كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 6)

لَمْ يَضْمَنْهُ وَأَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَتَأْيِيدُ الزَّرْكَشِيّ لِلْأَوَّلِ بِأَخْذِ الْمُحْرَمِ صَيْدًا لِيُدَاوِيَهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا حَقُّ اللَّهِ فَيُسَامَحُ فِيهِ وَسَيَأْتِي عَنْ الشَّيْخَيْنِ فِي شَرْحِ وَالْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةُ مَا يُصَرِّحُ بِالثَّانِي وَأَلْحَقَ الْغَزِّيُّ بِالصَّدِيقِ غَيْرَهُ إذَا عَرَفَ مَالِكَهُ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ رَدَّهُ أَوْ قَصَّرَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا لِتَقْصِيرِهِ.
وَلَوْ سَخَّرَ ظَالِمٌ قَهْرًا مَالِكَ دَابَّةٍ بِيَدِهِ عَلَى عَمَلٍ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ مَالِكِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَلَوْ سِيقَتْ أَوْ انْسَاقَتْ بَقَرَةٌ إلَى رَاعٍ لَمْ تَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ إلَّا إنْ سَاقَهَا مَعَ الْبَقَرِ.

(وَلَوْ دَخَلَ دَارِهِ وَأَزْعَجَهُ عَنْهَا) أَيْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا فَغَاصِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ يُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ وَقَيَّدَاهُ بِأَنْ يَدْخُلَ بِأَهْلِهِ عَلَى هَيْئَةِ مَنْ يَقْصِدُ السُّكْنَى وَبِهِ يَخْرُجُ دُخُولُهَا هَجْمًا لِإِخْرَاجِهِ وَقَدْ قَطَعَ الْإِمَامُ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ غَصْبٌ كَمَا اقْتَضَاهُ الْمَتْنُ كَأَصْلِهِ قِيلَ وَتَصْرِيحُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِحُصُولِهِ الْمَفْهُومِ مِنْهُ حُصُولُهُ هُنَا بِالْأَوْلَى فِي قَوْلِهِمَا (أَوْ أَزْعَجَهُ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْهَا (وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ) أَيْ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا وَهَذَا لَازِمٌ لِلْإِزْعَاجِ فَالتَّصْرِيحُ بِهِ تَصْرِيحٌ بِاللَّازِمِ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَهُ غَيْرُهُ (وَلَمْ يَدْخُلْ فَغَاصِبٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَقْصَدِ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا خِلَافًا لِجَمْعٍ (وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وَاهٍ) أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَاصِبًا عَمَلًا بِالْعُرْفِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَتَاعًا مَثَلًا مَعَ سَارِقٍ أَوْ مُنْتَهَبٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ ضَاعَ عَلَى صَاحِبِهِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْآخِذَ فَأَخَذَهُ مِنْهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَوْ بِصُورَةِ شِرَاءٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ غَرِمَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا صَرَفَهُ عَلَى مَالِكِهِ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ لَوْ بَقِيَ بِيَدِ السَّارِقِ فَإِنَّ مَا ذُكِرَ طَرِيقٌ لِحِفْظِ مَالِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِهِ بَقِيَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ يَفِرُّ مِنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ إنَّ شَخْصًا يَحُوزُهُ عَلَى نِيَّةِ عَوْدِهِ لِمَالِكِهِ فَيَتْلَفُ حِينَئِذٍ هَلْ يَضْمَنُهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلْمِ بِرِضَا صَاحِبِهِ إذْ الْمَالِكُ لَا يَرْضَى بِضَيَاعِ مَالِهِ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ نَوَى رَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَفِي الْعُبَابِ فَرْعٌ لَوْ دَخَلَ عَلَى حَدَّادٍ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ أَحْرَقَتْ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ الْحَدَّادُ، وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ. اهـ أَقُولُ، وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ الدُّكَّانِ وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا حَيْثُ أَوْقَدَ الْكُوَرَ عَلَى الْعَادَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ جَلَسَ بِالشَّارِعِ نَفْسِهِ أَوْ أَوْقَدَ لَا عَلَى الْعَادَةِ وَتَوَلَّدَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَفِي الْعُبَابِ فَرْعٌ: مَنْ ضَلَّ نَعْلَهُ فِي مَسْجِدٍ وَوَجَدَ غَيْرَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ انْتَهَى، وَلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْعُهَا وَأَخْذُ قَدْرِ قِيمَةِ نَعْلِهِ مِنْ ثَمَنِهَا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لِمَنْ أَخَذَ نَعْلَهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لُقَطَةٌ وَفِي الْعُبَابِ فَرْعٌ مَنْ أَخَذَ إنْسَانًا ظَنَّهُ عَبْدًا حِسْبَةً فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ وَهُوَ عَبْدٌ فَتَرَكَهُ فَأَبَقَ ضَمِنَ انْتَهَى. اهـ كَلَامُ ع ش
وَقَوْلُهُ مَنْ أَخَذَ إنْسَانًا ظَنَّهُ إلَخْ يَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْهُ) مَرَّ آنِفًا عَنْ ع ش اسْتِقْرَابُهُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْقَلْبِ.
(قَوْلُهُ لِلْأَوَّلِ) أَيْ عَدَمِ الضَّمَانِ وَ (قَوْلُهُ بِالثَّانِي) أَيْ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْغَزِّيُّ) إلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ سَخَّرَ إلَخْ كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَأَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ) هَلَّا قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَ الْمَالِكِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. اهـ سم (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ صَدِيقًا كَانَ الْآخِذُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ بِيَدِهِ) صِفَةُ دَابَّةٍ أَيْ كَائِنَةٌ فِي يَدِهِ. اهـ سم (قَوْلُهُ إلَّا إنْ سَاقَهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ جَهِلَهَا. اهـ سم.

قَوْلُ الْمَتْنِ (دَارِهِ) أَيْ دَارَ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ أَخْرَجَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَقَيَّدَاهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِيلَاءً) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ أَخْذَ الرَّجُلِ وَمَنْعَهُ مِنْ الْعَوْدِ لَهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا حَتَّى يَكُونَ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا أَمَّا لَوْ قَصَدَ أَخْذَ الرَّجُلِ لِيُسَخِّرَهُ فِي عَمَلٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَنْعٍ لَهُ عَنْهَا لَا يَكُونُ غَاصِبًا لَهَا لِعَدَمِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا. اهـ ع ش وَسَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَاهُ بِأَنْ يَدْخُلَ بِأَهْلِهِ إلَخْ) التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لَا شَرْطٌ م ر اهـ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ بِأَهْلِهِ عَلَى هَيْئَةِ مَنْ يَقْصِدُ السُّكْنَى أَمْ لَا فَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَصْوِيرٌ لَا قَيْدٌ. اهـ وَجَعَلَ الْمُغْنِي دُخُولَهُ عَلَى هَيْئَةِ مَنْ يَقْصِدُ السُّكْنَى قَيْدًا دُونَ دُخُولِهِ بِأَهْلِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَخْرُجُ دُخُولُهَا هَجْمًا لِإِخْرَاجِهِ) يَتَّجِهُ فِيمَا هَجَمَا لِإِخْرَاجِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهَا وَلَا مَنْعِهِ مِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ غَاصِبًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَزِيدُ عَلَى دُخُولِهَا فِي غَيْبَتِهِ بِغَيْرِ قَصْدِ اسْتِيلَاءٍ كَمَا سَيَأْتِي. اهـ سم (قَوْلُهُ هَجْمًا لِإِخْرَاجِهِ) أَيْ لَا لِيُقِيمَ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَتَصْرِيحُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْمَتْنِ هُنَا أَيْ وَاقْتَضَاهُ تَصْرِيحُ الرَّوْضَةِ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ بِحُصُولِهِ) أَيْ الْغَصْبِ وَ (قَوْلُهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحُصُولِ وَقَوْلُهُ أَيْ فِي الدُّخُولِ هَجْمًا وَ (قَوْلُهُ فِي قَوْلِهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِحُصُولِهِ.
(قَوْلُهُ أَيْ أَخْرَجَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمَا أَفْهَمَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا لَازِمٌ لِلْإِزْعَاجِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ تَفْسِيرِ الْإِزْعَاجِ بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ عَنْهَا. اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مَا يُصَرِّحُ بِالثَّانِي) لَعَلَّ الثَّانِيَ هُوَ الْوَجْهُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا فِي يَدٍ ضَامِنَةٍ دُونَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَضْمُونًا عَلَى أَحَدٍ، وَلَعَلَّ مَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخَيْنِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَجْهَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ غَيْرَ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ كَحَرْبِيٍّ وَقِنِّ الْمَالِكِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَإِطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ كَجٍّ الضَّمَانَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ.
(قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ) هَلَّا قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَ مَالِكِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ بِيَدِهِ) صِفَةُ دَابَّةٍ أَيْ كَائِنَةٍ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ سَاقَهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ جَهِلَهَا.

(قَوْلُهُ وَقَيَّدَاهُ بِأَنْ يَدْخُلَ بِأَهْلِهِ إلَخْ) التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لَا شَرْطٌ م ر (قَوْلُهُ وَبِهِ يَخْرُجُ دُخُولُهَا هَجْمًا) يُتَّجَهُ فِيمَا هَجَمَ لِإِخْرَاجِهِ وَخَرَجَ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهَا، وَلَا مَنَعَهُ عَنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ غَاصِبًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَزِيدُ عَلَى دُخُولِهَا فِي غَيْبَتِهِ بِغَيْرِ قَصْدِ اسْتِيلَاءٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَهَذَا لَازِمٌ لِلْإِزْعَاجِ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ تَفْسِيرِ الْإِزْعَاجِ بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ عَنْهَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ

الصفحة 7