كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 8)

وَإِلَّا فَهُوَ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْإِبْدَالَ لَهُ أَصْلٌ فِي اللُّغَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ إفْتَاءُ بَعْضِهِمْ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْظَ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِنَحْوِ بَيْضِ الدَّجَاجِ إنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ يَنْطِقُونَ بِالْمُشَالَةِ فِي هَذَا أَوْ نَحْوِهِ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا قَوْلُ قَوْمٍ طَلْقَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ لَا أَفْعَلُ كَذَا بَلْ هُوَ لَغْوٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَطَالِقٍ لَا أَفْعَلُ كَذَا بَلْ أَوْلَى بِخِلَافِ عَلَيَّ طَلْقَةٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ (بِلَا نِيَّةٍ) لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ مِنْ الْعَارِفِ بِمَدْلُولِ لَفْظِهِ فَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ فَلَا يَكْفِي قَصْدُ حُرُوفِهِ فَقَطْ كَأَنْ لَقَّنَهُ أَعْجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُ مَدْلُولَهُ فَقَصَدَ لَفْظَهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ مَدْلُولِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ.
وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَجْعَلُ الصَّرِيحَ كِنَايَةً (وَبِكِنَايَةٍ) ، وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا أَظْهَرَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (مَعَ النِّيَّةِ) لِإِيقَاعِهِ وَمَعَ قَصْدِ حُرُوفِهِ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَقَعْ إجْمَاعًا سَوَاءٌ الظَّاهِرَةُ الْمُقْتَرِنُ بِهَا قَرِينَةٌ كَأَنْتِ بَائِنٌ بَيْنُونَةً مُحَرَّمَةً لَا تَحُلِّينَ لِي أَبَدًا وَغَيْرِهَا كَلَسْتِ بِزَوْجَتِي إلَّا إنْ وَقَعَ فِي جَوَابِ دَعْوَى فَإِقْرَارٌ بِهِ، وَإِنَّمَا أَفَادَ ضَمَّ صَدَقَةً لِاتِّبَاعِ لِتَصَدَّقْتُ صَرَاحَتَهُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ صَرَائِحَهُ لَا تَنْحَصِرُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَأَيْضًا فَبَيْنُونَةٌ إلَى آخِرِهِ يَأْتِي فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ كَالْفَسْخِ بِخِلَافِ لِاتِّبَاعِ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْوَقْفِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ السَّكْرَانَ لَا يَنْفُذُ طَلَاقُهُ بِهَا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ، وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ مِنْهُ فَمَحَلُّ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ بِالصَّرَائِحِ فَقَطْ، وَلَك أَنْ تَقُولَ شَرْطُ الصَّرِيحِ أَيْضًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْمِ أَوْ لَمْ يَطَّرِدْ لُغَتُهُمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) عِلَّةُ الْمَحْذُوفِ مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ أَيْ لَا لَغْوٌ؛ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ هَذَا) أَيْ مِمَّا يُفِيدُ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَلَيَّ طَلْقَةٌ) قَدْ يُقَالُ مَا الْوَجْهُ فِي كَوْنِ عَلَيَّ طَلْقَةٌ كِنَايَةً وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ صَرِيحٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي طَلْقَةٍ بِفَتْحِ اللَّامِ لَا بِسُكُونِهَا. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُ الْمَتْنِ بِلَا نِيَّةٍ) فَلَوْ قَالَ لَمْ أَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يُقْبَلْ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَدِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي، وَإِلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْعَارِفِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ، وَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ إلَخْ فَقَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ مَثَلًا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ قَصْدُ النُّطْقِ بِحُرُوفِهِ وَقَصْدُ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَاهُ وَقَصْدُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ بِهِ فَقَصْدُ الْإِيقَاعِ لَا يُشْتَرَطُ، وَهُوَ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْكِتَابَةِ، وَقَصْدُ اللَّفْظِ بِالْحُرُوفِ لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا وَاسْتِحْضَارُ مَعْنَاهُ شَرْطٌ أَيْضًا فَالشَّرْطُ قَصْدُ أَنْ يَنْطِقَ بِاللَّفْظِ مُسْتَعْمِلًا لَهُ فِي مَعْنَاهُ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَقَّنَهُ إلَخْ) أَيْ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَكَأَنْ صَرَفَهُ الْعَارِفُ بِمَدْلُولِهِ عَنْ مَعْنَاهُ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي مَعْنًى آخَرَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي نَعَمْ الْمُكْرَهُ إذَا نَوَى مَعَ الصَّرِيحِ الْوُقُوعَ وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا أَظْهَرَ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الظُّهُورِ فِي كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ لَيْسَ إلَّا الطَّلَاقَ، وَاحْتِمَالُ غَيْرِهِ ضَعِيفٌ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ إذَا خُوطِبَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ هُوَ الْفِرَاقُ، وَأَمَّا احْتِمَالُ الطَّلَاقِ مِنْ الْوَثَاقِ فَضَعِيفٌ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَعَ قَصْدِ حُرُوفِهِ إلَخْ) إنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَيَخْرُجَ صُدُورُهَا مِنْ النَّائِمِ فَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ بَلْ هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى قَصْدِ حُرُوفِهِ وَمَعْنَاهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَهُوَ حِينَئِذٍ يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْقَصْدِ فِيهَا، وَكَلَامُ الْمُغْنِي مُصَرِّحٌ بِهِ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُتَأَمَّلْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَصْدَ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ لِإِخْرَاجِ الْعَجَمِيِّ إذَا لُقِّنَ دَالَّ الطَّلَاقِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ، وَقَصْدُ الْإِيقَاعِ فِي الْكِنَايَةِ لِإِخْرَاجِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ سَوَاءٌ قَصَدَ الْإِخْبَارَ بِالْفِرَاقِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ اسْتَحْضَرَ مَعَ مَعْنَى الْفِرَاقِ مَعْنًى آخَرَ أَوْ لَا ثُمَّ قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُغْنِي إلَخْ وَكَذَا كَلَامُ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ فِيمَا يَأْتِي صَرِيحٌ فِيهِ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْكُرْدِيِّ إيضَاحٌ تَامٌّ يَنْدَفِعُ بِهِ الْأَوْهَامُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الظَّاهِرَةُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الظَّاهِرَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ: فَرْعٌ: لَا يُلْحِقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ وَلَا قَرِينَةٌ مِنْ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ خِلَافُ مَا تُشْعِرُ بِهِ الْقَرِينَةُ، وَاللَّفْظُ فِي نَفْسِهِ مُحْتَمَلٌ وَلَا يَلْحَقُهَا بِهِ مُوَاطَأَةً كَالتَّوَاطُؤِ عَلَى جَعْلِ قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَطَلَّقْتُكِ كَإِنْ قَالَ مَتَى قُلْت لِامْرَأَتِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنِّي أُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا بَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءً لِاحْتِمَالِ تَغْيِيرِ نِيَّتِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ وَقَعَ فِي جَوَابِ دَعْوَى) هَلْ شَرْطُهَا كَوْنُهَا عِنْدَ حَاكِمٍ سم أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَتَّى لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ بِأَنَّهُ زَوْجُهَا لِتَطْلُبَ نَفَقَتَهَا مَثَلًا عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ فَقَالَ لَسْت بِمُزَوَّجَتِي كَانَ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَإِقْرَارٌ بِهِ) ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا، وَأَمَّا بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ بِهِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَفَادَ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ ظَاهِرِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: صَدَقَةً) هُوَ بِالنَّصْبِ هـ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ صَرَائِحَهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ. اهـ. سم أَيْ فِي تَقْرِيبِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافٍ لِاتِّبَاعِ) الْأَوْلَى صَدَقَةٍ لِاتِّبَاعِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِ الْمَتْنِ مَعَ النِّيَّةِ مَا بَحَثَهُ إلَخْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَأَقَرَّهُ جَمْعٌ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ بِالْكِنَايَةِ لَتَوَقُّفِهَا إلَخْ مَرْدُودٌ، كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ بِأَنَّ الصَّرِيحَ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ لَفْظِهِ لِمَعْنَاهُ إلَخْ، وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَمْيَلُ. اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: لَتَوَقُّفِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: السَّابِقِ) أَيْ فِي شَرْحِ إلَّا السَّكْرَانَ (قَوْلُهُ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) ، وَأَيْضًا فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ فَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ نَوَى آخَذْنَاهُ، وَأَوْقَعْنَا عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSاللُّغَةَ كَمَا أَنَّ التَّرْجَمَةَ صَرِيحٌ لِمَنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ كَمَا يَأْتِي بِشُمُولِهِ لِلْعَرَبِيِّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ وَقَعَ فِي جَوَابِ دَعْوَى) هَلْ شَرْطُهَا كَوْنُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: صَدَقَةً) هُوَ بِالنَّصْبِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ صَرَائِحَهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) ، وَأَيْضًا فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ فَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ نَوَى آخَذْنَاهُ، وَأَوْقَعْنَا عَلَيْهِ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ:

الصفحة 5