كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 3)

وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ السِّقَايَةِ يُكَلَّفُهَا (وَلَا يَضُرُّ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ) يَكُونَ لَهُ دَارٌ أَقْرَبَ مِنْهَا أَوْ (يَفْحُشَ) الْبُعْدُ (فَيَضُرُّ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ فِي عَوْدِهِ أَيْضًا إلَى الْبَوْلِ فَيُمْضِي يَوْمَهُ فِي التَّرَدُّدِ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا أَوْ وَجَدَ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ لَمْ يَضُرَّ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ ضَابِطَ الْفُحْشِ أَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرُ الْوَقْتِ الْمَنْذُورِ فِي التَّرَدُّدِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ.

(وَلَوْ) (عَادَ مَرِيضًا) أَوْ زَارَ قَادِمًا (فِي طَرِيقِهِ) لِنَحْوِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (لَمْ يَضُرَّ مَا لَمْ يَطُلْ وُقُوفُهُ) فَإِنْ طَالَ بِأَنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَيْ: أَقَلَّ مُجْزِئٍ مِنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ ضَرَّ أَمَّا قَدْرُهَا فَيُحْتَمَلُ لِجَمِيعِ الْأَغْرَاضِ (أَوْ) لَمْ (يَعْدِلْ عَنْ طَرِيقِهِ) فَإِنْ عَدَلَ ضَرَّ وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَمُرُّ بِالْمَرِيضِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَيَمُرُّ كَمَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْهُ وَلَا يَعْرُجُ» وَلَهُ صَلَاةٌ عَلَى جِنَازَةٍ إنْ لَمْ يَنْتَظِرْ وَلَا عَرَجَ إلَيْهَا وَهَلْ لَهُ تَكْرِيرُ هَذِهِ كَالْعِيَادَةِ عَلَى مَوْتَى أَوْ مَرْضَى مَرَّ بِهِمْ فِي طَرِيقِهِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَخْذًا مِنْ جَعْلِهِمْ قَدْرَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَعْفُوًّا عَنْهُ لِكُلِّ غَرَضٍ فِي حَقِّ مَنْ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ لَا يَفْعَلُ إلَّا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا فِعْلَهُ لِنَحْوِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَوَقَعَ تَابِعًا لَا مَقْصُودًا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ نَحْوِ الْعِبَادَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَزِيَارَةِ الْقَادِمِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَمَعْنَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ كُلًّا عَلَى حِدَتِهِ تَابِعٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ فَلَا نَظَرَ لِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ الْمُقْتَضِي لِطُولِ الزَّمَنِ وَنَظِيرِهِ مَا مَرَّ فِيمَنْ عَلَى بَدَنِهِ دَمٌ قَلِيلٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَتَكَرَّرَ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ فَهَلْ يُقَدَّرُ الِاجْتِمَاعُ حَتَّى يَضُرَّ أَوْ لَا حَتَّى يَسْتَمِرَّ الْعَفْوُ فِيهِ خِلَافٌ لَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ هُنَا وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِلصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ مَا لَا يَحْتَاطُ هُنَا وَأَيْضًا فَمَا هُنَا فِي التَّابِعِ وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ.

(وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِمَرَضٍ) وَمِنْهُ جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ (يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ) بِأَنْ خَشِيَ تَنَجُّسَ الْمَسْجِدِ أَوْ احْتَاجَ إلَى فَرْشٍ وَخَادِمٍ وَمِثْلُهُ خَوْفُ حَرِيقٍ وَسَارِقٍ بِخِلَافِ نَحْوِ صُدَاعٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ) الْأَوْلَى وَمَعَ إلَخْ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ السِّقَايَةِ إلَخْ) وَكَذَا إذَا كَانَتْ السِّقَايَةُ مَصُونَةً مُخْتَصَّةً بِالْمَسْجِدِ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا أَهْلُ ذَلِكَ الْمَكَانِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يَضُرُّ بُعْدُهَا) أَيْ: دَارِهِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الْمَسْجِدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ دَارٌ أَقْرَبُ إلَخْ) هَلْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَتْ الْأَقْرَبَ لِزَوْجَةٍ أُخْرَى غَيْرِ ذَاتِ الْيَوْمِ وَقَدْ يُقَالُ دُخُولُهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَهُوَ لِوَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ سم (قَوْلُهُ أَنْ يَذْهَبَ أَكْثَرَ الْوَقْتِ) أَيْ: الَّذِي نَذَرَ اعْتِكَافَهُ زِيَادِيٌّ اهـ ع ش وَرَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا كَأَنْ يَكُونَ وَقْتُ الِاعْتِكَافِ يَوْمًا فَيَذْهَبُ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى ثُلُثُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ زَارَ قَادِمًا) إلَى قَوْلِهِ وَهَلْ لَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ: أَقَلَّ مُجْزِئٍ إلَى ضَرَّ وَقَوْلُهُ أَمَّا قَدْرُهَا إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ لِنَحْوِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ: كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (مَا لَمْ يَطُلْ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَقِفْ أَصْلًا أَوْ وَقَفَ يَسِيرًا كَأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى السَّلَامِ وَالسُّؤَالِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وُقُوفُهُ) هَلْ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْوُقُوفِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ سم عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَالْمُرَادُ بِالْوُقُوفِ الْمُكْثُ وَلَوْ كَانَ قَاعِدًا اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ زَادَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فَإِنْ طَالَ وُقُوفُهُ عُرْفًا ضَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ زَادَ) إلَى الْمَتْنِ نَقَلَهُ ع ش عَنْهُ وَأَقَرَّهُ.
(قَوْلُهُ أَيْ أَقَلُّ مُجْزِئٍ مِنْهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ الْمُعْتَدِلَةِ قَالَ الْكُرْدِيُّ وَكَذَلِكَ الْإِمْدَادُ وَعَبَّرَ فِي التُّحْفَةِ بِأَقَلَّ مُجْزِئٍ إلَخْ وَأَطْلَقَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ لَهُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ لَمْ يَعْدِلْ إلَخْ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ بَصْرِيٌّ أَيْ: كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمَنْهَجُ وَبَافَضْلٍ وَيُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِالشَّرْطَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (عَنْ طَرِيقِهِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ الْمَرِيضُ أَوْ الْقَادِمُ فِيهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَدَلَ) أَيْ: بِأَنْ يَدْخُلَ مُنْعَطِفًا غَيْرَ نَافِذٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الْعَوْدِ مِنْهُ إلَى طَرِيقِهِ فَإِنْ كَانَ نَافِذًا لَمْ يَضُرَّ قَلْيُوبِيٌّ وَلَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ الثَّانِي أَطْوَلَ مِنْ الْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَلَهُ إلَخْ) أَيْ: لِمَنْ خَرَجَ لِنَحْوِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ وَهَلْ لَهُ) إلَى الْمَتْنِ نَقَلَهُ ع ش عَنْهُ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ كَالْعِيَادَةِ) الْأَوْلَى أَوْ الْعِيَادَةُ.
(قَوْلُهُ بِالشَّرْطَيْنِ إلَخْ) وَهُمَا عَدَمُ طُولِ الْوُقُوفِ وَعَدَمُ الْعُدُولِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا م ر اهـ.
(قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ التَّكْرِيرِ وَالْجَمْعِ (قَوْلُهُ فِيمَنْ عَلَى بَدَنِهِ دَمٌ قَلِيلٌ إلَخْ) إنْ كَانَ الْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْأَجْنَبِيِّ فَالصَّحِيحُ الْعَفْوُ عَنْ الْكَثِيرِ اجْتَمَعَ أَوْ تَفَرَّقَ سم.

قَوْلُ الْمَتْنِ (بِمَرَضٍ إلَخْ) أَيْ: بِخُرُوجِهِ لَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ إغْمَاءٌ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ بَصْرِيٍّ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ خَشِيَ) إلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَإِنْ أَخْرَجَ إلَى الْمَتْنِ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ خَشِيَ تَنَجُّسَ الْمَسْجِدِ) أَيْ بِنَحْوِ إسْهَالٍ وَإِدْرَارٍ وَ (قَوْلُهُ إلَى فَرْشٍ إلَخْ) أَيْ وَتَرَدُّدِ طَبِيبٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ تَنَجُّسَ الْمَسْجِدِ) أَيْ: أَوْ اسْتِقْذَارَهُ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ (خَوْفُ حَرِيقٍ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ زَالَ خَوْفُهُ عَادَ لِمَكَانِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ مَسْجِدًا قَرِيبًا يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ نِهَايَةٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَمَّا هِيَ فَلَا يَكْفِي اعْتِكَافُهُ فِي غَيْرِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ صُدَاعٍ) أَيْ فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ لَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ خَفِيفَةٌ) رَاجِعٌ لِنَحْوِ صُدَاعٍ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ دَارٌ أَقْرَبُ مِنْهَا) هَلْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَتْ الْأَقْرَبَ لِزَوْجَةٍ أُخْرَى غَيْرِ ذَاتِ الْيَوْمِ وَقَدْ يُقَالُ دُخُولُهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَهُوَ لِوَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ.

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ مَا لَمْ يَطُلْ وُقُوفُهُ) هَلْ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْوُقُوفِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا لَمْ يَطُلْ مُكْثُهُ.
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) إيرَادُ هَذَا الْخَبَرِ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ اعْتِكَافَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ مَنْذُورًا مُتَتَابِعًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا لَكِنَّهُ أَحَبَّ تَتَابُعَهُ (قَوْلُهُ فِيمَنْ عَلَى بَدَنِهِ دَمٌ قَلِيلٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَتَكَرَّرَ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ إلَخْ) إنْ كَانَ الْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْأَجْنَبِيِّ فَالصَّحِيحُ الْعَفْوُ عَنْ الْكَثِيرِ اجْتَمَعَ أَوْ تَفَرَّقَ.

. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ خَوْفُ حَرِيقٍ وَسَارِقٍ) فَإِنْ زَالَ خَوْفُهُ عَادَ لِمَكَانِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ

الصفحة 481