كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 7)

بِأَنْ يُوصِيَ لِشَخْصٍ فَيَقْتُلَهُ هُوَ أَوْ سَيِّدُهُ وَلَوْ عَمْدًا فَهُوَ قَاتِلٌ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِعَقْدٍ فَأَشْبَهَتْ الْهِبَةَ لَا الْإِرْثَ وَخَبَرُ لَيْسَ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةٌ ضَعِيفٌ سَاقِطٌ، وَلَا تَصِحُّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ وَتَصِحُّ لِقَاتِلِ فُلَانٍ بَعْدَ الْقَتْلِ لَا قَبْلَهُ إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ (وَلِوَارِثٍ) مِنْ وَرَثَةٍ مُتَعَدِّدِينَ (فِي الْأَظْهَرِ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ) الْمُطْلَقِينَ التَّصَرُّفَ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ إجَازَتَهُمْ تَنْفِيذٌ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِبَعْضِ الثُّلُثِ لِلْخَبَرِ بِذَلِكَ وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ، وَبِهِ يَخُصُّ الْخَبَرَ الْآخَرَ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَحِيلَةُ أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةٍ أَنْ يُوصِيَ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ أَيْ وَهُوَ ثُلُثُهُ فَأَقَلُّ إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ بِأَلْفَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَإِذَا قَبِلَ وَأَدَّى لِلِابْنِ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ أَخَذَ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يُشَارِكْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ الِابْنَ فِيمَا حَصَلَ لَهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ تَمَيَّزَ بِهِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQحُصُولِهَا لَهُ بِعِتْقِهِ كَمَا سَبَقَ تَبَيَّنَ فَسَادُهَا؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ نَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ بِأَنْ يُوصِيَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَصُورَتُهُ أَنْ يُوصِيَ لِجَارِحِهِ ثُمَّ يَمُوتَ أَوْ لِإِنْسَانٍ فَيَقْتُلَهُ وَمِنْ ذَلِكَ قَتْلُ سَيِّدِ الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِعَبْدٍ وَصِيَّةٌ لِسَيِّدِهِ كَمَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَمْدًا) أَيْ تَعَدِّيًا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ) أَيْ بِالْمَجَازِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ ضَعِيفٌ) أَيْ ضَعْفًا قَوِيًّا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ سَاقِطٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ) أَيْ فَيَصِحُّ وَصِيَّةُ الْحَرْبِيِّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ الْقَتْلِ) أَيْ وَلَوْ تَعَدِّيًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ جَازَ قَتْلُهُ) أَيْ الْمُوصِي، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقَتْلِ أَيْ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِ الْقَتْلِ كَأَنْ جَرَحَهُ إنْسَانٌ وَلَوْ عَمْدًا، ثُمَّ أَوْصَى لِلْجَارِحِ وَمَاتَ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ أَوْ لِمَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْقَتْلُ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ قَالَ آخَرُ أَوْصَيْت لِلَّذِي قَتَلَ فُلَانًا بِكَذَا فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ قَوْلِهِ لِلَّذِي قَتَلَ فُلَانًا تَعْيِينُ الْمُوصَى لَهُ لَا حَمْلُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلِوَارِثٍ) فَرْعٌ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى جَمَاعَةً وَجَعَلَ زَوْجَتَهُ أَحَدَ الْأَوْصِيَاءِ وَأَوْصَى لَهُمْ بِمَبْلَغٍ فَهَلْ يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَأْخُذَ نَظِيرَ مَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْأَوْصِيَاءِ الْجَوَابُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ اسْتِحْقَاقُ الزَّوْجَةِ نَظِيرَ مَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْأَوْصِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا مَحْضًا بَلْ شِبْهَ الْأُجْرَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ لِلدُّخُولِ فِي الْوَصَايَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَخْطَارِ وَالنَّظَرِ وَالْقِيَامِ بِحَالِ الْأَوْلَادِ وَالْأُمُورِ الْمُوصَى بِهَا انْتَهَى وَأَقُولُ قَدْ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِجَعْلِ الْمَبْلَغِ فِي نَظِيرِ الْوِصَايَةِ فَتَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ بِدُونِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَأَنْ لَا يُصَرِّحَ بِذَلِكَ فَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا إنْ أَجَازُوا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَفِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لَوْ زَادَ مَا يَخُصُّ الزَّوْجَةَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ تَتَوَقَّفُ الزِّيَادَةُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ رَاجِعْهُ مِنْ نَظَائِرِهِ اهـ سم.
(قَوْلُ الْمَتْنِ لِوَارِثٍ) أَيْ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ وَرَثَةٍ مُتَعَدِّدِينَ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ أَجَازَ إلَخْ) أَيْ وَتَنْفُذُ إنْ أَجَازَ إلَخْ فَهُوَ قَيْدٌ لِمَحْذُوفٍ اهـ بُجَيْرِمِيِّ (قَوْلُهُ الْمُطْلَقِينَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ الْمُطْلَقِينَ التَّصَرُّفُ) نَعْتٌ لِلْوَرَثَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى لَفْظًا وَمَعْنًى جَعْلَهُ نَعْتًا لِلْبَاقِي (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ أَيْ وَتَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ بِذَلِكَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ قَالَ الذَّهَبِيُّ صَالِحٌ اهـ.
(قَوْلُهُ صَالِحٌ) أَيْ لَيْسَ بِضَعِيفٍ وَلَمْ يَرْتَقِ إلَى دَرَجَةِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ وَحِيلَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَائِدَةٌ مِنْ الْحِيَلِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَخْذِهِ) أَيْ الْوَارِثِ وَقَوْلُهُ عَلَى إجَازَةٍ أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَقَوْلُهُ لِوَلَدِهِ أَيْ الْمُوصِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَإِذَا قَبِلَ وَأَدَّى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِذَا قَبِلَ لَزِمَهُ دَفْعُهَا إلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِلِابْنِ) الْأَوْفَقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلْقَاتِلِ الرَّقِيقِ صَحَّتْ قَطْعًا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِذَلِكَ غَيْرُهُ وَهُوَ السَّيِّدُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِمَنْ يَقْتُلُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ اهـ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا أَوْصَى لِرَقِيقٍ لَعَلَّ صُورَتَهُ إذَا أَوْصَى لَهُ إنْ قَتَلَهُ أَمَّا إذَا أَوْصَى لَهُ، وَلَمْ يُقَيِّدْ فَقَتَلَهُ وَآلَ الْأَمْرُ لَهُ فَلَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُهَا وَآلَ الْأَمْرُ إلَى حُصُولِهَا لَهُ بِعِتْقِهِ كَمَا سَبَقَ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُهَا؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ نَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَوْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ حِرَابَةٌ أَوْ رَجْمَةً فَأَوْصَى لِمَنْ يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ كَالْأُجْرَةِ وَالْجَعَالَةِ إذَا تَوَجَّهَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِفَقْدِ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ كَلَامُ الْقُوتِ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ أَوَّلًا صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ يَقْتُلُهُ إذَا كَانَ رَقِيقًا (قَوْلُهُ وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ) أَيْ كَمَا قَالَهُ الذَّهَبِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إنَّ عَطَاءً أَيْ رَاوِيَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ غَيْرُ قَوِيٍّ وَلَمْ يُدْرِكْ ابْنُ عَبَّاسٍ اهـ.
(فَرْعٌ)
فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى جَمَاعَةً وَجَعَلَ زَوْجَتَهُ أَحَدَ الْأَوْصِيَاءِ وَأَوْصَى لَهُمْ بِمَبْلَغٍ فَادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَأْخُذَ نَظِيرَ مَا أَوْصَى بِهِ لِلْأَوْصِيَاءِ؛ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ الْجَوَابُ أَمَّا أَصْلُ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَلَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بِإِبْطَالِهَا بَلْ هِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَأَمَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِخُصُوصِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهَا اسْتِحْقَاقُ الزَّوْجَةِ نَظِيرَ مَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْأَوْصِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا مَحْضًا بَلْ شِبْهُ الْأُجْرَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ لِلدُّخُولِ فِي الْوَصَايَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَخْطَارِ وَالنَّظَرِ وَالْقِيَامِ بِحَالِ الْأَوْلَادِ وَالْأُمُورِ الْمُوصَى بِهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَقَدْ رُفِعَ السُّؤَالُ إلَى الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ الْمَقِيسِيِّ وَوَافَقَنِي عَلَى مَا أَفْتَيْت بِهِ وَإِلَى الشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ الْعَبَّادِيِّ فَخَالَفَ وَأَجَابَ بِوَقْفِ نَصِيبِ الزَّوْجَةِ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ وَلَمْ تَظْهَرْ لِي مُوَافَقَتُهُ اهـ.
(وَأَقُولُ) قَدْ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِجَعْلِ الْمَبْلَغِ فِي نَظِيرِ الْوَصَايَا فَتَسْتَحِقَّ الزَّوْجَةُ بِدُونِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَأَنْ لَا يُصَرِّحَ بِذَلِكَ فَلَا تَسْتَحِقَّ إلَّا إنْ أَجَازُوا فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لَوْ زَادَ

الصفحة 14