كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 7)

؛ لِأَنَّهُ قِوَامُ الرُّوحِ (وَإِسْهَالٌ مُتَوَاتِرٌ) أَيْ مُتَتَابِعٌ أَيَّامًا لِذَلِكَ (وَدِقٌّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ وَلَا تَبْقَى مَعَهُ الْحَيَاةُ غَالِبًا، وَخَرَجَ بِهِ السُّلُّ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ فَيَنْقُصُ الْبَدَنُ وَيَصْفَرُّ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ مُطْلَقًا لِامْتِدَادِ الْحَيَاةِ مَعَهُ غَالِبًا، وَتَعْرِيفُهُ بِمَا ذُكِرَ لَا يُوَافِقُ تَعْرِيفَ الْمُوجَزِ لَهُ أَوَّلًا بِأَنَّهُ قُرْحَةٌ فِي الرِّئَةِ مَعَهَا حُمَّى دِقِّيَةٌ وَثَانِيًا بِأَنَّهُ قُرْحَةٌ فِي الرِّئَةِ يَلْزَمُهَا حُمَّى دِقِّيَةٌ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْقُطْبُ الشِّيرَازِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا هَذَا الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَبَّرُوا بِمَا يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْهَا مُعَوِّلِينَ عَلَى تَفْصِيلِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ إذْ الدَّاءُ شَامِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّانِي جُزْءًا أَمْ لَازِمًا وَظَاهِرُ الْمَتْنِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الدِّقَّ لَيْسَ مِنْ الْحُمَّيَاتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْحُمَّى الدِّقِّيَةِ فِي كَلَامِ الْأَطِبَّاءِ.
وَعَرَّفَهَا فِي الْمُوجَزِ بِأَنَّهَا الَّتِي تَتَشَبَّثُ بِالْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ فَهِيَ لَا مَحَالَةَ تُفْنِي رُطُوبَتَهَا وَفِيهِ أَيْضًا حُمَّى الدِّقِّ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ انْتِقَالِيَّةً أَيْ عَنْ حُمَّى أُخْرَى تَسْبِقُهَا وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي الدِّقِّ الْمُخَالِفِ ظَاهِرُهُ لِكَلَامِ الْأَطِبَّاءِ بِأَنَّ ذَلِكَ التَّشَبُّثَ أَعْظَمُ مَا يَكُونُ بِالْقَلْبِ فَاقْتَصَرُوا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ (وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) وَهُوَ أَعْنِي الْفَالِجَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ اسْتِرْخَاءٌ عَامٌّ لِأَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْتِرْخَاءُ أَيِّ عُضْوٍ كَانَ وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ وَالْبَلْغَمِ وَوَجْهُ الْخَوْفِ فِي ابْتِدَائِهِ أَنَّهُمَا يَهِيجَانِ حِينَئِذٍ فَرُبَّمَا أَطْفَآ الْحَرَّ الْغَرِيزِيَّ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ مَعَ دَوَامِهِ (وَخُرُوجُ الطَّعَامِ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ) لِزَوَالِ الْقُوَّةِ الْمَاسِكَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا الْإِسْهَالُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ تَوَاتُرُهُ فَلِهَذَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ (أَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ) وَيُسَمَّى الزَّحِيرَ وَإِفَادَةُ الْمُضَارِعِ فِي حَيِّزٍ كَانَ لِلتَّكْرَارِ الْمُرَادِ هُنَا اخْتَلَفَ فِيهَا الْأُصُولِيُّونَ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يُفِيدُهُ عُرْفًا لَا وَضْعًا (أَوْ) يَخْرُجُ (وَمَعَهُ دَمٌ) مِنْ عُضْوٍ شَرِيفٍ كَالْكَبِدِ دُونَ الْبَوَاسِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ.
قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا بِأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ خُرُوجَهُ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ وَمَعَهُ دَمٌ إنَّمَا يَكُونُ مَخُوفًا إنْ صَحِبَهُ إسْهَالٌ وَلَوْ غَيْرَ مُتَوَاتِرٍ هُوَ الصَّوَابُ، ثُمَّ بَيَّنَ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ أَصْلَ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ مُوَافَقَةٌ لِأَصْلِهِ، وَإِنَّمَا فِيهَا إلْحَاقٌ اشْتَبَهَ عَلَى الْكَتَبَةِ فَوَضَعُوهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَكُلُّ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَكَلَامُ الْأَطِبَّاءِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الزَّحِيرَ وَحْدَهُ مَخُوفٌ، وَكَذَا خُرُوجُ دَمِ الْعُضْوِ الشَّرِيفِ فَالْوَجْهُ أَخْذًا مِمَّا أَشْعَرَتْ بِهِ كَأَنْ حُمِلَ مَا فِي الْمَتْنِ عَلَى مَا إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ تَكْرَارًا يُفِيدُ إسْقَاطَ الْقُوَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إسْهَالٌ، وَيُحْمَلَ كَلَامُ أَصْلِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَحِبَهُ إسْهَالٌ نَحْوَ يَوْمَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ التَّكْرَارُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ (وَحُمَّى) شَدِيدَةٌ (مُطْبِقَةٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهُرُ مِنْ فَتْحِهَا أَيْ لَازِمَةٌ لَا تَبْرَحُ بِأَنْ جَاوَزَتْ يَوْمَيْنِ لِإِذْهَابِهَا حِينَئِذٍ لِلْقُوَّةِ الَّتِي هِيَ دَوَامُ الْحَيَاةِ فَإِنْ لَمْ تُجَاوِزْهُمَا فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا (أَوْ غَيْرُهَا) مِنْ وِرْدٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ بِانْفِرَادِهِ عَلَامَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ قِوَامُ الرُّوحِ) بِكَسْرِ الْقَافِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ قِوَامُ الْأَمْرِ بِالْكَسْرِ نِظَامُهُ وَعِمَادُهُ انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ مُتَتَابِعٌ) قَالَ الزِّيَادِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَتَابِعِ مَا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى إتْيَانِ الْخَلَاءِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِإِسْقَاطِهِ الْقُوَّةَ بِنَشَفِهِ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ السُّلُّ.
(قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ إلَخْ) قَالَ الْبُسْتِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَسِيطِ وَلَعَلَّ وَجَعَ الِاسْتِسْقَاءِ مِثْلُهُ اهـ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ أَيْ السُّلِّ وَظَاهِرُهُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ؛ لِأَنَّ الْأَطِبَّاءَ يَقُولُونَ إنَّهُ أَيْ الِاسْتِسْقَاءَ رِيحِيٌّ وَحَيَوَانِيٌّ وَزِقِّيٌّ اهـ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَتَعْرِيفُهُ) أَيْ السُّلِّ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي تَعْرِيفِ السُّلِّ، وَيُحْتَمَلُ فِي الْمُوجَزِ (قَوْلُهُ لِلْأَمْرَيْنِ) أَيْ الْقُرْحَةِ وَالْحُمَّى الدِّقَيَةَ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الثَّانِي أَيْ الْحُمَّى الدِّقَيَةُ (قَوْلُهُ جُزْءًا) أَيْ كَمَا فِي التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ أَوْ لَازِمًا أَيْ كَمَا فِي التَّعْرِيفِ الثَّانِي، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ جَعَلَ الْحُمَّى الدِّقِيَةَ لَازِمًا لِلْقُرْحَةِ لَا لِلسُّلِّ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَرَكُّبِ الشَّيْءِ مِنْ جُزْأَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ تَعْرِيفَيْ الْمُوجَزِ وَالتَّعْبِيرِ بِالْمَعِيَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَبِاللُّزُومِ فِي الثَّانِي مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ الْمُوجَزِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَلْبِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) أَيْ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَعْنِي) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْمَذْهَبُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ بِتَسْلِيمِ اعْتِمَادِهِ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ أَطْفَآ) أَيْ الرُّطُوبَةُ وَالْبَلْغَمُ (قَوْلُهُ الْحَرَّ الْغَرِيزِيَّ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ) مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ وَيَمْتَنِعُ الْجَرُّ عَلَى الصِّفَةِ لِكَوْنِهِ نَكِرَةً وَمَا قَبْلَهُ مَعْرِفَةً، إلَّا أَنْ يُجْعَلَ أَلْ فِيهِ لِلْجِنْسِ اهـ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ) أَيْ خُرُوجَ الطَّعَامِ إلَخْ وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ الْإِسْهَالِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ بِشِدَّةٍ) أَيْ سُرْعَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالتَّحْقِيقُ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ فِي حَاشِيَةِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَفِي دَلَالَةِ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ عَلَى التَّكْرَارِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لُغَةً، وَالثَّانِي تَدُلُّ عَلَيْهِ عُرْفًا لَا لُغَةً، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا لَا تُفِيدُهُ لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا اهـ اهـ سم (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ) وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخَارِجُ دَمًا خَالِصًا حَيْثُ اسْتَغْرَقَ زَمَنًا يَغْلِبُ الْمَوْتُ بِسَبَبِهِ فِيهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَكُلُّ ذَلِكَ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَشْعَرَتْ بِهِ كَانَ) أَيْ كَلِمَةُ كَانَ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلَ إلَخْ) بِالنَّصْبِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُمِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ شَدِيدَةٌ) فَالْحُمَّى الْيَسِيرَةُ لَيْسَتْ مَخُوفَةً بِحَالٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَإِلَّا فَمَخُوفٌ اهـ سم.
(قَوْلُهُ حُكْمُهَا) وَهُوَ أَنَّهَا غَيْرُ مَخُوفَةٍ اهـ ع ش
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِسْهَالٌ مُتَوَاتِرٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا إسْهَالُ يَوْمَيْنِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ عَدَمُ اسْتِمْسَاكٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَخُرُوجُ الطَّعَامِ إلَخْ) سَكَتَ الشَّارِحُ هُنَا عَنْ التَّكْرَارِ (قَوْلُهُ وَإِفَادَةُ الْمُضَارِعِ فِي حَيِّزِ كَانَ لِلتَّكْرَارِ إلَى أَنْ قَالَ يُفِيدُهُ عُرْفًا لَا وَضْعًا) قَالَ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ فِي حَاشِيَةِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَفِي دَلَالَةِ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ عَلَى التَّكْرَارِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لُغَةً وَالثَّانِي أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ عُرْفًا لَا لُغَةً، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا لَا تُفِيدُهُ لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا اهـ بِاخْتِصَارٍ كَبِيرٍ (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا) أَيْ

الصفحة 32