كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 8)

فَعَادَ لَهُ حَرْفٌ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُهُ وَجَبَ لِلذَّاهِبِ قِسْطُهُ مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي يُحْسِنُهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) وَلَهُ كَلَامٌ مُفْهِمٌ فَجَنَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ (فَدِيَةٌ) لِوُجُودِ نُطْقِهِ وَضَعْفُهُ لَا يَمْنَعُ كَمَالَ الدِّيَةِ فِيهِ كَضَعْفِ الْبَطْشِ وَالْبَصَرِ (وَقِيلَ) فِيهِ (قِسْطٌ) مِنْ الدِّيَةِ وَفَارَقَ ضَعْفَ نَحْوِ الْبَطْشِ بِأَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ غَالِبًا وَالنُّطْقُ يَتَقَدَّرُ بِالْحُرُوفِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ حَيْثُ بَقِيَ كَلَامٌ مُفْهِمٌ بَقِيَ مَقْصُودُ الْكَلَامِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ (، أَوْ) عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا (بِجِنَايَةٍ فَالْمَذْهَبُ لَا يُكَمَّلُ) فِيهَا (دِيَةٌ) لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِيمَا أَبْطَلَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا أَحْسِبُهُ كَذَلِكَ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي السَّيِّدِ هَلْ يُلْحَقُ بِالْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ لِقِنِّهِ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْ تَغْرِيمِهِ مَانِعٌ، وَلَا كَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ (وَلَوْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبُعُ) أَحْرُفِ (كَلَامِهِ، أَوْ عُكِسَ فَنِصْفُ دِيَةٍ) اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَ ذَلِكَ وَاجِبُهُ فَدَخَلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ دُخُولُ الْمُسَاوِي فِيمَا إذَا قُطِعَ النِّصْفُ فَذَهَبَ النِّصْفُ وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِذَهَابِهِ بِلَا قَطْعٍ فَمَعَ قَطْعٍ أَوْلَى، أَوْ فَلَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ إذْ لَوْ وَجَبَ الْقِسْطُ لَوَجَبَتْ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَقِيلَ الْقِسْطُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ.

(وَفِي) إبْطَالِ (الصَّوْتِ دِيَةٌ) إنْ بَقِيَتْ قُوَّةُ اللِّسَانِ بِحَالِهَا لِخَبَرٍ فِيهِ وَتَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّوْتِ فِيهِ الْكَلَامُ يُحْتَاجُ دَلِيلٌ وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ ذَلِكَ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (فَإِنْ أَبْطَلَ مَعَهُ حَرَكَةَ لِسَانِهِ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ فَدِيَتَانِ) لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدِيَةٍ لَوْ انْفَرَدَ (وَقِيلَ دِيَةٌ) وَانْتَصَرَ لِتَرْجِيحِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْمَخَارِجِ الِاعْتِمَادُ فِي جَمِيعِهَا عَلَى اللِّسَانِ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ النُّطْقُ. اهـ وَبِهِ عُلِمَ مَا فِي تَعْبِيرِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ (قَوْلُهُ فَعَادَ لَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَضْمَنُ أَرْشَ حَرْفٍ فَوَّتَتْهُ ضَرْبَةٌ وَإِفَادَتُهُ حُرُوفًا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ النُّطْقِ بِهَا، وَلَا يُجْبَرُ الْفَائِتُ بِمَا يَحْدُثُ؛ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ. اهـ (قَوْلُ الْمَتْنِ خِلْقَةً) أَيْ كَأَرَتَّ وَأَلْثَغَ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) وَكَالْآفَةِ جِنَايَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ حَجّ الْآتِي ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ فَدِيَةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ فِي إبْطَالِ كَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى هَذَا لَوْ بَطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضُ الْحُرُوفِ فَالتَّوْزِيعُ عَلَى مَا يُحْسِنُهُ لَا عَلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَضَعْفُهُ لَا يَمْنَعُ إلَخْ) اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ، أَوْ بِجِنَايَةٍ) إلَخْ، وَلَوْ أَبْطَلَ بَعْضَ مَا يُحْسِنُهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِمَّا ذُكِرَ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَفَارَقَ إلَخْ) أَيْ عَلَى هَذَا سم وَعِ ش (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ) إلَى قَوْلِهِ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَنَقَلَ الْمُغْنِي الْقَضِيَّةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا وَمَقَالَةَ الْأَذْرَعِيِّ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِتَرْجِيحِ سَيِّدْ عُمَرْ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ أَيْ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّ جِنَايَةَ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ كَالْحَرْبِيِّ، وَلَمْ يُبَيِّنْ عِلَّةَ الْأَوْجَهِ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ أَنَّ الْجِنَايَةَ الْغَيْرَ الْمَضْمُونَةِ كَالْآفَةِ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ أَيْ الْفَرْقُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ وَاعْتَمَدَهُ حَجّ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ، وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ إلَخْ) ، وَلَوْ قَطَعَ لِسَانًا ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ مَثَلًا لِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ شَيْءٍ مِنْهُ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ جَمِيعَ اللِّسَانِ مَعَ بَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ، أَوْ عَكَسَ) أَيْ بِأَنْ قَطَعَ رُبُعَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ حُرُوفٌ هِيَ نِصْفُ كَلَامِهِ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَنِصْفُ دِيَةٍ) يَجِبُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَوْ قَطَعَ فِي الصُّورَتَيْنِ آخَرَ الْبَاقِي فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ فِي الْأُولَى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْكَلَامِ وَقَطَعَ فِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ اللِّسَانِ، وَلَا يُقْتَصُّ مَقْطُوعُ نِصْفٍ ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ مِنْ مَقْطُوعِ نِصْفٍ ذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ إذَا قَطَعَ الثَّانِي الْبَاقِيَ مِنْ لِسَانِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَجْرَيْنَا الْقِصَاصَ فِي بَعْضِ اللِّسَانِ لِنَقْصِ الْأَوَّلِ عَنْ الثَّانِي، وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي فَلَمْ يَذْهَبْ إلَّا رُبُعُ كَلَامِهِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ لِيَتِمَّ حَقُّهُ فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ مُغْنِي وَرَوْضٌ الْأَسْنَى (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا) إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ الْقِسْطُ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَذَهَبَ إلَى فَلَمْ يَذْهَبْ (قَوْلُهُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ اللِّسَانِ وَالْكَلَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ لَكَانَ ذَلِكَ أَيْ نِصْفُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ وَجَبَ الْقِسْطُ لَوَجَبَتْ إلَخْ) وَجْهُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ وُجُوبَ الْقِسْطِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِذَاتِ اللِّسَانِ بِلَا اعْتِبَارِ الْكَلَامِ سم (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْقِسْطُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ ع ش.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِي الصَّوْتِ دِيَةٌ) ، وَلَوْ أُذْهِبَ بِإِبْطَالِ الصَّوْتِ النُّطْقُ وَاللِّسَانُ سَلِيمُ الْحَرَكَةِ وَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعْطِيلَ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ كَإِبْطَالِهَا وَيَنْبَغِي إيجَابُ حُكُومَةٍ لِتَعْطِيلِ النُّطْقِ مُغْنِي وَأَسْنَى مَعَ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ إنْ بَقِيَتْ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَانْتَصَرَ لِتَرْجِيحِهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ بِحَالِهَا) أَيْ وَتَمَكَّنَ اللِّسَانُ مِنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَتَأْوِيلُهُ) أَيْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ) أَيْ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ دَلِيلًا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبَ الدِّيَةِ فِي الصَّوْتِ مُغْنِي وَع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ مَعَهُ) أَيْ الصَّوْتِ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ) ، وَهُوَ إخْرَاجُ كُلِّ حَرْفٍ مِنْ مَخْرَجِهِ وَالتَّرْدِيدُ تَكْرِيرُ الْحُرُوفِ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ ع ش لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّقْطِيعِ تَمْيِيزُ الْحُرُوفِ الْمُخْتَلِفَةِ عَنْ بَعْضٍ وَبِالتَّرْدِيدِ الرُّجُوعُ لِلْحَرْفِ الْأَوَّلِ بِأَنْ يَنْطِقَ بِهِ ثَانِيًا كَمَا نَطَقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَفَارَقَ ضَعْفَ نَحْوِ الْبَطْشِ) عَلَى هَذَا.
(قَوْلُهُ إذْ لَوْ وَجَبَ الْقِسْطُ لَوَجَبَتْ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ) وَجْهُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ وُجُوبَ الْقِسْطِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِذَاتِ اللِّسَانِ بِلَا اعْتِبَارِ الْكَلَامِ

الصفحة 479