كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 8)

وَفَارَقَ إذْهَابَ النُّطْقِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى سَمْعِ صَبِيٍّ فَتَعَطَّلَ لِذَلِكَ نُطْقُهُ؛ لِأَنَّهُ بِوَاسِطَةِ سَمَاعِهِ وَتَدَرُّجِهِ فِيهِ بِأَنَّ اللِّسَانَ هُنَا سَلِيمٌ، وَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ أَصْلًا بِخِلَافِ إبْطَالِ حَرَكَتِهِ الْمَذْكُورَةِ.

(وَفِي) إبْطَالِ (الذَّوْقِ دِيَةٌ) كَالسَّمْعِ وَيُمْتَحَنُ إنْ أَنْكَرَ الْجَانِي بِالْأَشْيَاءِ الْحَادَّةِ وَالْمُرَّةِ وَغَيْرِهَا حَتَّى يُظَنَّ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ، وَلَوْ أَبْطَلَ مَعَهُ نُطْقَهُ أَوْ حَرَكَةَ لِسَانِهِ السَّابِقَةِ فَدِيَتَانِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ الذَّوْقَ فِي طَرَفِ الْحَلْقِ لَا فِي اللِّسَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْقَى مَعَ قَطْعِهِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَأْصِلْ قَطْعَ عَصَبِهِ أَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ أَنَّهُ فِي طَرَفِ اللِّسَانِ فَلَا تَجِبُ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِلِّسَانِ كَمَا لَوْ قَطَعَهُ فَذَهَبَ نُطْقُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ كَمَا مَرَّ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ فِيمَنْ قَطَعَ الشَّفَتَيْنِ فَزَالَتْ الْمِيمُ وَالْبَاءُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُمَا أَرْشٌ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْهُمَا كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ أَيْضًا (وَتُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ وَحُمُوضَةٌ وَمَرَارَةٌ وَمُلُوحَةٌ وَعُذُوبَةٌ) ، وَلَمْ يُنْظَرْ وَالزِّيَادَةُ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ ثَلَاثَةٌ عَلَيْهَا لِدُخُولِهَا فِيهَا كَالْحَرَافَةِ مَعَ الْمَرَارَةِ وَالْعُفُوصَةِ مَعَ الْحُمُوضَةِ (وَتُوَزَّعُ) الدِّيَةُ (عَلَيْهِنَّ) فَفِي كُلٍّ خُمُسُهَا (فَإِنْ نَقَصَ) إدْرَاكُهُ الطُّعُومَ عَلَى كَمَالِهَا (فَحُكُومَةٌ) إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ وَإِلَّا فَقِسْطُهُ (وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي) إبْطَالِ (الْمَضْغِ) بِأَنْ يَجْنِيَ عَلَى أَسْنَانِهِ فَتَنْحَدِرُ وَتَبْطُلُ صَلَاحِيَّتُهَا لِلْمَضْغِ، أَوْ بِأَنْ يَتَصَلَّبَ مَغْرِسُ اللَّحْيَيْنِ فَتَمْتَنِعُ حَرَكَتُهُمَا مَجِيئًا وَذَهَابًا؛ لِأَنَّهُ الْمَنْفَعَةُ الْعُظْمَى لِلْأَسْنَانِ وَفِيهَا الدِّيَةُ فَكَذَا مَنْفَعَتُهَا كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنِ وَالْبَطْشِ مَعَ الْيَدِ فَإِنْ نَقَصَ فَحُكُومَةٌ.

(وَفِي) إبْطَالِ (قُوَّةِ إمْنَاءٍ بِكَسْرِ صُلْبٍ) لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ النَّسْلُ وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إذْهَابِ قُوَّةِ إنْزَالِهِ إذْهَابُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ قَدْ يَنْسَدُّ مَعَ بَقَائِهِ فَهُوَ كَارْتِتَاقِ مَحَلِّ السَّمْعِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ نَفْيِ التَّلَازُمِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَبِفَرْضِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالسَّمْعِ بِأَنَّهُ لِلُطْفِهِ يُمْكِنُ انْسِدَادُ طَرِيقِهِ ثُمَّ عَوْدُهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَنِيُّ؛ لِأَنَّهُ لِكَثَافَتِهِ إذَا سُدَّتْ طَرِيقُهُ يَفْسُدُ وَيَسْتَحِيلُ إلَى الْأَخْلَاطِ الرَّدِيئَةِ فَلَا يُتَوَقَّعُ عَوْدُهُ، وَلَا صَلَاحُهُ أَصْلًا فَلَوْ قَطَعَ أُنْثَيَيْهِ فَذَهَبَ مَنِيُّهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ أَوَّلًا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَفَارَقَ إلَخْ) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَتَيْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ إذْهَابُ النُّطْقِ بِالْجِنَايَةِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا بِوُجُوبِ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي السَّمْعِ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِوَاسِطَةِ سَمَاعِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِتَعَطُّلِ نُطْقِ الصَّبِيِّ بِعَدَمِ سَمَاعِهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَدَرُّجِهِ فِيهِ) عَطْفٌ عَلَى إذْهَابِ النُّطْقِ وَالضَّمِيرُ الْأَوَّلُ لِلنُّطْقِ وَالثَّانِي لِلسَّمْعِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ اللِّسَانَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِفَارَقَ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى سَمْعِ الصَّبِيِّ.

(قَوْلُهُ وَفِي إبْطَالِ الذَّوْقِ) أَيْ بِالْجِنَايَةِ عَلَى اللِّسَانِ مُغْنِي بِأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ حُلْوٍ وَحَامِضٍ وَمُرٍّ وَمَالِحٍ وَعَذْبٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ إنْ أَنْكَرَ الْجَانِي) أَيْ ذَهَابَهُ (قَوْلُهُ بِالْأَشْيَاءِ الْحَادَّةِ إلَخْ) بِأَنْ يُلْقِمَهَا لَهُ غَيْرُهُ مُعَافَصَةً أَيْ عَلَى غِرَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَعْبِسْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَالْجَانِي بِيَمِينِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَالْحَامِضَةِ الْحَادَّةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَكَذَّبَهُ) أَيْ أَوْ كَذَّبَهُ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ فَدِيَتَانِ عَلَى مَا قَالَهُ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ وُجُوبَ الدِّيَتَيْنِ ضَعِيفٌ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِهِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ ع ش أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ صَرِيحُ الرَّوْضِ وُجُوبُ الدِّيَتَيْنِ فِي إبْطَالِ الذَّوْقِ مَعَ النُّطْقِ وَصَنِيعُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي كَالصَّرِيحِ فِي اعْتِمَادِ وُجُوبِ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي إبْطَالِهِمَا مَعًا وَفَصَّلَ سم وَأَقَرَّهُ ع ش بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ فَدِيَتَانِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ إلَخْ قَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ فَرْضُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَطَعَ اللِّسَانَ فَلَا وَجْهَ إلَّا وُجُوبُ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ بِدُونِ قَطْعِهِ فَوُجُوبُ الدِّيَتَيْنِ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الذَّوْقَ فِي طَرَفِهِ أَمْ فِي الْحَلْقِ. اهـ
(قَوْلُهُ لَا فِي اللِّسَانِ) وَهَذَا أَيْ كَوْنُهُ فِي اللِّسَانِ هُوَ الرَّاجِحُ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النُّطْقَ مِنْهُ أَيْ اللِّسَانِ وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ أَيْ فِي شَرْحِ وَفِي الْكَلَامِ دِيَةٌ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) إلَى قَوْلِهِ أَيْضًا عَقَّبَهُ النِّهَايَةُ بِمَا نَصُّهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُ أَرْشِ الْحَرْفَيْنِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ. اهـ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى مَا يُوَافِقُهُ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ إلَخْ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْجَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وُجُوبُ أَرْشِهِمَا مَعَ دِيَةِ الشَّفَتَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْظُرُوا) إلَى قَوْلِهِ وَفِي إفْضَائِهَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهَا فِيهَا) أَيْ دُخُولِ الثَّلَاثَةِ فِي الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَالْعُفُوصَةِ مَعَ الْحُمُوضَةِ) أَيْ وَالتَّفَاهَةِ مَعَ الْعُذُوبَةِ ع ش (قَوْلُهُ فَتَتَخَدَّرُ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَيُمْكِنُ قِرَاءَتُهَا بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَيُرَادُ بِالتَّحَدُّرِ مَيْلُهَا عَنْ جِهَةِ الِاسْتِقَامَةِ وَقَوْلُهُ وَتَبْطُلُ إلَخْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ ع ش وَقَوْلُهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُسَبَّبِ وَفِي الْقَامُوسِ خَدَرَتْ رِجْلِي، أَوْ عَيْنِي إذَا فَتَرَتْ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِأَنْ يَتَصَلَّبَ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ بِأَنْ وَعَطْفُهُ عَلَى تَتَخَدَّرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَضْغَ (قَوْلُهُ وَفِيهَا الدِّيَةُ) أَيْ مُطْلَقُ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَدِيَتُهَا غَيْرُ دِيَةِ الْمَضْغِ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِي قُوَّةِ إمْنَاءٍ إلَخْ) بِخِلَافِ انْقِطَاعِ اللَّبَنِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الثَّدْيِ فَإِنَّ فِيهَا حُكُومَةٌ فَقَطْ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَنَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الصَّحِيحُ بَلْ الصَّوَابُ عَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْإِمْنَاءَ الْإِنْزَالُ فَإِذَا بَطَلَ قُوَّتُهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ الْمَنِيُّ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ لَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ الْإِنْزَالُ بِمَا يَسُدُّ طَرِيقَهُ فَيُشْبِهُ ارْتِتَاقَ الْأُذُنِ. اهـ، وَهُوَ إشْكَالٌ قَوِيٌّ وَلَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَنْقُولَ. اهـ.
(قَوْلُهُ إذْهَابُ نَفْسِهِ) يَعْنِي الْمَنِيَّ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِمَنْعِ نَفْيِ التَّلَازُمِ إلَخْ) هَذَا عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الْبُلْقِينِيَّ مَانِعٌ وَالْمَانِعُ لَا يَمْنَعُ كَذَا قَالَهُ الْمُحَشِّي سم، وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ عَلَى نَحْوِ مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي كَوْنُهُ مُعَارَضَةً وَهِيَ تَقْبَلُ الْمَنْعَ فِي مُقَدِّمَاتِهَا سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ وَبِفَرْضِهِ يُفَرَّقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ فَدِيَتَانِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ) قَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ فَرْضُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قُطِعَ اللِّسَانُ فَلَا وَجْهَ إلَّا وُجُوبُ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ بِدُونِ قَطْعِهِ فَوُجُوبُ الدِّيَتَيْنِ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الذَّوْقَ فِي طَرَفِهِ أَمْ فِي الْحَلْقِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَوْجَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وُجُوبُ أَرْشِهِمَا مَعَ دِيَةِ الشَّفَتَيْنِ

(قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِمَنْعِ إلَخْ) هَذَا عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الْبُلْقِينِيَّ مَانِعٌ وَالْمَنْعُ لَا يَمْنَعُ

الصفحة 480