كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 8)

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ. انْتَهَى.
وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِي نَحْوِ أَعْجَمِيٍّ لَا يَدْرِي مَدْلُولَ ذَلِكَ وَلَمْ يُخَالِطْ أَهْلَهُ مُدَّةً يُظَنُّ بِهَا كَذِبُهُ، وَإِلَّا فَجَهْلُهُ بِالصَّرَاحَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْجَهْلَ بِالْحُكْمِ لَا يُؤَثِّرُ، وَإِنْ عُذِرَ بِهِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكُفَّارِ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ عِنْدَهُمْ لَا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّا نَعْتَبِرُ اعْتِقَادَهُمْ فِي عُقُودِهِمْ فَكَذَا فِي طَلَاقِهِمْ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ قُبَيْلَ فَصْلِ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَلِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ أَمْثِلَةٌ تَأْتِي نَظَائِرُهَا فِي الْبَقِيَّةِ (كَطَلَّقْتُكِ) وَطَلُقَتْ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْهَا وَمِنْهَا بَعْدَ طَلِّقِي نَفْسَك، وَكَطَلُقَتْ هُنَا الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي وَطَالِقٌ بَعْدَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَزَوْجَتُك طَالِقٌ، وَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ طَالِقٍ فَقَطْ أَوْ طَلُقَتْ فَقَطْ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَاهَا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ قَطْعِ الْقَفَّالِ، وَأَقَرَّاهُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ تَرْبِطُ الطَّلَاقَ بِهَا (وَأَنْتِ) طَوَالِقُ لَكِنَّهُ صَرِيحٌ فِي طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ كَأَنْتِ كُلٌّ طَالِقٌ أَوْ نِصْفٌ طَالِقٌ، وَأَنْتِ (طَالِقٌ) ، وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ فَيَقَعْنَ وِفَاقًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ وَخِلَافًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ لَا يَقَعُ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ؛ لِأَنَّ مِنْهَا مَنْ يَمْنَعُ وُقُوعَ الثَّلَاثِ جُمْلَةً؛ لِأَنَّ قَائِلِيهِ لَا يُرِيدُونَ بِهِ إلَّا الْمُبَالَغَةَ فِي الْإِيقَاعِ.
وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدَ أَحَدٌ التَّعْلِيقَ عَلَيْهَا قُبِلَ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي (وَمُطَلَّقَةٌ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَمُفَارَقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ (وَيَا طَالِقٌ) لِمَنْ لَيْسَ اسْمُهَا ذَلِكَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَيَا مُفَارَقَةٌ، وَيَا مُسَرَّحَةٌ، وَأَوْقَعْت عَلَيْك طَلْقَةً أَوْ الطَّلَاقَ وَكَذَا وَضَعْت عَلَيْك طَلْقَةً أَوْ الطَّلَاقَ عَلَى الْأَوْجَهِ وَعَلَى الطَّلَاقِ خِلَافًا لِكَثِيرِينَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالسَّرَاحِ أَيْ صَرَاحَتُهُمَا (قَوْلُهُ: إذَا عُلِمَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) أَيْ كُلٌّ مِنْ قَوْلِ الِاسْتِذْكَارِ وَقَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مَدْلُولَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ (قَوْلُهُ: أَهْلَهُ) أَيْ مَنْ يَسْتَعْمِلُ الْفِرَاقَ وَالسَّرَاحَ كَالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَجَهْلُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَاطِنًا وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ بَاطِنًا لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ أَصْلًا فَكَانَ كَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يَعْرِفُ لَهُ مَعْنًى. اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ إلَخْ ظَاهِرٌ لَا مَحِيدَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا) أَيْ الصَّرَاحَةِ يَعْنِي لَا يُخْرِجُ الصِّيغَةَ مِنْ الصَّرَاحَةِ إلَى الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ وَسَكَتَ الْمُغْنِي عَلَى إطْلَاقِ الْمَاوَرْدِيِّ فَقَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ مَا كَانَ عِنْدَ الْمُشْرِكِينَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّرِيحِ، وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً عِنْدَنَا وَمَا كَانَ عِنْدَهُمْ كِنَايَةً أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْكِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّا نَعْتَبِرُ عُقُودَهُمْ فِي شِرْكِهِمْ فَكَذَا طَلَاقُهُمْ. اهـ، وَهُوَ وَجِيهٌ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا) أَيْ إلَى حَاكِمِنَا، وَأَمَّا الْمُفْتِي فَيُجِيبُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فِي الْبَقِيَّةِ) أَيْ فِي الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْمُفَادَاةِ (قَوْلُهُ: وَطَلُقَتْ مِنْهُ إلَخْ) سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْإِعْتَاقُ كِنَايَةٌ أَنَّ صَرَاحَةَ هَذَا ضَعِيفٌ فَيُقْبَلُ الصَّرْفُ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ بَعْدَ أَنْ قِيلَ لَهُ إلَخْ) الضَّمِيرَانِ لِلزَّوْجِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْهَا) فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ طَلَبٌ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ: طَلُقَتْ بِغَيْرِ ذِكْرِ مَفْعُولٍ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً كَمَا يَأْتِي وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ سَبَقَ مُشَاجَرَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: طَلِّقْهَا) أَيْ وَنَحْوَهُ كَهَلْ هِيَ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقَتْهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) عَطْفٌ عَلَى مِنْهُ (قَوْلُهُ: الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي) أَيْ وَلَوْ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ الرَّوْضِ وَالْمُغْنِي، وَيُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي فِي شَرْحِ يَا طَالِقُ (قَوْلُهُ: وَطَالِقٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَطَلُقَتْ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى قَوْلِهِ الطَّلَاقُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ إنْ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَطَالِقٌ فَقَطْ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَمِمَّا مَرَّ عَنْ الرَّوْضِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي قَرِيبًا إلَخْ) أَيْ فِي شَرْحِ وَدَعِينِي (قَوْلُهُ: بَيْنَ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ طَالِقٌ بَعْدَ إنْ فَعَلْت إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ طَالِقٌ فَقَطْ) أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ الْمُبْتَدَأِ وَحُرُوفِ النِّدَاءِ وَقَوْلُهُ: أَوْ طَلُقَتْ فَقَطْ أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ الْمَفْعُولِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَاهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ وَكَذَا ضَمِيرُ قَوْلِهِ بِهَا الْآتِي (قَوْلُهُ: صَرِيحٌ فِي طَلْقَةٍ) أَيْ فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْهَا وَقَعَ مَا نَوَاهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ ثَلَاثًا إلَخْ) لَيْسَ بِغَايَةٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا يَقَعُ إلَخْ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ قَائِلِيهِ إلَخْ أَيْ لَفْظِ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ، وَهَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: إلَّا الْمُبَالَغَةَ فِي الْإِيقَاعِ أَيْ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ بِتَنْجِيزِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ الْمُعْتَدِّ بِهَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: قُبِلَ مِنْهُ) أَيْ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ أَصْلًا حَيْثُ كَانَ مِنْ الْمَذَاهِبِ مَنْ لَا يَقُولُ بِوُقُوعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ اتَّفَقَتْ الْمَذَاهِبُ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي أَوَائِلِ فَصْلِ تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمُطَلَّقَةٌ) عَطْفٌ عَلَى طَالِقٌ (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ) إلَى قَوْلِهِ وَعَلَّلُوهُ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَا أَفْعَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ اللَّامِ) أَيْ الْمَفْتُوحَةِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ مُطَلِّقَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ طَلَّقَ بِالتَّشْدِيدِ كَانَ كِنَايَةَ طَلَاقٍ فِي حَقِّ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَحَلُّ التَّطْلِيقِ وَقَدْ أَضَافَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا إلَخْ أَيْ، وَهُوَ كِنَايَةٌ.
(فَرْعٌ)
وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِيَدِك طَلِّقِينِي فَقَالَتْ لَهُ أَنْتَ طَالِقٌ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ . وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ فَلَا تَمْلِكُهَا هِيَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ) أَيْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَفِي سم عَلَى حَجّ أَيْ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ قَيَّدَهُ هَلْ وَلَوْ نِيَّةً كَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ فَلَمَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَى مَا لَهُ ذَلِكَ الْخَارِجُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ) إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ قَيَّدَهُ هَلْ وَلَوْ نِيَّةً كَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ فَلَمَّا قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ بَدَا لَهُ وَانْثَنَى عَنْ الْحَلِفِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ اُعْتُبِرَ

الصفحة 8