كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 7)

وَمِنْهَا فِطْرَةُ الْقِنِّ (إنْ أُوصِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ، وَيَصِحُّ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ إنْ أَوْصَى الْمُوصِي (بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ فِيمَا عَدَا تِلْكَ الْمُدَّةِ.
وَفِيمَا إذَا أُوصِيَ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ سَنَةً تُحْمَلُ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى لِقَوْلِهِمْ لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ سَنَةً ثُمَّ آجَرَهُ سَنَةً وَمَاتَ فَوْرًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مَنْفَعَةُ السَّنَةِ الْأُولَى، وَقَدْ فَوَّتَهَا وَعَلَى تَعَيُّنِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَائِبًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَجَبَ لَهُ إذَا قَبِلَ الْوَصِيَّةَ بَدَلَ مَنْفَعَةِ تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي تَلِي الْمَوْتَ، وَإِنْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ بِهِ يَتَبَيَّنُ اسْتِحْقَاقُهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّ فَوَاتَ حَقِّهِ بِغَيْبَتِهِ، ثُمَّ رَتَّبَ عَلَيْهِ بَحْثَهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ لَهُ سَنَةً مِنْ حِينِ الْمُطَالَبَةِ (وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَفْتَى صَاحِبُ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ وَإِنْ عَتَقَ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ عَلَى الْأَبَدِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجَرِ لِانْتِهَاءِ مِلْكِ مَنَافِعِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَصْبَحِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَسْرَارِ وَخَالَفَهُمَا أَبُو شُكَيْلٍ وَالسَّبْتِيُّ فَقَالَا بَلْ لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ، وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الثَّانِيَ بِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ إذْ لَمْ يَعُدَّ أَحَدٌ مِنْ مَوَانِعِ نَحْوِ الْإِرْثِ وَالشَّهَادَةِ اسْتِغْرَاقَ الْمَنَافِعِ اهـ.
وَقَوْلُ الْهَرَوِيِّ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الرَّأْيَيْنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ لِاسْتِغْرَاقِ مَنَافِعِهِ وَإِنْ كَانَ حُرًّا، وَمَحَلُّهُ إنْ زَادَ اشْتِغَالُهُ بِهَا عَلَى قَدْرِ الظَّهْرِ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ لِمَالِكِ مَنَافِعِهِ مَنْعُهُ مِنْهَا كَالسَّيِّدِ مَعَ قِنِّهِ (وَبَيْعُهُ) أَيْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَحُذِفَ فَاعِلُهُ وَهُوَ الْوَارِثُ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْوَارِثِ السَّابِقِ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ (إنْ لَمْ يُؤَبِّدْ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ الْمُوصِي الْمَنْفَعَةَ وَلِلْمَفْعُولِ أَيْ إنْ لَمْ تُؤَبَّدْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَتِهِ (كَ) بَيْعِ الشَّيْءِ (الْمُسْتَأْجَرِ) فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ وَأَفْهَمَ التَّشْبِيهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُدَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِبْدَاءُ ابْنِ الرِّفْعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّابَّةِ كَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ، وَأَمَّا سَقْيُ الْبُسْتَانِ الْمُوصَى بِثَمَرِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا) أَيْ الْمُؤْنَةِ (قَوْلُهُ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ) فِيهِ أَنَّ الْفَاعِلَ لَا يُحْذَفُ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ لِلْمُوصِي الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ سم اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَفِيمَا إذَا أُوصِيَ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ إلَخْ) لَا مُنَاسَبَةَ لَهُ هُنَا، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَوْ تَأْخِيرَهُ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ بِمَنْفَعَتِهِ) أَيْ الْقِنِّ (قَوْلُهُ وَمَاتَ) أَيْ الْمُوصِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ، وَقَوْلُهُ وَقَدْ فَوَّتَهَا أَيْ الْمُوصِي بِالْإِجَارَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَعَلَى تَعَيُّنِ الْأُولَى إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى النَّقْلِ مَعَ أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عِبَارَتُهَا وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ يَعْنِي قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ إنْ انْقَضَتْ قَبْلَ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ كَانَ الْمَنْفَعَةُ بَقِيَّةَ السَّنَةِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا مَضَى وَإِنْ انْقَضَتْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ لِلْمُوصَى لَهُ سَنَةً مِنْ يَوْمِ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الْوَارِثُ حَتَّى انْقَضَتْ سَنَةٌ بِلَا عُذْرٍ فَمُقْتَضَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ تُقَوَّمُ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ وَمُقْتَضَى الثَّانِي تَسْلِيمُ سَنَةٍ أُخْرَى انْتَهَتْ.
وَبِمَا تَقَرَّرَ ظَهَرَ لَك مَا فِي إطْلَاقِ الشَّارِحِ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْوَارِثِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُوصَى لَهُ فَتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُطْلِقْ الْوُجُوبَ بَلْ قَيَّدَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ فَصْلِ أَوْصَى بِشَاةٍ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبِ سم وَكُرْدِيٌّ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَدَلَ اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَاتَتْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ ثُمَّ رَتَّبَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الظَّنِّ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَكَذَا أَبَدًا إلَخْ) بِأَنْ يَقُولَ أَبَدًا أَوْ مُدَّةَ حَيَاةِ الْعَبْدِ أَوْ يُطْلِقَ لِمَا مَرَّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ بَلْ لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ الْمُغْنِي مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ اسْتِغْرَاقَ الْمَنَافِعِ) مَفْعُولُ لَمْ يَعُدَّ (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ لَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ عَدَمُ لُزُومِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ عَدَمِ اللُّزُومِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ كَالسَّيِّدِ مَعَ قِنِّهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْمَنْعِ لَا غَيْرُ، وَأَمَّا اللُّزُومُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْقِنِّ لِنَقْصِهِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَنَّهُ تُعْتَبَرُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَأَفْهَمَ التَّشْبِيهُ إلَى وَإِلَّا وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ كَافِرٍ إلَى فَإِنْ قُلْت وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُدْفَعَ مِنْ غَلَّةٍ إلَى وَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُرَدُّ إلَى وَلَوْ أَوْصَى بِأَمَةٍ وَقَوْلُهُ أَيْ وَقُلْنَا إلَى فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْوَارِثِ إلَخْ) أَيْ وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ (قَوْلُهُ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ) فِيهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُحَشِّي وَكَانَ عَدَمُ تَعَرُّضِهِ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ لِقُرْبِهِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ الْمَنْفَعَةَ) مَفْعُولُ يُؤَبِّدْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَلِلْمَفْعُولِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ أَيْ إنْ لَمْ تُؤَبَّدْ الْوَصِيَّةُ إلَخْ) أَيْ وَالتَّذْكِيرُ فِي الْمَتْنِ بِتَأْوِيلِ التَّبَرُّعِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ الْمُؤَنَّثَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِلْمُوصَى لَهُ قَطْعًا وَلِغَيْرِهِ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ) وَعَلَفُ الدَّابَّةِ كَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَأَمَّا سَقْيُ الْبُسْتَانِ الْمُوصَى بِثَمَرِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الْمَنْفَعَةِ لِحُرْمَةِ الزَّوْجِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ) فِيهِ أَنَّ الْفَاعِلَ لَا يُحْذَفُ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ لِلْمُوصِي الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ سَنَةً تُحْمَلُ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى) تَقَدَّمَ خِلَافُ هَذَا عَنْ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا عَبَّرَ بِالْخِدْمَةِ فَكَأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْخِدْمَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَتَقَدَّمَ تَجْوِيزُ الشَّارِحِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ اسْتَوْلَى إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِوَجَبَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَبَّدْ) وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَطَرِيقُ

الصفحة 65