كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 8)

(الْمُوَزَّعِ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ) فَلِكُلِّ حَرْفٍ رُبُعُ سُبْعِ الدِّيَةِ وَأَسْقَطُوا " لَا " لِتَرَكُّبِهَا مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا وَالنُّحَاةُ لِلْأَلِفِ وَالْهَمْزَةِ ضَعِيفٌ
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا ذُكِرَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَلِفَ تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ السَّاكِنَةِ وَبِهِ صَرَّحَ سِيبَوَيْهِ فَاسْتَغْنَوْا بِالْهَمْزَةِ عَنْ اللَّيِّنَةِ لِانْدِرَاجِهَا فِيهَا وَتُوَزَّعُ فِي لُغَةِ غَيْرِ الْعَرَبِ إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُمْ عَلَى حُرُوفِهَا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ كَأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فِي لُغَةٍ وَأَحَدٍ وَثَلَاثِينَ فِي أُخْرَى وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهَاتَيْنِ وُزِّعَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا (وَقِيلَ لَا تُوَزَّعُ عَلَى الشَّفَهِيَّةِ) وَهِيَ الْبَاءُ وَالْفَاءُ وَالْمِيمُ وَالْوَاوُ (وَالْحَلْقِيَّةُ) وَهِيَ الْهَمْزَةُ وَالْهَاءُ وَالْعَيْنُ وَالْغَيْنُ وَالْحَاءُ وَالْخَاءُ بَلْ عَلَى اللِّسَانِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي بِهَا النُّطْقُ وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ بَلْ كَمَالُ النُّطْقِ مُرَكَّبٌ مِنْ جَمِيعِهَا فَفِي بَعْضِ كُلِّ مِنْ تَيْنِك قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَلَوْ أَذْهَبَ حَرْفًا لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بِجِنَايَةٍ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ الْمُوَزَّعُ عَلَيْهَا) أَيْ وَالْحُرُوفُ الَّتِي يُوَزَّعُ عَلَيْهَا الدِّيَةُ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَلِكُلِّ حَرْفٍ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَقِيلَ قِسْطُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ ضَعِيفٌ إلَى وَتُوَزَّعُ (قَوْلُهُ فَلِكُلِّ حَرْفٍ رُبُعُ سُبْعِ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا نُسِبَ الْحَرْفُ لِلثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا كَانَ رُبُعُ سُبْعِهَا وَرُبُعُ سُبْعِ الدِّيَةِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ بَعِيرٍ لِلْكَامِلِ وَيُؤْخَذُ لِغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ كَمَا فِي الْحَلَبِيِّ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَسْقَطُوا لَا لِتَرَكُّبِهَا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاضِعَ لَمْ يُرِدْ جَعْلَ لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ حَرْفًا؛ لِأَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْحُرُوفِ بَسَائِطُ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْأَلِفَ اللَّيِّنَةَ وَأَمَّا الْهَمْزَةُ فَهِيَ الْمُرَادَةُ بِالْأَلِفِ أَوَّلَ الْحُرُوفِ وَيَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ مِنْ لَا الْأَلِفَ اللَّيِّنَةَ جَعْلُهُ لَهَا بَيْنَ أُخْتَيْهَا الْوَاوِ وَالْيَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ يُرَكِّبْ أُخْتَيْهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ النُّطْقُ بِمُسَمَّاهُمَا مُسْتَقِلًّا لِقَبُولِهِمَا لِلتَّحْرِيكِ دُونَهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهَا؛ لِأَنَّهَا حَرْفٌ مُسْتَقِلٌّ يَتَوَقَّفُ تَمَامُ النُّطْقِ عَلَيْهِ بَلْ هِيَ أَكْثَرُ دَوَرَانًا فِي الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا لَا يَخْفَى وَقَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا إلَخْ لَا يَخْفَى مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يَعْتَبِرْهَا مِنْ حَيْثُ تَرَكُّبِهَا وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ مَا أُرِيدَ مِنْهَا، وَهُوَ الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ اعْتِبَارَهَا مُتَعَيِّنٌ وَحِينَئِذٍ فَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ هُوَ عَيْنُ اعْتِبَارِ النُّحَاةِ لَا غَيْرُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا وَالنُّحَاةُ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا تَكُونُ الْحُرُوفُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا ذُكِرَ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يَعْتَبِرْ لَا مِنْ حَيْثُ تَرَكُّبُهَا حَتَّى يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ هَذَا الرَّدُّ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَلِفَ تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ إلَخْ فِيهِ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْحُرُوفِ الَّتِي تُقَسَّطُ عَلَيْهَا الدِّيَةُ إنَّمَا هِيَ الْمُسَمَّيَاتُ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْكَلَامِ فَلَا شَكَّ أَنَّ نُطْقَ اللِّسَانِ بِالْهَمْزَةِ غَيْرُهُ بِالْأَلِفِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَخْرَجٌ مَخْصُوصٌ يُبَايِنُ الْآخَرَ وَلَيْسَ الْمَدَارُ فِيهَا عَلَى الْأَسْمَاءِ الَّتِي هِيَ لَفْظُ الْأَلِفِ وَلَفْظُ بَاءٍ إلَخْ حَتَّى يَتَوَجَّهَ مَا ذُكِرَ هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُتَدَبَّرْ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم قَرَّرَ نَحْوَ مَا ذَكَرْته آخِرًا ثُمَّ قَالَ إنَّ الْوَجْهَ تَقْسِيطُ الدِّيَةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَلِفَ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى النَّبِيهِ إذْ الْحَقِيقَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ لِاخْتِلَافِ مَخْرَجِهِمَا ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّي سم قَالَ لَا وَجْهَ لِتَضْعِيفِ كَلَامِ النُّحَاةِ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنَّ إطْلَاقَ الْأَلِفِ عَلَى الْأَعَمِّ لَا يَمْنَعُ النَّصَّ عَلَى كُلٍّ بِخُصُوصِهِ الَّذِي هُوَ أَبْيَنُ وَأَظْهَرُ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ، وَلَا وَجْهَ لِلتَّوْزِيعِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ كَوْنِ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ حَقِيقَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ لِلُزُومِ إهْدَارِ أَحَدِهِمَا فَالْوَجْهُ التَّوْزِيعُ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ لَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهَا وَحْدَهَا، وَلَا تَكُونُ إلَّا تَبَعًا وَتَتَوَلَّدُ مِنْ إشْبَاعِ غَيْرِهَا، وَلَا تَتَمَيَّزُ حَقِيقَتُهَا تَمَيُّزًا ظَاهِرًا عَنْ الْهَوَاءِ الْمُجَرَّدِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ، وَلَمْ تُوَزَّعْ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سَيِّدْ عُمَرْ وَعِ ش (قَوْلُهُ تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهَا مِنْ الْمُشْتَرَكِ لَا الْعَامِّ فَإِنَّ الْعَامَّ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى مَعْنَى يَشْتَرِكُ فِيهِ أَفْرَادٌ يَتَنَاوَلُهَا جَمِيعًا وَلَيْسَ الْأَلِفُ كَذَلِكَ بَلْ تُطْلَقُ عَلَى هَذَا وَعَلَى هَذَا ع ش (قَوْلُهُ لِانْدِرَاجِهَا) أَيْ اللَّيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهَاتَيْنِ) غَيْرُ الْعَرَبِيَّتَيْنِ عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ، وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا وُزِّعَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ اهـ فَلْيُحْمَلْ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ اللُّغَتَانِ غَيْرَ عَرَبِيَّتَيْنِ ع ش أَقُولُ هَذَا الْحَمْلُ بَعِيدٌ فِي الْغَايَةِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ وُزِّعَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا) ، وَلَوْ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَذَهَبَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ وَجَبَ أَرْشُهُمَا مَعَ دِيَتِهِمَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ نِهَايَةٌ وَأَسْنَى وَمُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ خِلَافُهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَى الشَّفَهِيَّةِ) نِسْبَةً لِلشَّفَةِ عَلَى أَصْلِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَهُوَ شَفَهَةٌ وَلَك أَنْ تَنْسُبَهَا لِلَّفْظِ فَنَقُولُ شَفِيَ، وَقِيلَ أَصْلُ شَفَةٍ شَفْوَةٌ ثُمَّ حُذِفَتْ الْوَاوُ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ الشَّفَوِيَّةُ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا الَّتِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى اللِّسَانِ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْحُرُوفِ الْخَارِجَةِ مِنْهُ وَهِيَ مَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُوَزَّعُ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ اللِّسَانِ النُّطْقُ بِهَا فَيُكَمِّلُ الدِّيَةَ فِيهَا وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحُرُوفَ، وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا وَالنُّحَاةِ لِلْأَلِفِ وَالْهَمْزَةِ ضَعِيفٌ) لَا وَجْهَ لِتَضْعِيفِ كَلَامِ النُّحَاةِ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّ إطْلَاقَ الْأَلِفِ عَلَى الْأَعَمِّ لَا يَمْنَعُ النَّصَّ عَلَى كُلٍّ بِخُصُوصِهِ الَّذِي هُوَ أَبْيَنُ وَأَظْهَرُ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ، وَلَا وَجْهَ لِلتَّوْزِيعِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ كَوْنِ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ حَقِيقَتَيْنِ مُتَبَايِنَتَيْنِ لِلُزُومِ إهْدَارِ أَحَدِهِمَا فَالْوَجْهُ التَّوْزِيعُ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَدَبَّرْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ لَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهَا وَحْدَهَا، وَلَا يَكُونُ إلَّا تَبَعًا وَيَتَوَلَّدُ مِنْ إشْبَاعِ غَيْرِهَا، وَلَا تَتَمَيَّزُ حَقِيقَتُهَا تَمَيُّزًا ظَاهِرًا عَنْ الْهَوَاءِ الْمُجَرَّدِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ وَلَمْ يُوَزَّعْ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ

الصفحة 478