كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 7)

أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الدُّخُولِ وَالْقَبُولِ وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ تَقَدُّمَ الدُّخُولِ يُزِيلُ فَوْرِيَّةَ الْقَبُولِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَدْ لَا يُزِيلُهَا (طَلَقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ الْقَبُولِ طَلَاقًا بَائِنًا (بِالْمُسَمَّى) لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ كَالْمُنَجَّزِ وَيَلْزَمُهَا تَسْلِيمُهُ لَهُ حَالًا كَسَائِرِ الْأَعْوَاضِ الْمُطْلَقَةِ، وَالْمُعَوَّضُ تَأَخَّرَ بِالتَّرَاضِي لِوُقُوعِهِ فِي ضِمْنِ التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ الْمُنَجَّزِ يَجِبُ فِيهِ تَقَارُنُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ: بِالْمُسَمَّى لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الضَّعِيفِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ كَذَلِكَ لِإِفَادَةِ الْبَيْنُونَةِ كَمَا قَرَّرْته (وَفِي وَجْهٍ، أَوْ قَوْلٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ غَيْرُ مَحْضَةٍ

(وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيٍّ، وَإِنْ كَرِهَتْ الزَّوْجَةُ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ، وَالِالْتِزَامُ يَتَأَتَّى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - سَمَّى الْخُلْعَ فِدَاءً كَفِدَاءِ الْأَسِيرِ، وَقَدْ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ مَا يَعْلَمُهُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ وَهَذَا كَالْحِكْمَةِ، وَإِلَّا فَلَوْ قَصَدَ بِنِدَّتِهَا مِنْهُ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا صَحَّ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَأْثَمُ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ لَوْ أَعْلَمَهَا بِذَلِكَ فَسَقَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ (وَهُوَ كَاخْتِلَاعِهَا لَفْظًا) أَيْ فِي أَلْفَاظِ الِالْتِزَامِ السَّابِقَةِ (وَحُكْمًا) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ابْتِدَاءُ صِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ بِشَوْبِ تَعْلِيقٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْقَبُولِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْمُعَاوَضَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ نَظَرًا لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ وَهْمٌ، وَمِنْ جَانِبِ الْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ بِشَوْبِ جَعَالَةٍ فَفِي طَلَّقْت امْرَأَتِي بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِك فَقَبِلَ وَطَلِّقْ امْرَأَتَك بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِي فَأَجَابَهُ تَبِينُ بِالْمُسَمَّى وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ حُكْمًا نَحْوُ طَلِّقْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ إلَخْ) أَيْ مِنْ تَقَدُّمِ الْقَبُولِ عَلَى الدُّخُولِ فَكَانَ الْأَوْلَى بَيْنَ الْقَبُولِ وَالدُّخُولِ (قَوْلُ الْمَتْنِ طَلَقَتْ إلَخْ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْخُلْعِ بِالْمُسَمَّى مَا لَوْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى مِائَةٍ وَهِيَ حَامِلٌ فِي غَالِبِ الظَّنِّ فَتَطْلُقُ إذَا أَعْطَتْهُ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلٍ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي عِبَارَةُ سم فِي الرَّوْضِ قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا انْتَهَى اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَهِيَ حَامِلٌ فِي غَالِبِ الظَّنِّ لَمْ يُبَيِّنْ مَفْهُومَهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّوْضِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهَا حَامِلًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْحَمْلُ بِعَلَامَاتٍ قَوِيَّةٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ بِهَا فَالْأَقْرَبُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالْمُسَمَّى وَقَوْلُهُ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلٍ أَيْ وَيَرُدُّ الْمِائَةَ لَهَا اهـ (قَوْلُهُ: حَالًا) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِهِ عَلَى الدُّخُولِ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَلَّمَتْهُ، وَلَمْ تَدْخُلْ إلَى أَنْ مَاتَتْ فَالْقِيَاسُ اسْتِرْدَادُ الْأَلْفِ مِنْهُ وَيَكُونُ تَرِكَةً وَأَنَّهُ يَفُوزُ بِالْفَوَائِدِ الْحَاصِلَةِ مِنْهُ لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ اهـ قُلْت الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ لَمْ يَدَّعِ هَذَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْمُصَنِّفَ (قَوْلُهُ: لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ) أَيْ فَيُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ الْعِوَضِ دُونَ الطَّلَاقِ لِقَبُولِهِ التَّعْلِيقَ وَإِذَا فَسَدَ الْعِوَضُ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ اهـ مُغْنِي

(قَوْلُ الْمَتْنِ اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ بِلَفْظِ خُلْعٍ، أَوْ طَلَاقٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَهَذَا كَالْحِكْمَةِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْمِلُهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ عَلَيْهِ أَيْ الْخُلْعِ مَا يَعْلَمُهُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ أَيْ سُوءِ الْمُعَاشَرَةِ وَعَدَمِ إقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَصَرْفُ الْمَالِ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بِسَفَهٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الْفَرْضِ الَّذِي حَمَلَ الْأَجْنَبِيَّ عَلَى الْخُلْعِ كَالْحِكْمَةِ أَيْ فِي خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ لَا عِلَّةٌ لِجَوَازِهِ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الْفَرْضِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ الزَّوْجِ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا نَظَرًا لِلْمُعَاوَضَةِ، أَوْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ فَتَعْلِيقٌ فِيهِ شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ هُنَا وَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ قَدْ يُعَلَّقُ عَلَى الْعِوَضِ مِنْ جِهَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ نَظَرَ إلَخْ) أَيْ بَدَلُ نَظَرِ الشَّوْبِ الْمُعَاوَضَةُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَهْمٌ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ سَبْقُ قَلَمٍ وَهِيَ أَلْيَقُ بِالْأَدَبِ عَلَى أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَحَلِّيِّ نَظَرٌ لِلْمُعَاوَضَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ فِي حَاشِيَتِهِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ.
(قَوْلُهُ: بِشَوْبِ جَعَالَةٍ) فَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَرْجِعَ نَظَّرَا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ مُغْنِي وَمَحَلِّيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ مِنْ جَانِبِهِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي جَوَازَ الرُّجُوعِ قَبْلَ جَوَابِ الْمُجِيبِ فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْجَعَالَةِ بِالتَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِمْ نَظَرًا إلَخْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّخْصِيصُ بِالْعَكْسِ لَكَانَ أَنْسَبَ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ جُعِلَتْ مَلْحُوظَةً أَصْلًا وَالْجَعَالَةَ تَبَعًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ صَنِيعُهُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَفِي طَلَّقْت إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لِلْأَجْنَبِيِّ طَلَّقْت إلَخْ، أَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلزَّوْجِ طَلِّقْ إلَخْ اهـ وَهِيَ لِظُهُورِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ فَقَبِلَ وَلِقَوْلِهِ فَأَجَابَهُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: نَحْوُ طَلِّقْهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي صُوَرٌ أَحَدُهَا مَا لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَخَالَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَرَاخَى أَحَدُ أَجْزَائِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ طَلَقَتْ بِالْمُسَمَّى) فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ (فَرْعٌ) قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا اهـ.
(قَوْلُهُ: حَالًا) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِهِ عَلَى الدُّخُولِ

(قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا نَظَرًا لِلْمُعَاوَضَةِ، أَوْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ فَتَعْلِيقٌ فِيهِ شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ هُنَا وَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ قَدْ يُعَلَّقُ عَلَى الْعِوَضِ مِنْ

الصفحة 497