كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 4)

لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَمَا لَوْ زَعَمَ أَحَدُ مُتَصَالِحَيْنِ وُقُوعَ صُلْحِهِمَا عَلَى إنْكَارٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ أَيْ مَعَ قُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ وَزِيَادَةِ شُيُوعِهِ وَوُقُوعِهِ.
وَبِهِ يَنْدَفِعُ إيرَادُ صُوَرٍ الْغَالِبُ فِيهَا وُقُوعُ الْمُفْسِدِ الْمُدَّعَى وَمَعَ ذَلِكَ صَدَّقُوا مُدَّعِي الصِّحَّةَ فِيهَا وَمَا لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ عَقَدَ، وَبِهِ نَحْوُ صِبًا أَمْكَنَ، أَوْ جُنُونٌ، أَوْ حَجْرٌ وَعُرِفَ لَهُ ذَلِكَ فَيُصَدَّقُ فِيمَا عَدَا النِّكَاحَ بِيَمِينِهِ أَيْضًا وَإِنْ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِضِدِّهِ لِوُقُوعِهِ حَالَ نَقْصِهِ كَذَا قِيلَ، وَرُدَّ بِقَوْلِ الْبَيَانِ لَوْ أَقَرَّ بِالِاحْتِلَامِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَهَبَ فِي مَرَضِهِ شَيْئًا فَادَّعَتْ وَرَثَتُهُ غَيْبَةَ عَقْلِهِ حَالَ الْهِبَةِ لَمْ يُقْبَلُوا إلَّا إنْ عُلِمَ لَهُ غَيْبَةٌ قَبْلَ الْهِبَةِ وَادَّعَوْا اسْتِمْرَارَهَا إلَيْهَا وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْبَيِّنَةِ بِغَيْبَةِ الْعَقْلِ إنْ تَبَيَّنَ مَا غَابَ بِهِ أَيْ: لِئَلَّا تَكُونَ غَيْبَتُهُ بِمَا يُؤَاخَذُ بِهِ كَسُكْرٍ تَعَدَّى بِهِ وَمَا لَوْ اشْتَرَى نَحْوَ مَغْصُوبٍ وَقَالَ كُنْت أَظُنُّ الْقُدْرَةَ فَبَانَ عَجْزِي فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِاعْتِضَادِهِ بِالْغَصْبِ وَمَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ نِكَاحَهَا بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَمِنْ ثَمَّ يُصَدَّقُ مُنْكِرُ أَصْلِ نَحْوِ الْبَيْعِ، وَلَوْ أَتَى الْمُشْتَرِي بِخَمْرٍ، أَوْ بِمَا فِيهِ فَأْرَةٌ وَقَالَ قَبَضْته كَذَلِكَ فَأَنْكَرَ الْمُقَبِّضُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ فَرَّغَهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَظَهَرَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَادَّعَى كُلٌّ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ صِدْقُهُ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِلصِّحَّةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ وَالْأَصْلُ أَيْضًا بَرَاءَةُ الْبَائِعِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ السَّلَمِ إذَا اخْتَلَفَا هَلْ قَبَضَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ إنْ كَانَ مَالُ كُلٍّ بِيَدِهِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ، وَإِلَّا فَصَاحِبُهُ ضَعِيفٌ وَيَجْرِي هَذَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ فِي الرِّبَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ، أَوْ بَعْدَهُ

(وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا) مُعَيَّنًا (فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ) مَثَلًا (لِيَرُدّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ صُدِّقَ الْبَائِعُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَكُونُ الْمَبِيعُ الْعُشْرُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ذَرْعُهَا عَشَرَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ: إرَادَتُهُ الْمُعَيَّنَ (قَوْلُهُ: عَلَى إنْكَارِ) أَيْ: لِيُفْسِدَ الصُّلْحَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: وُقُوعُ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ أَيْ: فِي صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ) أَيْ: بِقَوْلِهِ مَعَ قُوَّةِ الْخِلَافِ إلَخْ اهـ كُرْدِيٌّ وَقَوْلُهُ الْمُدَّعَى بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ نَعْتٌ لِلْمُفْسِدِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ: مَعَ غَلَبَةِ وُقُوعِ الْفَسَادِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ عَقَدَ إلَخْ) إلَى قَوْلِهِ وَمَا لَوْ ادَّعَتْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَا النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَا النِّكَاحَ) أَيْ: فَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ فَالْمُصَدَّقُ الزَّوْجُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) وَجَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ عَلَى خِلَافِهِ اهـ نِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: م ر عَلَى خِلَافِهِ أَيْ: مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِهِ فَتَسْتَقِرُّ صِحَّةُ الْبَيْعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ هُوَ الرَّاجِحُ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) الْمُشَارُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَقَ إلَخْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ الْبَيَانِ إلَخْ) وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ، وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ الصِّبَا بَعْدُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ سَبَبًا لِلْبُلُوغِ بُلُوغًا كَنُتُوءِ طَرَفِ الْحُلْقُومِ وَافْتِرَاقِ الْأَرْنَبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا تَكُونُ دَعْوَاهُ الصِّبَا مُنَاقَضَةً صَرِيحَةً لِإِقْرَارِهِ بِالْبُلُوغِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِاحْتِلَامٍ اهـ ع ش بِأَدْنَى تَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ اشْتِرَاطِ تَعَرُّفِ الْجُنُونِ، أَوْ الْحَجْرِ فِي تَصْدِيقِ مُدَّعِيهِمَا (قَوْلُهُ: كَسُكْرٍ تَعَدَّى) أَيْ: فَتَصِحُّ هِبَتُهُ مَعَ غَيْبَةِ عَقْلِهِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ (بِيَمِينِهَا) وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي عِبَارَةُ سم الْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ) إنْ تَوَافَقَا عَلَى صُورَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ إنْكَارًا لِأَصْلِ الْعَقْدِ لَكِنْ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ وَاضِحٌ أَنَّهُ حِينَئِذٍ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ يَبْعُدُ حِينَئِذٍ وُقُوعُ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فَلْيُحَرَّرْ مَحَلُّ النِّزَاعِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى الْمُشْتَرِي) إلَى قَوْلِهِ وَيَجْرِي فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَرَّغَهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي اهـ ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ تَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْعُ فِي أَوَّلِ بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِنَحْوِ مَا هُنَا مَعَ مَزِيدِ بَسْطٍ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِأَنْ وَضْعَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ أَيْ: فَحَصَلَ التَّنْجِيسُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْفَأْرَةِ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهُوَ تَلَفٌ وَتَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ مَا هُنَا مُصَوَّرًا بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فَيَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعَقُّبِ وَيَكُونُ سُكُوتُهُ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَإِنْ صُوِّرَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَلَا إشْكَالَ بِأَنْ يُصَوَّرَ جَوَابُ الْبَائِعِ هُنَا بِأَفْرَغْتُهُ لَك فِي ظَرْفِك مَعَ سَلَامَتِهِ وَخُلُوِّ ظَرْفِك مِنْ الْفَأْرَةِ ثُمَّ نَقَلْته نَقْلًا تَمَّ بِهِ الْقَبْضُ ثُمَّ وَقَعَتْ الْفَأْرَةُ وَعَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ تَعَقُّبِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي نَظِيرِهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْمُصَدَّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ السَّلَمِ إلَخْ تَفْصِيلُهُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ إنْ قَالَ الْمُسْلِمُ أَقَبَضْتُك رَأْسَ الْمَالِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَقَالَ بَلْ قَبْلَهُ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِلظَّاهِرِ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَمْ بِيَدِ الْمُسْلِمِ بِأَنْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبَضْتُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ ثُمَّ أَوْدَعْتُكَهُ، أَوْ غُصِبَتْ مِنِّي فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى الْمُشْتَرِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ فَرَّغَهُ إلَخْ كُرْدِيٌّ وَع ش (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي هَذَا) أَيْ: تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَتَقْدِيمُ بَيِّنَتِهِ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: عَبْدًا مُعَيَّنًا) أَيْ: فَقَبَضَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: مَثَلًا) حَقُّهُ أَنْ يُكْتَبَ عَقِبَ عَبْدًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (الْمَبِيعَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSهُنَا الْمُبْهَمُ لَا الشَّخْصُ بِأَنْ قَالَ أَرَدْت ذِرَاعًا أَوَّلُهُ هَذَا الْمَكَانُ وَآخِرُهُ ذَاكَ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ ذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْفَسَادُ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُ لِيَفْسُدَ الْبَيْعُ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَصْدُهُ الْمُعَيَّنَ بِالشَّخْصِ دُونَ الْمُشْتَرَى يَقْتَضِي فَسَادَ الْبَيْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ تُشْعِرُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا) الْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ م ر

الصفحة 484