كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 9)

وَمَا مَرَّ عَنْ السُّبْكِيّ بِأَنَّ الْمُوَرِّثَ عَزَلَهُ هُنَا بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَيُتَّجَهُ أَخْذًا مِنْ هَذَا أَنَّ لِلْوَصِيِّ إطْعَامَ الْوَارِثِ مِنْهَا وَمَرَّ أَنَّ لِلْوَلِيِّ الْأَبِ فَالْجَدِّ التَّضْحِيَةَ عَنْ مُوَلِّيهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ فِيهَا لِلْمُوَلِّي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ اقْتَضَى التَّقْدِيرُ نَظَائِرَ لِذَلِكَ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ أَقْرَبَ النَّظَائِرِ إلَيْهَا الْعَقِيقَةُ عَنْهُ وَهِيَ لَا تَقْدِيرَ فِيهَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَنْعُ الْمَقْصُودِ مِنْهَا مِنْ الْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْمَحْجُورِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ لِلْوَلِيِّ إطْعَامُ الْمُوَلِّي الظَّاهِرُ نَعَمْ

(فَصْلٌ)
فِي الْعَقِيقَةِ وَهِيَ لُغَةً شَعْرُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ حِينَ وِلَادَتِهِ وَشَرْعًا مَا يُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِ شَعْرِهِ تَسْمِيَةً لَهَا بِاسْمِ مُقَارِنِهَا كَمَا هُوَ عَادَتُهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ الذَّبْحُ نَفْسُهُ وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ؛ لِأَنَّ عَقَّ لُغَةً قَطَعَ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ» أَيْ فَمَعَ تَرْكِهَا لَا يَنْمُو نُمُوَّ أَمْثَالِهِ قَالَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ لَا يَشْفَعُ لِأَبَوَيْهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ وَاسْتَبْعَدَهُ غَيْرُهُ وَهَذَا لَا بُعْدَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي ذَلِكَ فَاللَّائِقُ بِجَلَالَةِ أَحْمَدَ وَإِحَاطَتِهِ بِالسُّنَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ تَوْقِيفٌ فِيهِ لَا سِيَّمَا نَقَلَهُ الْحَلِيمِيُّ عَنْ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ عَلَى أَحْمَدَ وَشُرِعَتْ إظْهَارًا لِلْبِشْرِ وَنَشْرًا لِلنَّسَبِ
وَكَرِهَ الشَّافِعِيُّ تَسْمِيَتَهَا عَقِيقَةً أَيْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَكْرَهُ الْفَأْلَ الْقَبِيحَ» بَلْ تُسَمَّى نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً وَلَمْ تَجِبْ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُنْسِكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ» وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا وَبِأَنَّهَا بِدْعَةٌ إفْرَاطٌ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِقِيمَتِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَتْنِ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِشَاةٍ الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ لَمْ تَحْصُلْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ وُجُوبُ ذَبْحِهَا فِي وَقْتِهَا وَتَجِبُ تَفْرِقَتُهَا كَمَا شَرَطَ فَلَوْ فَاتَ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ ذَبْحِهَا فَهَلْ يَجِبُ ذَبْحُهَا قَضَاءً؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ أَنْ يَجِبَ إلَّا أَنْ يَدُلَّ كَلَامُهُ عَلَى اشْتِرَاطِ ذَبْحِهَا بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ فَتُؤَخَّرَ لِوَقْتِهَا مِنْ الْعَامِ الْآخَرِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَمَا مَرَّ عَنْ السُّبْكِيّ) أَيْ فِي شَرْحٍ أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ عَزَلَهُ) أَيْ الْوَارِثُ غَيْرَ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ هَذَا) أَيْ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ آنِفًا فِي شَرْحِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَقْدِرُ إلَخْ) تَقَدَّمَ خِلَافُهُ عَنْ ع ش بَلْ تَعْلِيلُهُ السَّابِقُ فِي عَدَمِ جَوَازِ تَضْحِيَةِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مُفِيدٌ لِلتَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ أَمَّا أَوَّلًا) أَيْ أَمَّا وَجْهُ عَدَمِ التَّقْدِيرِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ اللُّزُومَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُوَلِّي اهـ سم (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ عَدَمِ تَقْدِيرِ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ نَعَمْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ

[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]
(قَوْلُهُ فِي الْعَقِيقَةِ) مِنْ عَقَّ يَعِقُّ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا مُغْنِي وَشَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةً) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَأَنْكَرَ إلَى وَالْأَصْلُ وَقَوْلَهُ وَاسْتَبْعَدَهُ إلَى فَاللَّائِقُ وَقَوْلَهُ أَيْ إلَى بَلْ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَاللَّائِقُ إلَى نَقَلَهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ حَلْقِ رَأْسِهِ) أَيْ عِنْدَ طَلَبِ حَلْقِ شَعْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُحْلَقْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ تَسْمِيَةً إلَخْ) عِلَّةٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنَّمَا سُمِيَ مَا يُذْبَحُ إلَخْ بِذَلِكَ تَسْمِيَةً إلَخْ (قَوْلُهُ بِاسْمِ مُقَارِنِهَا) أَيْ مُتَعَلِّقُ مُقَارَنِهَا إذْ ذَبْحُ الْعَقِيقَةِ إنَّمَا يُقَارِنُ الْحَلْقَ الْمُتَعَلِّقَ بِالشَّعْرِ لَا بِنَفْسِ الشَّعْرِ الْمُسَمَّى بِالْعَقِيقَةِ لُغَةً (قَوْلُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ فِي النَّقْلِ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إلَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ هَذَا) أَيْ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ الْمَذْكُورِ أَوْ كَوْنَ الْعَقِيقَةِ لُغَةً مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ) أَيْ لُغَةً الذَّبْحُ إلَخْ أَيْ الْمَذْبُوحُ فَالْعَقِيقَةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ فَتَكُونُ مِنْ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الْأَسْمَاءِ الْمَنْقُولَةِ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إلَى الِاصْطِلَاحِيِّ (قَوْلُهُ «الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ» ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُسَمَّى اهـ قَالَ ع ش لَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالْغُلَامِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْوَالِدَيْنِ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْأُنْثَى فَقُصِدَ حَثُّهُمْ عَلَى فِعْلِ الْعَقِيقَةِ وَإِلَّا فَالْأُنْثَى كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَا يَشْفَعُ لِأَبَوَيْهِ) أَيْ لَا يُؤْذَنُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا لِكَوْنِهِ مَاتَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَشُرِعَتْ إلَخْ) فَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَلَيْسَ تَعَبُّدًا مَحْضًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِلْبُشْرِ) هُوَ بِفَتْحٍ أَوْ ضَمٍّ فَسُكُونٍ الْبِشَارَةُ وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ الطَّلَاقَةُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَفَسَّرَهُ ع ش بِالنِّعْمَةِ وَلَعَلَّهُ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ.
(قَوْلُهُ وَكَرِهَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ اعْتِمَادُ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا عِبَارَةُ الْأَوَّلَيْنِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَالْأَخْبَارِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَقِيقَةً لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلسَّائِلِ عَنْهَا لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ» فَقَالَ الرَّاوِي كَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي الدَّمِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهَا نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً وَيُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَقِيقَةً كَمَا يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْعِشَاءِ عَتَمَةً انْتَهَى اهـ وَاقْتَصَرَ الْأَخِيرَانِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَأَقَرَّاهُ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَقِيقَةً ضَعِيفٌ اهـ وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ سُلْطَانَ مِثْلُهَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ لِوُرُودِهَا فِي الْأَحَادِيثِ اهـ
(قَوْلُهُ كَانَ يَكْرَهُ الْفَأْلَ إلَخْ) أَيْ وَفِيهَا تَفَاؤُلٌ بِأَنْ يَعُقَّ الْوَلَدُ وَالِدَيْهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْسُكَ) بِضَمِّ السِّينِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ اهـ ع ش عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ يُقَالُ نَسَكَ يَنْسُكُ نُسُكًا بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا فِي الْمَاضِي وَبِضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ وَبِإِسْكَانِهَا فِي الْمَصْدَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا) أَيْ كَاللَّيْثِ وَدَاوُد أَوْ بِأَنَّهَا بِدْعَةٌ أَيْ كَالْحَسَنِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ إفْرَاطٌ) أَيْ مُجَاوَزَةٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّصَدُّقَ بِقِيمَتِهَا يَكُونُ عَقِيقَةً وَقَدْ يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ عَنْ الذَّكَرِ شَاةٌ وَقَوْلُهُمْ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ فِي عَقِيقَةِ الذَّكَرِ بِشَاةٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ عَنْ السُّبْكِيّ) أَيْ فِي شَرْحِ أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ) قَدْ يَمْنَعُ اللُّزُومَ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُوَلِّي

(فَصْلٌ)
يُسَنُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ غُلَامِ بِشَاتَيْنِ. إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عَقَّ لُغَةً قَطَعَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يَمْنَعُ أَنَّ الْعَقِيقَةَ

الصفحة 369