كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 9)
وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ بَلْ تُسَنُّ تَسْمِيَةُ سَقْطٍ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى سُمِّيَ بِمَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَهِنْدٍ وَطَلْحَةَ وَوَرَدَتْ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ بِتَسْمِيَتِهِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَحَمَلَهَا الْبُخَارِيُّ عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الْعَقَّ يَوْمَ السَّابِعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا نَدْبُهَا يَوْمَهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْعَقَّ وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ إخْبَارَهُ صَحَّ وَفِيهِ مَا فِيهِ، يُسَنُّ تَحْسِينُ الْأَسْمَاءُ وَأَحَبُّهَا عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَا يُكْرَهُ اسْمُ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ بَلْ جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ بِمُحَمَّدٍ فَضَائِلُ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي تَسْمِيَةِ وَلَدِهِ مُحَمَّدًا سَمَّيْتُهُ بِأَحَبِّ الْأَسْمَاءِ إلَيَّ وَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ قَوْلَهُ مَعْنَى خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» إنَّهَا أَحَبِّيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ لَا مُطْلَقَةٌ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ عَبْدَ الدَّارِ وَعَبْدَ الْعُزَّى
فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ الْمُضَافَةُ لِلْعُبُودِيَّةِ هَذَانِ لَا مُطْلَقًا لِأَنَّ أَحَبَّهَا إلَيْهِ كَذَلِكَ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ إذْ لَا يَخْتَارُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا الْأَفْضَلَ اهـ. وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ مُخَالِفٌ لِمَا دَرَجُوا عَلَيْهِ وَمَا عَلَّلَ بِهِ لَا يُنْتَجُ لَهُ مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ كَمَا فِي سُورَةِ الْجِنِّ وَلِأَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يُؤْثَرُ لِحِكْمَةٍ هِيَ هُنَا الْإِشَارَةُ إلَيَّ حِيَازَتِهِ لِمَقَامِ الْحَمْدِ وَمُوَافَقَتِهِ لِلْمَحْمُودِ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى كَمَا مَرَّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّى وَلَدَهُ إبْرَاهِيمَ دُونَ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ لِإِحْيَاءِ اسْمِ أَبِيهِ إبْرَاهِيمَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْأَفْضَلِ لِنُكْتَةٍ لَا تَقْتَضِي أَنَّ مَا عُدِلَ إلَيْهِ هُوَ الْأَفْضَلُ مُطْلَقًا
وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَحَبَّ الْأَسْمَاءِ إلَيْهِ أَيْ بَعْدَ ذَيْنِك فَتَأَمَّلْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ اعْتَمَدَهُ غَيْرَ مُبَالٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ وَيُكْرَهُ قَبِيحٌ كَشِهَابٍ وَحَرْبٍ وَمُرَّةَ وَمَا يُتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ كَيَسَارٍ وَنَافِعٍ وَبَرَكَةٍ وَمُبَارَكٍ وَيَحْرُمُ مَلِكُ الْمُلُوكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا عَبْدُ النَّبِيِّ أَوْ الْكَعْبَةِ أَوْ الدَّارِ أَوْ عَلِيٍّ أَوْ الْحُسَيْنِ لِإِيهَامِ التَّشْرِيكِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ حُرْمَةُ التَّسْمِيَةِ بِجَارِ اللَّهِ وَرَفِيقِ اللَّهِ وَنَحْوِهِمَا لِإِيهَامِهِ الْمَحْذُورَ أَيْضًا وَحُرْمَةُ قَوْلِ بَعْضِ الْعَامَّةِ إذَا حَمَلَ ثَقِيلًا الْحِمْلَةُ عَلَى اللَّهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَقْلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّابِقِ وَيَقُولُ عِنْدَ ذَبْحِهَا بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَمَّى فِي السَّابِعِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتُؤَخَّرُ التَّسْمِيَةُ لِلسَّابِعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَايَةٌ فِي أَصْلِ التَّسْمِيَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا فِي السَّابِعِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ اُسْتُحِبَّ تَسْمِيَتُهُ بَلْ يُسَنُّ تَسْمِيَةُ السِّقْطِ اهـ وَهَذَا الصَّنِيعُ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ آخِرًا (قَوْلُهُ وَوَرَدَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا بَأْسَ بِتَسْمِيَتِهِ قَبْلَهُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ أَنَّ السُّنَّةَ تَسْمِيَتُهُ يَوْمَ السَّابِعِ أَوْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَاسْتَدَلَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَحَمَلَ الْبُخَارِيُّ أَخْبَارَ يَوْمِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الْعَقَّ وَأَخْبَارَ يَوْمِ السَّابِعِ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ شَارِحُهُ وَهُوَ جَمْعٌ لَطِيفٌ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَحَمَلَهَا الْبُخَارِيُّ إلَخْ) هَذَا الْحَمْلُ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ سم اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُمْ) أَيْ أَئِمَّتَنَا (قَوْلُهُ أَنَّ أَخْبَارَهُ) أَيْ نَدَبَهَا يَوْمَ السَّابِعِ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ تَحْسِينُ الْأَسْمَاءِ) لِخَبَرِ «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَحَسِّنُوا أَسْمَاءَكُمْ» اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ ثُمَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ بِثُمَّ وَعَبَّرَ الْمُغْنِي بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ اسْمُ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ) وَيس وَطَه خِلَافًا لِمَالِكٍ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ بَلْ جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ بِمُحَمَّدٍ فَضَائِلُ إلَخْ) وَفِي كِتَابِ الْخَصَائِصِ لِابْنِ سَبْعٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَلَا لِيَقُمْ مَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَلْيَدْخُلْ الْجَنَّةَ كَرَامَةً لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ وَلَمْ يُسْمَ أَحَدَهُمْ بِمُحَمَّدٍ فَقَدْ جَهِلَ» قَالَ مَالِكٌ سَمِعْت أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ فِيهِمْ اسْمُ مُحَمَّدٍ إلَّا رُزِقُوا رِزْقَ خَيْرٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا عَرَفُوا ذَلِكَ بِالتَّجْرِبَةِ أَوْ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ فِي تَسْمِيَةِ إلَخْ) أَيْ سَبَبُهَا (قَوْلُهُ وَكَأَنَّ) بِشَدِّ النُّونِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ مَعْنَى حَبَّرَ إلَخْ) مَقُولُ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ الْمُضَافَةُ) أَيْ الْمَنْسُوبَةُ (قَوْلُهُ لَا مُطْلَقًا) أَيْ لَا مُطْلَقُ الْأَسْمَاءِ مُضَافَةً إلَى الْعُبُودِيَّةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ أَجْنَبِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ لِمَا دَرَجُوا إلَيْهِ) أَيْ مِنْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَمَا عَلَّلَ بِهِ) أَيْ قَوْلَهُ لِأَنَّ أَحَبَّهَا إلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ) رَدٌّ لِقَوْلِ الْبَعْضِ لِأَنَّ أَحَبَّهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَفْضُولَ إلَخْ رَدٌّ لِقَوْلِهِ إذْ لَا يُخْتَارُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَلَا حُجَّةَ أَيْ لِلْبَعْضِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى كَوْنِهِ) أَيْ مُحَمَّدٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّفْرِيعَ.
(قَوْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ ذَيْنِك) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ) وَيَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْإِطْلَاقِ وَمَنْشَؤُهُ كَمَالُ مَحَبَّتِهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ بِمَنْ اعْتَمَدَهُ) أَيْ قَوْلُ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَإِلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ قَبِيحٌ) أَيْ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَيُسَنُّ أَنْ تُغَيَّرَ الْأَسْمَاءُ الْقَبِيحَةُ وَمَا يُتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَلِكُ الْمُلُوكِ) وَشَاهَانْ شَاهْ وَمَعْنَاهُ مَلِكُ الْأَمْلَاكِ مُغْنِي وَزِيَادِيٌّ وَالْأَوْلَى مَلِكُ الْمُلُوكِ.
(قَوْلُهُ عَبْدُ النَّبِيِّ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي حَيْثُ قَالَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَكَذَا عَبْدُ الْكَعْبَةِ أَوْ النَّارِ إلَخْ وَمِثْلُهُ عَبْدُ النَّبِيِّ أَيْ أَوْ عَبْدُ الرَّسُولِ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ إرَادَةِ النِّسْبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ بِزِيَادَةِ تَفْسِيرٍ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لِإِيهَامِهِ) أَيْ نَحْوُهُمَا (قَوْلُهُ لِإِيهَامِهِ الْمَحْذُورَ) أَيْ التَّشْرِيكَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَحُرْمَةُ قَوْلِ بَعْضِ الْعَامَّةِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيُكْرَهُ قَبِيحٌ كَشِهَابٍ وَحَرْبٍ وَمُرَّةَ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّسْمِيَةُ بِسِتِّ النَّاسِ أَوْ الْعُلَمَاءِ
الصفحة 373
412