كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 6)

أَوْجَهُهُمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا أَنَّهُمَا كَالْأَوَّلِ بِجَامِعِ الضَّمَانِ وَقَدْ يَجِبُ مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً فَحَمَلَتْ بِحُرٍّ لِتَعَذُّرِ بَيْعِهَا وَقَدْ لَا يَجِبُ الرَّدُّ لِكَوْنِهِ مَلَكَهُ بِالْغَصْبِ كَأَنْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ مَالَ حَرْبِيٍّ أَوْ لِخَوْفِ ضَرَرٍ كَأَنْ غَصَبَ خَيْطًا وَخَاطَ بِهِ جُرْحَ مُحْتَرَمٍ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا إلَّا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ نَزْعِهِ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ أَوْ لِمِلْكِ الْغَاصِبِ لَهَا بِفِعْلِهِ كَمَا يَأْتِي وَقَدْ لَا يَجِبُ فَوْرًا كَأَنْ غَصَبَ لَوْحًا وَأَدْخَلَهُ فِي سَفِينَةٍ وَكَانَتْ فِي الْمَاءِ وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ هَلَاكُ مُحْتَرَمٍ وَكَأَنْ أَخَّرَهُ لِلْإِشْهَادِ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْوَكَالَةِ.

(فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ) الْمَغْصُوبُ أَوْ بَعْضُهُ وَهُوَ مَالٌ مُتَمَوَّلٌ بِإِتْلَافٍ أَوْ تَلَفٍ (ضَمِنَهُ) إجْمَاعًا نَعَمْ لَوْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ مَالَ مُحْتَرَمٍ ثُمَّ عُصِمَ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا رَدَّهُ أَوْ تَالِفًا لَمْ يَضْمَنْهُ كَقِنٍّ غَيْرِ مُكَاتَبٍ غَصَبَ مَالَ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ وَبَاغٍ أَوْ عَادِلٍ غَصَبَ شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ حَالَ الْقِتَالِ أَوْ تَلِفَ فِيهِ بِسَبَبِهِ أَمَّا غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ كَحَبَّةِ بُرٍّ أَتْلَفَهَا فَلَا يَضْمَنُهَا، وَكَذَا اخْتِصَاصٌ، وَإِنْ غَرِمَ عَلَى نَقْلِهِ أُجْرَةً، وَلَوْ غَصَبَ قِنًّا وَجَبَ قَتْلُهُ بِنَحْوِ رِدَّةٍ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ.

وَاسْتَطْرَدَ هُنَا كَالْأَصْحَابِ مَسَائِلَ يَقَعُ بِهَا الضَّمَانُ بِلَا غَصْبٍ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ لِمُنَاسَبَتِهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ بِهَا بَابَ الْجِنَايَاتِ فَقَالَ (وَلَوْ أَتْلَفَ مَالًا) مُحْتَرَمًا (فِي يَدِ مَالِكِهِ ضَمِنَ) هـ إجْمَاعًا وَقَدْ لَا يَضْمَنُهُ كَأَنْ كَسَرَ بَابًا أَوْ نَقَبَ جِدَارًا فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرَاقَةِ خَمْرٍ إلَّا بِكَسْرِ إنَائِهِ أَوْ مِنْ دَفْعِ صَائِلٍ إلَّا بِقَتْلِ دَابَّتِهِ وَكَسْرِ سِلَاحِهِ وَمَا يُتْلِفُهُ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ وَعَكْسُهُ حَالَ الْقِتَالِ وَحَرْبِيٌّ عَلَى مَعْصُومٍ وَقِنٌّ غَيْرُ مُكَاتَبٍ عَلَى سَيِّدِهِ وَمُهْدَرٌ بِنَحْوِ رِدَّةٍ أَوْ صِيَالٍ أَتْلَفَ وَهُوَ فِي يَدِ مَالِكِهِ وَخَرَجَ بِالتَّلَفِ مَا لَوْ سَخَّرَ دَابَّةً وَمَعَهَا مَالِكُهَا فَتَلِفَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَالِكِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُمَا كَالْمُلْتَقِطِ) بَلْ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُمَا كَالْأَوَّلِ فَيَبْرَآنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَأْذُونٌ لَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ رَقِيقٍ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ كَمَلْبُوسِ الرَّقِيقِ وَآلَاتٍ يَعْمَلُ بِهَا بَرِئَ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْآلَةَ مِنْ الْأَجِيرِ وَرَدَّهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر كَمَلْبُوسٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ تَجِبُ مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكَ الْأَمَةِ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ مَلَكَهَا مِلْكَ قَرْضٍ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا مَعَ كَوْنِ الْأَمَةِ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ بَيْعِهَا عَلَيْهِ نَزَّلَهَا مَنْزِلَةَ الْخَارِجَةِ عَنْ مِلْكِهِ. اهـ ع ش
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً إلَخْ) اُنْظُرْ مَا لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الرَّدِّ مَا الْحُكْمُ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ بِسَبَبِ الْحَمْلِ كَانَتْ مَضْمُونَةً وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ بِغَيْرِهِ اسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ رَشِيدِيٌّ أَيْ فَإِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ بِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ الضَّمَانُ كَالْأُولَى (فَحَمَلَتْ بَحْرٌ) أَيْ بِشُبْهَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَقَدْ لَا يَجِبُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ كَأَنْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ إلَخْ) لَعَلَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ بِالْغَصْبِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِمِلْكِ الْغَاصِبِ لَهَا بِفِعْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي الرَّابِعَةُ أَيْ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كُلُّ عَيْنٍ غَرَّمْنَا الْغَاصِبَ بَدَلَهَا لِمَا حَدَثَ فِيهَا، وَهِيَ بَاقِيَةٌ كَمَا فِي الْحِنْطَةِ تُبَلُّ بِحَيْثُ تَسْرِي إلَى الْهَلَاكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ (قَوْلُهُ وَخِيفَ مِنْ نَزْعِهِ هَلَاكُ مُحْتَرَمٍ) أَيْ فِي السَّفِينَةِ، وَلَوْ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ مُغْنِي زَادَ ع ش خِلَافًا لِمَا فِي الْبَهْجَةِ. اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (عِنْدَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَلِفَ بَعْدَ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ رَدَّهُ إلَى الْمَالِكِ بِإِجَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ فَتَلِفَ عِنْدَ الْمَالِكِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَمَا لَوْ قُتِلَ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى الْمَالِكِ بِرِدَّةٍ أَوْ جِنَايَةٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ الْمَغْصُوبُ) إلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ فَتَحَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ غَصَبَ إلَى وَاسْتَطْرَدَا (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) أَيْ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ أَوْ تَلِفَ) الْأَوْلَى أَوْ آفَةٍ (قَوْلُهُ مَالٌ مُحْتَرَمٌ) أَيْ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ ثُمَّ عُصِمَ) أَيْ الْحَرْبِيُّ بِأَنْ أَسْلَمَ أَوْ عُقِدَ لَهُ ذِمَّةٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ غَصَبَ شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ حَالَ الْقِتَالِ) قَيْدٌ لِكُلٍّ مِنْ الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ بِسَبَبِهِ) لَعَلَّهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْإِتْلَافِ وَالتَّلَفِ. اهـ سم أَيْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ الْبُغَاةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَرِمَ إلَخْ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ الِاخْتِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ قَدْ غَرِمَ بِسَبَبِ نَقْلِهِ أُجْرَةً. اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقَّ الزِّبْلِ قَدْ غَرِمَ عَلَى نَقْلِهِ أُجْرَةً لَمْ نُوجِبْهَا عَلَى الْغَاصِبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَجَبَ قَتْلُهُ) خَرَجَ مَا لَوْ ارْتَدَّ فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ. اهـ سم (قَوْلُهُ بِنَحْوِ رِدَّةٍ) أَيْ أَوْ حِرَابَةٌ أَوْ تَرْكِ الصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ. اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَاسْتَطْرَدَا) أَيْ الشَّيْخَانِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَاسْتَطْرَدَ الْمُصَنِّفُ اهـ وَهِيَ أَنْسَبُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فَقَالَ بِالْإِفْرَادِ، وَالِاسْتِطْرَادُ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مَعَ غَيْرِهِ لِمُنَاسِبَةٍ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ بِمُبَاشَرَةٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ بِمُبَاشَرَةٍ (قَوْلُهُ لِمُنَاسَبَتِهَا لَهُ) أَيْ فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ مُحْتَرَمًا) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَإِلَّا فَمَا يَأْتِي فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتْلِفِ نَعَمْ يَرِدُ الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ الْآتِي. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ كَأَنْ كَسَرَ بَابًا إلَخْ) أَوْ قُتِلَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَاقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْقَاتِلِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ أَخَذَ بَدَلَهُ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ دَفْعٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مِنْ إرَاقَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَا يُتْلِفُهُ إلَخْ) وَقَوْلُهُ الْآتِي وَمُهْدَرٌ عَطْفٌ عَلَى إنْ كَسَرَ بَابًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَرْبِيٌّ إلَخْ) وَ (قَوْلُهُ وَقِنٌّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَاغٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ أُتْلِفَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSعَطْفٌ عَلَى بَيْنَ يَدَيْ ش (قَوْلُهُ إنَّهُمَا كَالْأَوَّلِ) كَذَا شَرْحُ م ر وَفِيهِ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ رَقِيقٍ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ كَمَلْبُوسِ الرَّقِيقِ وَآلَاتٍ يَعْمَلُ بِهَا بَرِئَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْآلَةَ مِنْ الْأَجِيرِ وَرَدَّهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِخَوْفِ ضَرَرٍ كَأَنْ غَصَبَ خَيْطًا إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ غَصَبَ حَرْبِيٌّ إلَخْ) كَذَا م ر مَا عَدَا مَسْأَلَةَ الْقِنِّ (قَوْلُهُ بِسَبَبِهِ) لَعَلَّهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْإِتْلَافِ وَالتَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَرِمَ) لَعَلَّ فَاعِلَهُ صَاحِبُ الِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ وَجَبَ قَتْلُهُ) خَرَجَ مَا لَوْ ارْتَدَّ فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ.

الصفحة 10