كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 7)

وَصَرَّحَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ لِمَدِينِهِ إنْ مِتّ فَأَعْطِ فُلَانًا دَيْنِي الَّذِي عَلَيْك أَوْ فَفَرِّقْهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِهِ (وَالْكِتَابَةُ) بِالتَّاءِ (كِنَايَةٌ) فَتَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةُ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهَا نُطْقًا مِنْهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ وَإِنْ قَالَ هَذَا خَطِّي وَمَا فِيهِ وَصِيَّتِي وَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ التَّحَمُّلُ حَتَّى يُقْرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ يَقُولَ أَنَا عَالِمٌ بِمَا فِيهِ وَإِشَارَةُ مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا تَفْصِيلُ الْأَخْرَسِ فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ، وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ وَمَرَّ أَنَّ كِنَايَتَهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةٍ، وَأَنَّهُ يَكْفِي الْإِعْلَامُ بِهَا بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَلَوْ قَالَ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ أَنَّهُ أَوْفَى مَالِي عِنْدَهُ فَصَدِّقُوهُ بِلَا حُجَّةٍ كَانَ وَصِيَّةً عَلَى الْأَوْجَهِ فَإِنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ صَدِّقُوهُ بِيَمِينِهِ أَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً عَلَى الْأَوْجَهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَحْ لَهُ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا قَنَعَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ بَدَلَ حُجَّةٍ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِأَمْرِ الشَّارِعِ فَلْيَكُنْ لَغْوًا وَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً لِمَنْ ادَّعَى الْوَفَاءَ وَحَلَفَ؟ قُلْت: لَيْسَ هَذَا وَضْعَ الْوَصِيَّةِ وَلَا قَرِيبًا مِنْهُ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهَا سَوَاءٌ أَعَيَّنَ الْغُرَمَاءَ أَمْ أَجْمَلَهُمْ فَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ أَبِي زُرْعَةَ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْغَرِيمَ وَقَدْرَ مُدَّعَاهُ كَانَ وَصِيَّةً بَعِيدٌ جِدًّا لِمَا قَرَّرْته أَنَّ اشْتِرَاطَهُ الْيَمِينَ إعْرَاضٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِكُلِّ وَجْهٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفِي الْإِشْرَافِ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ مَا يَدَّعِيهِ فُلَانٌ فَصَدِّقُوهُ فَمَاتَ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ هَذَا إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ وَتَعْيِينُهُ لِلْوَرَثَةِ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَدَّعِيهِ تَبَرُّؤٌ مِنْهُ وَلِأَنَّ أَمْرَهُ لِغَيْرِهِ بِتَصْدِيقِهِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ هُوَ مُصَدِّقُهُ فَلَوْ قِيلَ إنَّهُ وَصِيَّةٌ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ أَوْ مَا فِي جَرِيدَتِي قَبَضْته كُلَّهُ كَانَ إقْرَارًا بِالنِّسْبَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَرَّحَ جَمْعٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا صَرِيحٌ فِيمَا يَظْهَرُ فَمَا نُكْتَةُ إيرَادِهِ هُنَا اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمَدِينِ وَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي أَنَّ الدَّائِنَ قَالَ لَهُ إنْ مِتُّ فَأَعْطِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ بِالتَّاءِ) إلَى قَوْلِهِ وَهَذَا يُخَالِفُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهَا) أَيْ النِّيَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ قَبُولِهِ مِنْ وَلِيٍّ لِوَارِثٍ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَخْ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ، وَلَا بُدَّ إلَخْ وَهَذِهِ الْغَايَةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا لَوْ قَالَ هَذَا خَطِّي إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ كِتَابَتِهِ نِيَّةُ الْوَصِيَّةِ أَمَّا قَوْلُهُ هَذَا مَا فِيهِ وَصِيَّتِي فَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا فِيهَا لَا يَكُونُ وَصِيَّةً إلَّا إذَا نَوَى إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ مَا فِيهِ وَصِيَّتِي مُحْتَمِلًا لَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى هَذَا مَا كُتِبَتْ فِيهِ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ لَمْ يُغْنِ ذَلِكَ عَنْ الِاعْتِرَافِ بِالنِّيَّةِ نُطْقًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا اهـ ع ش وَقَوْلُهُ مَا كَتَبْت فِيهِ إلَخْ الْأَوْلَى مَا أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ بِهِ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ هَذَا إلَخْ لَا يُقَالُ هَذَا الْقَوْلُ صَرِيحٌ فِي إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَكِنْ لَا فِي إرَادَتِهَا حِينَ الْكِتَابَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ كَتَبَ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا وَهُوَ نَاطِقٌ وَأَشْهَدَ جَمَاعَةً أَنَّ الْكِتَابَ خَطُّهُ وَمَا فِيهِ وَصِيَّتُهُ وَلَمْ يُطْلِعْهُمْ عَلَى مَا فِيهِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَصِيَّتُهُ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا فَأَشَارَ أَنْ نَعَمْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَا فِيهِ إلَخْ) كَذَا فِي الْمُغْنِي بِالْوَاوِ وَعَبَّرَ النِّهَايَةُ بِأَوْ بَدَلِ الْوَاوِ (قَوْلُهُ لِلشَّاهِدِ) أَيْ عَلَى الْوَصِيَّةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ حَتَّى يُقِرَّ) أَيْ الْمُوصَى عَلَيْهِ أَيْ الشَّاهِدُ الْكِتَابَ أَيْ وَيَعْتَرِفُ بِمَا فِيهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ يَقُولَ أَنَا عَالِمٌ بِمَا فِيهِ وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ) ضَرْبٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ وَأَثْبَتَهُ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ) عِبَارَةُ ع ش أَوْ الْفَطِنِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَلَغْوٌ اهـ.
(قَوْلُهُ أَنَّ كِنَايَتَهُ) أَيْ الْأَخْرَسِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ الْإِعْلَامُ بِهَا) أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ) أَيْ ثَانِيَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِلَا حُجَّةٍ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَانَ وَصِيَّةً إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي أَيْضًا (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) اعْتَمَدَهُ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اهـ ع ش أَيْ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَنَعَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ اهـ سم (قَوْلُهُ بِحُجَّةٍ) وَهِيَ الْيَمِينُ وَقَوْلُهُ بَدَلَ حُجَّةٍ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ وَقَدْرَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْغَرِيمِ (قَوْلُهُ وَفِي الْإِشْرَافِ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ إلَخْ) أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَا يَدَّعِيهِ فُلَانٌ فَصَدِّقُوهُ وَبَيْنَ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا فَصَدِّقُوهُ إلَّا بِزِيَادَةِ بِلَا حُجَّةٍ اهـ سم وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا فِيهِ تَعَيُّنُ الْمُدَّعِي فَأَمْكَنَ كَوْنُهُ إقْرَارًا بِخِلَافِ ذَاكَ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ أَقُولُ قَدْ يَأْتِي فِيهِ مَا قَدَّمْته عَنْهُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِلَّا بَطَلَ (قَوْلُهُ هَذَا إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ وَتَعْيِينُهُ لِلْوَرَثَةِ) جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَقَوْلِهِ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ شَيْئًا فَصَدِّقُوهُ (قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي جَرِيدَتِي) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ شَيْئًا إلَخْ وَهُوَ إلَى قَوْلِهِ وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِرَافِ بِهَا) أَيْ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ هَذَا إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا الْقَوْلُ صَرِيحٌ فِي إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَكِنْ لَا فِي إرَادَتِهَا حِينَ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يَقُولَ أَنَا عَالِمٌ بِمَا فِيهِ) وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ ضُرِبَ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ وَأَثْبَتَهُ م ر (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) اعْتَمَدَهُ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ م ر (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ صَدَّقُوهُ بِيَمِينِهِ إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ رَجُلٌ لَهُ مَسَاطِيرُ عَلَى غُرَمَاءَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ وَأَوْصَى أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِمَّا عَلَيْهِ أَوْ ادَّعَى وَفَاءَهُ يُحَلَّفُ وَيُتْرَكُ فَهَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ فِي الْوَرَثَةِ أَطْفَالًا؟ الْجَوَابُ نَعَمْ يُعْمَلُ بِهِ خُصُوصًا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِمَا فِي الْمَسَاطِيرِ فَإِنَّهَا لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ، وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَيًّا فَإِذَا أَجَابَ الْمَدْيُونُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِمَّا فِي الْمَسْطُورِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَحَلَفَ وَبَرِئَ وَأَقَلُّ أُمُورِ ذَلِكَ إذَا شَهِدَتْ بِمَا فِي الْمَسْطُورِ بَيِّنَةٌ مَقْبُولَةٌ أَنْ يَجْعَلَ وَصِيَّةً تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَشْهَدْ بِهِ بَيِّنَةٌ فَتَسْقُطُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَا فِي الْمَسْطُورِ مِنْ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ شُرِطَ تَحْلِيفُهُ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ صَدَّقُوهُ بِيَمِينِهِ أَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةٌ عَلَى الْأَوْجَهِ أَيْضًا إلَخْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِالتَّصْرِيحِ بِالْوَصِيَّةِ هُنَا كَمَا يَدُلُّ قَوْلُ السُّؤَالِ وَأَوْصَى أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا إلَخْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْوَصِيَّةَ لِلْمَدْيُونِ بَلْ هُوَ وَصِيَّةٌ لِجَمَاعَتِهِ بِمُعَامَلَتِهِ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْإِشْرَافِ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ مَا يَدَّعِيهِ فُلَانٌ إلَخْ) أَيْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يَدَّعِيهِ فُلَانٌ فَصَدِّقُوهُ وَبَيْنَ

الصفحة 36