كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 9)
وَنَحْوِهَا خِصَالًا مَكْرُوهَةً مِنْهَا نَتْفُهَا وَحَلْقُهَا وَكَذَا الْحَاجِبَانِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْحَلِيمِيِّ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْحِلِّ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَالنَّصُّ عَلَى مَا يُوَافِقُهُ إنْ كَانَ بِلَفْظٍ لَا يَحِلُّ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَحْرُمُ كَانَ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ وَصَحَّ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ وَعَرْضِهَا» وَكَأَنَّهُ مُسْتَنَدُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي كَوْنِهِ كَانَ يَقْبِضُ لِحْيَتَهُ وَيُزِيلُ مَا زَادَ لَكِنْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْأَمْرُ بِتَوْفِيرِ اللِّحْيَةِ أَيْ بِعَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا وَهَذَا مُقَدَّمٌ لِأَنَّهُ أَصَحُّ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّوْفِيرِ لِلنَّدْبِ وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا زَادَ انْتِشَارُهَا وَكِبَرُهَا عَلَى الْمَعْهُودِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا كَرَاهَةُ الْأَخْذِ مِنْهَا مُطْلَقًا وَادِّعَاءُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يُشَوِّهُ الْخِلْقَةَ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا الْمُشَوِّهُ تَرْكُهُ تَعَهُّدَهَا بِالْغَسْلِ وَالدَّهْنِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ كَرَاهَةَ حَلْقِ مَا فَوْقَ الْحُلْقُومِ مِنْ الشَّعْرِ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّهُ مُبَاحٌ
(وَ) يُسَنُّ أَنْ (يُؤَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى) ثُمَّ يُقَامُ فِي الْيُسْرَى (حِينَ يُولَدُ) لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ حِينَ وُلِدَ» وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَنْخُسُهُ حِينَئِذٍ فَشُرِعَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِأَنَّهُ يُدْبِرُ عِنْدَ سَمَاعِهِمَا وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ خَبَرَ «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَ الصَّلَاةَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ» وَهِيَ التَّابِعَةُ مِنْ الْجِنِّ وَقِيلَ مَرَضٌ يَلْحَقُهُمْ فِي الصِّغَرِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى فِيمَا يَظْهَرُ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] وَيَزِيدُ فِي الذِّكْرِ التَّسْمِيَةَ وَوَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي أُذُنِ مَوْلُودٍ الْإِخْلَاصَ» فَيُسَنُّ ذَلِكَ أَيْضًا
(وَ) أَنْ (يُحَنَّكَ بِتَمْرٍ) بِأَنْ يَمْضُغَهُ وَيُدَلِّكَ بِهِ حَنَكَهُ وَيَفْتَحَهُ حَتَّى يَصِلَ بَعْضُهُ لِجَوْفِهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِيهِ فَإِنْ فُقِدَ تَمْرٌ فَحُلْوٌ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ نَظِيرُ فِطْرِ الصَّائِمِ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ وَهُوَ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ الرُّويَانِيِّ أَنَّ الْحُلْوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَاءِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ ثَمَّ وَمَعَ ذَلِكَ الْأَوْجَهُ هُنَا مَا ذَكَرَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ بَعْدَ التَّمْرِ ثَمَّ الْمَاءَ فَإِدْخَالُ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا فِيهِ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى النَّصِّ وَهُنَا لَمْ يُرَدْ بَعْدَ التَّمْرِ شَيْءٌ فَأَلْحَقْنَا بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ نَعَمْ قِيَاسُ ذَاكَ أَنَّ الرُّطَبَ هُنَا أَفْضَلُ مِنْ التَّمْرِ كَهُوَ ثَمَّ وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ هُنَا عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُحَنِّكُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ لِيَحْصُلَ لِلْمَوْلُودِ بَرَكَةُ مُخَالَطَةِ رِيقِهِ لِجَوْفِهِ وَيُسَنُّ تَهْنِئَةُ الْوَالِدِ أَيْ وَنَحْوِهِ كَالْأَخِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي التَّعْزِيَةِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ يُبَارِكُ اللَّهُ لَك فِي الْمَوْهُوبِ لَك وَشَكَرْت الْوَاهِبَ وَبَلَغَ أَشُدَّهُ وَرُزِقْت بِرَّهُ وَيُسَنُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِنَحْوِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا وَفِي ذِكْرِهِمْ الْوَاهِبَ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَحَّ بِهِ حَدِيثٌ وَلَمْ نَرَهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْمَجْمُوعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلرَّجُلِ إلَخْ كَذَا فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ لِلشَّارِحِ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ تَسْوِيدُ الشَّيْبِ وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ إلَخْ كَذَا فِي الْأَسْنَى عَنْ الْمَجْمُوعِ لَكِنْ قَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الزَّبَدِ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ بِإِذْنِ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَزْيِينِهَا بِهِ وَقَدْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ انْتَهَى وَمِثْلُهُ عِبَارَةُ ابْنِهِ فِي شَرْحِ الزُّبَدِ وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الشَّارِحِ السَّابِقِ قُبَيْلَ الْوُضُوءِ اهـ (قَوْلُهُ مِنْهَا) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ قَوْلُهُ مِنْهَا نَتْفُهَا وَحَلْقُهَا (قَوْلُهُ وَالنَّصُّ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ إنْ كَانَ إلَخْ خَبَرُهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يُوَافِقُهُ) أَيْ قَوْلُ الْحَلِيمِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ نَفْيِ الْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ يَحْرُمُ كَانَ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحُ الْعُبَابِ.
(فَائِدَةٌ)
قَالَ الشَّيْخَانِ يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةُ فِي حَاشِيَةِ الْكَافِيَةِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى التَّحْرِيمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا الْحَلِيمِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَأُسْتَاذُهُ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّوَابُ تَحْرِيمُ حَلْقِهَا جُمْلَةً لِغَيْرِ عِلَّةٍ بِهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْقَلَنْدَرِيَّةُ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْ بِعَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ إلَخْ) هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَأَخُّرِهِ عَنْ الْأَمْرِ بِالتَّوْفِيرِ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ حَمْلِهِ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَأَنْ يُؤَذَّنَ) أَيْ وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْأَذَانِ الَّذِي هُوَ مِنْ وَظِيفَةِ الرِّجَالِ بَلْ الْمَقْصُودُ بِهِ مُجَرَّدُ الذِّكْرِ لِلتَّبَرُّكِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِعْلُ الْآذَانِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْلُودُ كَافِرًا وَهُوَ قَرِيبٌ اهـ ع ش بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ الْيُمْنَى) إلَى قَوْلِهِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِلْخَبَرِ إلَى حِكْمَتِهِ وَقَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى وَيُسَنُّ وَإِلَى قَوْلِهِ وَفِي ذِكْرِهِمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَذَا قَالَهُ إلَى نَعَمْ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ يَنْخَسُهُ) مِنْ بَابِ نَصَرَ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ تَوَلُّدِهِ (قَوْلُهُ وَإِنِّي إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَتَبِعَهُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ إنِّي بِغَيْرِ وَاوٍ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا عَلَى سَبِيلِ التِّلَاوَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِلَفْظِ الْآيَةِ بِتَأْوِيلِ إرَادَةِ النَّسَمَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ النَّسَمَةُ) هِيَ مُحَرَّكَةً الْإِنْسَانُ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ فِي أُذُنِ مَوْلُودٍ) أَيْ أُذُنِهِ الْيُمْنَى مُغْنِي وَع ش.
(قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي فِطْرِ الصَّائِمِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي تَحْنِيكِ الْمَوْلُودِ (قَوْلُهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ كَوْنِ الْحُلْوِ عَقِبَ التَّمْرِ (قَوْلُهُ اسْتِدْرَاكٌ) أَيْ نِسْبَةُ تَرْكِ الْأَوْلَى وَعَدَمُ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ قِيَاسُ ذَاكَ أَنَّ الرُّطَبَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ تَقَدُّمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ اهـ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُغْنِي وَهِيَ وَفِي مَعْنَى التَّمْرِ الرُّطَبِ اهـ عَدَمُ أَفْضَلِيَّةِ الرُّطَبِ مِنْ التَّمْرِ (قَوْلُهُ وَالْأُنْثَى) إلَى قَوْلِهِ وَفِي ذِكْرِهِمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَى بِبَارَكَ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) أَيْ حَيْثُ خَصَّهُ بِالذَّكَرِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ فَامْرَأَةٌ صَالِحَةٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ تَهْنِئَةُ الْوَالِدِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِبَارَكَ اللَّهُ لَك إلَخْ) وَيَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالدُّعَاءِ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِلْوَالِدِ أَوْ الْوَلَدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَشَكَرْت الْوَاهِبَ) أَيْ جَعَلَك شَاكِرًا لَهُ
(قَوْلُهُ وَبَلَغَ) أَيْ الْمَوْهُوبُ (قَوْلُهُ وَرُزِقْت) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ وَفِي ذِكْرِهِمْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ يَحْرُمُ كَانَ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَائِدَةٌ قَالَ الشَّيْخَانِ يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةَ فِي حَاشِيَةِ الْكَافِيَةِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى التَّحْرِيمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَا الْحَلِيمِيُّ
الصفحة 376
412