُ فِي نَحْوِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَنَّهُ لَا تَجِبُ لَيْلَةُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَاهُ) كَذَا م ر.
(قَوْلُهُ وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ) مِنْ جُمْلَةِ النِّزَاعِ فِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّاجِحُ إيجَابَ اللَّيَالِي بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا مَعَ أَنَّ فِيهِ وَقْتًا زَائِدًا فَوُجُوبُ التَّتَابُعِ بِالنِّيَّةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَصْفٍ وَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ التَّتَابُعَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الزَّمَنِ الْمَنْذُورِ بِخِلَافِ اللَّيَالِي بِالنِّسْبَةِ لِلْأَيَّامِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ إيجَابُ غَيْرِهِ بِهَا اهـ فَعُلِمَ أَنَّ نِيَّةَ التَّتَابُعِ تُوجِبُ اللَّيَالِيَ الْمُتَخَلِّلَةَ دُونَ نَفْسِ التَّتَابُعِ فَإِذَا نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَنَوَى تَتَابُعَهَا جَازَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مُتَفَرِّقَةً فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ التَّفْرِيقَ أَجْزَأَ عَنْهُ التَّتَابُعُ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ نَوَى أَيَّامًا مُعَيَّنَةً كَسَبْعَةِ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوَّلُهَا غَدٌ تَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِتَعَيُّنِ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ بِالتَّعْيِينِ وَمَا قَالَاهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَتِهِمَا مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ تُؤَثِّرُ كَاللَّفْظِ وَقَدْ عُرِفَ مَا فِيهِ اهـ قَالَ م ر الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَاهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِئْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَعَنْ الْأَكْثَرِينَ الْإِجْزَاءُ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ خِلَافُهُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْوَجْهُ فَعَلَيْهِ لَا اسْتِثْنَاءَ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ) مِنْ

الصفحة 477