كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 6)

فَلَا يَضْمَنُهَا كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ كَانَ السَّبَبُ مِنْهُ كَأَنْ اكْتَرَاهَا لِحَمْلِ مِائَةٍ فَزَادَ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَوْ صُرِعَ فَوَقَعَ عَلَى مَالٍ لِغَيْرِهِ ضَمِنَهُ كَمَا لَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ طِفْلٌ مِنْ مَهْدِهِ وَاعْتُرِضَ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْهُ قُبَيْلَ الْجِهَادِ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ مَيِّتَةً لَمْ يَضْمَنْ رَاكِبُهَا مَا تَلِفَ بِهَا. اهـ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إتْلَافُ مُبَاشَرَةٍ وَالثَّانِيَ إتْلَافُ سَبَبٍ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ لِضَعْفِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأُولَى لِقُوَّتِهَا.

(وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ) وَتَلِفَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَهُ أَمَّا إذَا كَانَ مَا فِيهِ جَامِدًا فَخَرَجَ بِتَقْرِيبِ غَيْرِهِ نَارًا إلَيْهِ فَالضَّامِنُ هُوَ الْمُقَرِّبُ لِقَطْعِهِ أَثَرَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ بِرِيحٍ هَابَّةٍ حَالَ الْفَتْحِ أَوْ شَمْسٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْقَطْعِ وَمِثْلُهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِعْلُ غَيْرِ الْعَاقِلِ (مَطْرُوحٌ عَلَى الْأَرْضِ) مَثَلًا (فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ أَوْ مَنْصُوبٌ فَسَقَطَ بِالْفَتْحِ) لِتَحْرِيكِهِ الْوِكَاءَ وَجَذْبِهِ أَوْ لِتَقَاطُرِ مَا فِيهِ حَتَّى ابْتَلَّ أَسْفَلُهُ وَسَقَطَ (وَخَرَجَ مَا فِيهِ) بِذَلِكَ وَتَلِفَ (ضَمِنَ) لِتَسَبُّبِهِ فِي إتْلَافِهِ إذْ هُوَ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ وَإِنْ حَضَرَ مَالِكُهُ وَأَمْكَنَهُ تَدَارُكَهُ كَمَا لَوْ رَآهُ يَقْتُلُ قِنَّهُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ وَدَعْوَى أَنَّ السَّبَبَ يَسْقُطُ حُكْمُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَنْعِهِ بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ مَمْنُوعَةٌ. (وَإِنْ سَقَطَ بِعَارِضِ رِيحٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ نَعْتٌ لِمُهْدَرٍ. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مَا لَوْ سَخَّرَ دَابَّةً إلَخْ) أَيْ بِأَنْ سَخَّرَ مَالِكَهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِيمَا سَبَقَ. اهـ سم (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ فَغَاصِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ. قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَمَلَ الْغَاصِبُ الْمَتَاعَ عَلَى الدَّابَّةِ وَأَكْرَهَ مَالِكَهَا عَلَى تَسْيِيرِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدَّابَّةَ لِعَدَمِ زَوَالِ يَدِ الْغَاصِبِ عَنْهَا. اهـ ع ش (قَوْلُهُ إنْ كَانَ السَّبَبُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ غَيْر الْمَالِكِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ مَا تَلِفَ بِهَا) أَيْ أَوْ بِمَا عَلَى ظَهْرِهَا وَ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ.
(وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ لَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ مَيِّتَةً إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ إلَخْ) أَيْ السَّبَبِ (وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى إلَخْ) أَيْ الْمُبَاشِرَةِ وَفِي سم عَنْ فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةُ سَيِّدٍ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ ثُمَّ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ عِنْدَهُ فَمَاذَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ؟ الْجَوَابُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَلَاكَهُ مُسْتَنِدٌ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْغَصْبِ. اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (زِقٍّ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَهُوَ السِّقَاءُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَتَلِفَ) إلَى قَوْلِهِ وَيَتَرَدَّدُ فِي النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِثْلُهُمَا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَدَعْوَى إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَتَلِفَ) أَيْ نَفْسُ الزِّقِّ (وَقَوْلُهُ ضَمِنَ) جَعَلَهُ جَوَابَ الشَّرْطِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّرَ شَرْطًا لِضَمِنَ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي كَانَ جَوَابًا لِهَذَا الشَّرْطِ فَقَدْ صَارَ مُهْمَلًا. اهـ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ تَفْسِيرُهُ ضَمِيرُ وَتَلِفَ بِالزِّقِّ نَفْسِهِ، قَدْ يَأْبَى عَنْهُ السِّيَاقُ وَالسِّبَاقُ وَاعْتِرَاضُهُ صَنِيعَ الشَّارِحِ وَتَقْدِيرُهُ ضَمِنَ جَوَابًا لِلَوْ ظَاهِرٌ بَلْ كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ هَذِهِ السِّوَادَةَ بِتَمَامِهَا مِنْ هُنَا ثُمَّ يَذْكُرَ قَوْلَهُ أَمَّا إذَا كَانَ مَا فِيهِ إلَخْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ سَقَطَتْ إلَخْ
(قَوْلُهُ بِرِيحٍ هَابَّةٍ حَالَ الْفَتْحِ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ فِي الرِّيحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الرِّيحِ سَبَبًا لِسُقُوطِ الزِّقِّ مَثَلًا أَوْ لِتَقَاطُرِ مَا فِيهِ حَتَّى ابْتَلَّ أَسْفَلُهُ فَسَقَطَ لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الرِّيحِ الْمُسْقِطَةِ لِلزِّقِّ أَمَّا السُّقُوطُ بِالِابْتِلَالِ الْحَاصِلِ بِحَرَارَةِ الرِّيحِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِ الرِّيحِ هَابَّةً وَقْتَ الْفَتْحِ وَكَوْنِهَا عَارِضَةً وَفَرَّقَ سم بِأَنَّ الرِّيحَ الَّتِي تُؤَثِّرُ حَرَارَتُهَا مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ لَا يَخْلُو الْجَوُّ عَنْهُ، وَإِنْ خَفِيَتْ لِخِفَّتِهَا بِخِلَافِ الرِّيحِ الَّتِي تُؤَثِّرُ السُّقُوطَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ع ش وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ سم عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مَوْجُودَةً حَالَ الْفَتْحِ أَوْ لَا. اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمَا) أَيْ الرِّيحُ وَالشَّمْسُ وَفِي هَذَا التَّشْبِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالرِّيحِ اشْتِرَاطُ حُضُورِ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَقْتَ الْفَتْحِ وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالشَّمْسِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّشْبِيهَ فِي أَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْعَاقِلِ لَا يَقْطَعُ فِعْلَ الْمُبَاشِرِ وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْإِيرَادِ مِنْ أَصْلِهِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ وَالشَّمْسِ. اهـ ع ش
(قَوْلُهُ غَيْرِ الْعَاقِلِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْعَاقِلِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ حَتَّى لَا يَشْمَلَ الصَّبِيَّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَالْمَجْنُونَ وَهَلْ يُشْتَرَطُ وُجُودُ غَيْرِ الْعَاقِلِ حَالَ الْفَتْحِ كَالرِّيحِ لَا كَالشَّمْسِ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ. اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ لِتَقَاطُرِ مَا فِيهِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ التَّقَاطُرُ بِإِذَابَةِ شَمْسٍ أَوْ حَرَارَةِ رِيحٍ مَعَ مُرُورِ الزَّمَانِ فَسَالَ مَا فِيهِ وَتَلِفَ ضَمِنَ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ السُّقُوطِ وَ (قَوْلُهُ وَتَلِفَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ مَسْأَلَتَيْ الْمَطْرُوحِ وَالْمَنْصُوبِ.
(قَوْلُهُ لِتَسَبُّبِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْإِتْلَافَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْإِتْلَافُ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ فِي الْبَاقِي. اهـ يَعْنِي بِالْبَاقِي الْخُرُوجَ بِرِيحٍ هَابَّةٍ عِنْدَ الْفَتْحِ وَبِحَرَارَةِ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَإِنْ حَضَرَ إلَخْ) غَايَةٌ لِضَمِنَ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ رَآهُ يَقْتُلُ قِنَّهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُحَرِّقُ ثَوْبَهُ وَأَمْكَنَهُ الدَّفْعُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ. اهـ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِنْ سَقَطَ) أَيْ الزِّقُّ بَعْدَ فَتْحِهِ لَهُ (بِعَارِضِ رِيحٍ) أَيْ أَوْ جُهِلَ الْحَالُ فَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ سُقُوطِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. اهـ مُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ آنِفًا مَا يُوَافِقُهُ، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ مَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مَا لَوْ سَخَّرَ دَابَّةً وَمَعَهَا مَالِكُهَا) أَيْ بِأَنْ سَخَّرَ مَالِكَهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِيمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُهَا) أَمَّا أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَلَازِمًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (فَرْعٌ)
فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةٌ سَيِّدٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدِهِ ثُمَّ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ عِنْدَهُ فَمَاذَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ؟ الْجَوَابُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَلَاكَهُ مُسْتَنِدٌ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْغَصْبِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِعْلُ غَيْرِ الْعَاقِلِ) كَذَا م ر وَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْعَاقِلِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ حَتَّى لَا يَشْمَلَ الصَّبِيَّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَالْمَجْنُونَ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ وُجُودُ غَيْرِ الْعَاقِلِ حَالَ الْفَتْحِ كَالرِّيحِ أَوْ لَا كَالشَّمْسِ؟ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ ثُمَّ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِوُقُوعِ طَائِرٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ غَيْرَ الْعَاقِلِ أَخْرَجَهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ إخْرَاجِهِ وَالسُّقُوطِ بِوُقُوعِهِ عَلَيْهِ لَا

الصفحة 11