كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 7)

(وَاضْطِرَابِ رِيحٍ وَهَيَجَانِ مَوْجٍ) الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ لِتَلَازُمِهِمَا عَادَةً (فِي) حَقِّ (رَاكِبِ سَفِينَةٍ) بِبَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ وَإِنْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ وَقَرُبَ مِنْ الْبَرِّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَثِيرًا بَلْ هُوَ لِكَوْنِهِ لَا يَنْفَعُ فِيهِ دَوَاءٌ أَوْلَى مِنْ الْمَرَضِ.
وَخَرَجَ بِاعْتَادُوا غَيْرُهُمْ كَالرُّومِ وَبِالِالْتِحَامِ الَّذِي هُوَ اتِّصَالُ الْأَسْلِحَةِ مَا قَبْلَهُ وَإِنْ تَرَامَوْا بِالنُّشَابِ وَالْحِرَابِ وَبِمُتَكَافِئِينَ الْغَالِبَةُ بِخِلَافِ الْمَغْلُوبَةِ وَبِتَقْدِيمٍ لِذَلِكَ الْحَبْسُ لَهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الْإِيصَاءِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا احْتِيَاطًا لِحِفْظِ مَالِ الْآدَمِيِّ عَنْ الضَّيَاعِ، وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ أَنَّ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَبْسِ إلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِبُعْدِ السَّبَبِ حِينَئِذٍ، وَأَنَّهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ لَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ مَثَلًا كَانَ تَبَرُّعُهُ بَعْدَ التَّقْدِيمِ مَحْسُوبًا مِنْ الثُّلُثِ كَالْمَوْتِ أَيَّامَ الطَّعْنِ بِغَيْرِ الطَّاعُونِ (وَطَلْقُ حَامِلٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وِلَادَتُهَا لِعِظَمِ خَطَرِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُ شَهَادَةً، وَخَرَجَ بِهِ نَفْسُ الْحَمْلِ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ وَلَا أَثَرَ لِتَوَلُّدِ الطَّلْقِ الْمَخُوفِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ وَبِهِ فَارَقَ قَوْلَهُمْ لَوْ قَالَ الْخُبَرَاءُ إنَّ هَذَا الْمَرَضَ غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنْ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَخُوفٌ لَا نَادِرًا كَانَ كَالْمَخُوفِ (وَبَعْدَ الْوَضْعِ) لِوَلَدٍ مُخَلَّقٍ (مَا لَمْ تَنْفَصِلْ الْمَشِيمَةُ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْجُرْحَ الْوَاصِلَ إلَى الْجَوْفِ وَلَا خَوْفَ فِي إلْقَاءِ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ فِي الْجَوْفِ أَمَّا إذَا انْفَصَلَتْ الْمَشِيمَةُ فَلَا خَوْفَ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْوِلَادَةِ جُرْحٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ وَرَمٌ وَإِلَّا فَحَتَّى يَزُولَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ وَفَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثِ بِمَا فِي هَذَا الْفَصْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لَهُمَا مُنَاسَبَةً بِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُمَا مِنْ الْإِجَازَةِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَمِنْ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ قَدْ يَبْلُغُ الثُّلُثَ وَقَدْ لَا وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَرَضِ وَقَدْ لَا فَذُيِّلَ بِهِمَا لِيَتَفَرَّغَ الذِّهْنُ لِلرَّابِعِ لِصُعُوبَتِهِ وَطُولِ الْكَلَامِ فِيهِ

(وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ مَا أَشْعَرَ بِهَا مِنْ لَفْظٍ أَوْ نَحْوِهِ كَإِشَارَةٍ وَكِتَابَةٍ صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً فَمِنْ الصَّرِيحِ (أَوْصَيْت) فَمَا أَفْهَمَهُ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ مِنْ الْحَصْرِ غَيْرُ مُرَادٍ (لَهُ بِكَذَا) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي لَوَضَعَهَا شَرْعًا لِذَلِكَ (أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) كَذَا (أَوْ أَعْطُوهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا أَخَذَهُ غَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ جَوَازِ رُجُوعِهِ عَنْهُ عَدَمُ إلْحَاقِهِ بِالْمَخُوفِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ وَاضْطِرَابِ رِيحٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَهَيَجَانِ الْبَحْرِ بِالرِّيحِ قَالَ فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ هَيَجَانِهِ بِلَا رِيحٍ اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ وَقَرُبَ مِنْ الْبَرِّ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ النَّجَاةُ مِنْهُ اهـ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش أَيْ عَادَةً فَلَا يُقَالُ إذَا هَلَكَ بِهِ كَيْفَ يُعْرَفُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَوْ لَا اهـ وَخَالَفَهُمَا الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ السَّاحِلِ أَلَّا يَكُونَ مَخُوفًا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ) أَيْ الْحَبْسُ وَقَوْلُهُ مِثْلُهُ أَيْ التَّقْدِيمِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) فِي ظُهُورِهِ نَظَرٌ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَأَنَّهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَطَلْقُ حَامِلٍ) فَائِدَةٌ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِ آخِرِ سُورَةِ الْأَحْقَافِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ إذَا عَسِرَ عَلَى الْمَرْأَةِ وِلَادَتُهَا فَلْيَكْتُبْ فِي صَحْفَةٍ ثُمَّ يَغْسِلْهُ وَيَسْقِي وَهُوَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 46] {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [الأحقاف: 35] اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَانَ مَوْتُهَا مِنْهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ زِنًا وَقَوْلُهُ الْمَخُوفِ مِنْهُ أَيْ الْحَمْلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ مِنْ هَذَا فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ اهـ سم (قَوْلُهُ مُخَلَّقٍ) أَيْ مُصَوَّرٍ بِصُورَةِ الْآدَمِيِّ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْوَلَدِ وَيَخْرُجُ بِهِ نَحْوُ الْعَلَقَةِ كَمَا يَأْتِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ مَخُوفٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ مَاتَ فِي مَظِنَّةِ الْوِلَادَةِ بِحَيْثُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَثِيرًا، أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَظْهَرْ بَعْدَ مَوْتِهِ تَأَلُّمٌ لِلْمَرْأَةِ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَخُوفًا كَدَوَامِ الْفَالِجِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ قَوْلُهُ أَمَّا إذَا انْفَصَلَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ فَحَتَّى يَزُولَ) أَيْ نَحْوُ الْجُرْحِ الْحَاصِلِ مِنْ الْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ وَبَيْنَ الثَّالِثِ) هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَتَصِحُّ بِالْحَمْلِ، وَيُشْتَرَطُ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ قَدْ يَبْلُغُ الثُّلُثَ وَقَدْ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ الْإِجَازَةِ إلَخْ إذْ هَذَا بَيَانٌ لِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُمَا، وَالْأَوَّلُ بَيَانٌ لِمَا فِي هَذَا الْفَصْلِ وَلِلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ قَوْلُهُ فَذُيِّلَ أَيْ الرُّكْنُ الثَّالِثُ بِهِمَا أَيْ مَا فِي هَذَا الْفَصْلِ وَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ أَيْ الْوَصِيَّةِ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ عَلَى ثُلُثِ مَالِي فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مَا أَشْعَرَ إلَخْ) خَبَرُ وَصِيغَتُهَا (قَوْلُهُ مَا أَشْعَرَ بِهَا مِنْ لَفْظٍ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ الْإِشْعَارُ بِهَا قَوِيًّا فَصَرِيحَةٌ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَكِتَابَةٍ) أَيْ مَعَ نِيَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِشَارَةٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ اهـ قَالَ ع ش خَرَجَ بِهِ إشَارَةُ النَّاطِقِ فَلَغْوٌ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ أَوْصَيْت بِكَذَا فَأَشَارَ أَيْ نَعَمْ اهـ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ صَرَّحَ بِهِ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ تَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ) هُمَا صِيغَتُهَا وَأَوْصَيْت وَتَعْرِيفُ الْأَوَّلِ بِالْإِضَافَةِ وَالثَّانِي بِالْعَلَمِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ إذَا أُرِيدَ بِهَا لَفْظُهَا صَارَتْ عَلَمًا عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلتَّمْلِيكِ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَذَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــSالطَّاعُونِ أَوْ الْوَبَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ يُفَرَّقُ مَحَلُّ نَظَرٍ وَعَدَمُ الْفَرْقِ أَقْرَبُ اهـ.
كَلَامُ الشَّارِحِ، ثُمَّ قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْفَرْقِ أَقْرَبُ وَافَقَ عَلَيْهِمَا م ر (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَاضْطِرَابِ رِيحٍ وَهَيَجَانِ مَوْجٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَهَيَجَانِ الْبَحْرِ بِالرِّيحِ قَالَ فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ هَيَجَانِهِ بِلَا رِيحٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْسَنَ السِّبَاحَةَ وَقَرُبَ مِنْ الْبَرِّ) حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ النَّجَاةُ م ر (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) فِي ظُهُورِهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) لَمْ يَظْهَرْ مِنْ هَذَا فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ

(قَوْلُهُ وَزَعَمَ أَنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ إلَخْ) وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا الزَّعْمِ اخْتِصَاصُ الْأُولَى بِأَعْطُوا وَالثَّانِيَةِ بِهُوَ لَهُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَصِيَّةٌ) كَذَا م ر (قَوْلُهُ وَالْإِقْرَارُ هُنَا غَيْرُ مُتَأَتٍّ لِأَجْلِ قَوْلِهِ مَالِي إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ بِنَحْوِ

الصفحة 34