كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 9)

وَاعْتُرِضَ جَزْمُهُمَا بِحُرْمَتِهِ هُنَا بِجَزْمِهِمَا بِأَنَّ فِيهِ الْقِيمَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ حِلَّ أَكْلِهِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ هَذَا الِاسْتِلْزَامِ إذَا الْمُتَوَلِّدُ مِمَّا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ حَرَامٌ مَعَ وُجُوبِ الْجَزَاءِ فِيهِ فَلَعَلَّ الْخُفَّاشَ عِنْدَهُمَا مِنْ هَذَا فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ كَادُوا أَنْ يُطْبِقُوا عَلَى تَغْلِيطِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ
(وَنَمْلٌ وَنَحْلٌ) لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِمَا وَحَمَلُوهُ عَلَى النَّمْلِ السُّلَيْمَانِيِّ وَهُوَ الْكَبِيرُ إذْ لَا أَذَى فِيهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ لِلْأَذَاةِ فَيَحِلُّ قَتْلُهُ بَلْ وَحَرْقُهُ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِهِ كَالْقَمْلِ (وَذُبَابٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَحَشَرَاتٌ) وَهِيَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ (كَخُنْفُسَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ فَثَالِثِهِ مَعَ الْقَصْرِ أَوْ الْمَدِّ أَوْ بِفَتْحِهِ وَالْمَدِّ (وَدُودٌ) مُنْفَرِدٌ لِمَا مَرَّ فِيهِ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَوَزَغٌ بِأَنْوَاعِهَا وَذَوَاتُ سَمُومٍ وَإِبَرٍ وَالصَّرَارَةُ وَذَلِكَ لِاسْتِخْبَاثِهَا نَعَمْ يَحِلُّ مِنْهَا نَحْوُ يَرْبُوعٍ وَوَبَرٍ وَأُمِّ حُبَّيْنِ وَقُنْفُذٍ وَبِنْتِ عُرْسٍ وَضَبٍّ.
(تَنْبِيهٌ)
اسْتَدَلَّ الرَّافِعِيُّ لِتَحْرِيمِ الْوَزَغِ بِأَنَّهُ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهَا وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ بِلَا شَكٍّ فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ مَنْ قَتَلَهَا فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ وَفِي ذَلِكَ حَضٌّ أَيْ حَضٌّ عَلَى قَتْلِهَا قِيلَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ النَّارَ عَلَى إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(وَكَذَا) يَحْرُمُ كُلُّ (مَا تَوَلَّدَ) يَقِينًا (مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ) كَسِمْعٍ بِكَسْرِ فَسُكُونٍ لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ ذِئْبٍ وَضَبُعٍ وَكَزَرَافَةٍ فَتَحْرُمُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنْ أَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي حِلِّهَا لِتَوَلُّدِهَا بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ مِنْ الْوَحْشِ وَخَرَجَ بِيَقِينًا مَا لَوْ وَلَدَتْ شَاةٌ كَلْبَةً وَلَمْ يُتَحَقَّقُ نَزْوُ كَلْبٍ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ كَالْقَاضِي لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ الْخَلْقُ عَلَى خِلَافِ صُورَةِ الْأَصْلِ لَكِنَّ الْوَرَعَ تَرْكُهَا وَقَالَ آخَرُونَ إنْ كَانَ أَشْبَهَ بِالْحَلَالِ خِلْقَةً حَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَيَجُوزُ شُرْبُ لَبَنِ فَرَسٍ وَلَدَتْ بَغْلًا وَشَاةٍ كَلْبًا لِأَنَّهُ مِنْهَا لَا مِنْ الْفَحْلِ.

(فَرْعٌ)
مَسْخُ حَيَوَانٍ يَحِلُّ إلَى مَا لَا يَحِلُّ أَوْ عَكْسُهُ اُعْتُبِرَ مَا قَبْلَ الْمَسْخِ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا فِي فَتْحِ الْبَارِي عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ فَرْضَ كَوْنِ الضَّبِّ مَمْسُوخًا لَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ أَكْلِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ آدَمِيًّا قَدْ زَالَ حُكْمُهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا كَرِهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْلُهُ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا كُرِهَ الشُّرْبُ مِنْ مِيَاهِ ثَمُودَ اهـ. فَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْمَمْسُوخِ إلَيْهِ لَا عَنْهُ نَظَرًا لِلْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وَفِي إطْلَاقِ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَاتَه إنْ بُدِّلَتْ لِذَاتٍ أُخْرَى اُعْتُبِرَ الْمَمْسُوخُ إلَيْهِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ تُبَدَّلْ إلَّا صِفَتُهُ فَقَطْ اُعْتُبِرَ مَا قَبْلَ الْمَسْخِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِهَذَا أَفْرَدَهُمَا الْفُقَهَاءُ بِالذِّكْرِ، وَإِنْ أَطْلَقَ اللُّغَوِيُّونَ اسْمَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. اهـ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ جَزْمَهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَمَّا الْخُفَّاشُ فَقَطَعَ الشَّيْخَانِ بِتَحْرِيمِهِ مَعَ جَزْمِهِمَا فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ بِوُجُوبِ قِيمَتِهِ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ قُتِلَ فِي الْحَرَمِ مَعَ تَصْرِيحِهِمَا بِأَنَّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَا يَجِبُ ضَمَانُهُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ حَرَامٌ مَعَ وُجُوبِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ الْقَلْبُ بِأَنْ يَقُولَ يَجِبُ الْجَزَاءُ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ النَّهْيِ) إلَى قَوْلِهِ بِلَا شَكٍّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَيَحِلُّ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ وَحَمَلُوهُ) أَيْ النَّهْيَ عَنْ قَتْلِ النَّمْلِ (قَوْلُ الْمَتْنِ كَخُنْفُسَاءَ) وَهِيَ أَنْوَاعٌ مِنْهَا بَنَاتُ وَرْدَان وَحِمَارُ قَبَّانَ وَالصِّرْصَارُ، وَيَحْرُمُ سَامٌّ أَبْرَصُ وَهُوَ كِبَارُ الْوَزَغِ وَالْعِضَاةُ وَهِيَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ دُوَيْبَّةٌ أَكْبَرُ مِنْ الْوَزْعِ وَاللُّحَكَا بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ دُوَيْبَّةٌ كَأَنَّهَا سَمَكَةٌ مَلْسَاءُ مُشْرَبَةٌ بِحُمْرَةٍ تُوجَدُ فِي الرَّمَلِ فَإِذَا أَحَسَّتْ بِالْإِنْسَانِ دَارَتْ بِالرَّمَلِ وَغَاصَتْ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ بِفَتْحِهِ) أَيْ ثَالِثِهِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَدُودٌ) جَمْعُ دُودَةٌ وَجَمْعُ الْجَمْعِ دِيدَانٌ وَهُوَ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ يَدْخُلُ فِيهَا الْأَرَضَةُ وَدُودَةُ الْقَزِّ وَالدُّودُ الْأَخْضَرُ الَّذِي يُوجَدُ عَلَى شَجَرِ الصَّنَوْبَرِ وَدُودُ الْفَاكِهَةِ وَتَقَدَّمَ حِلُّ دُودِ الْخَلِّ وَالْفَاكِهَةِ مَعَهُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِبَرٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ جَمْعُ إبْرَةٍ أَيْ وَذَوَاتُ إبَرٍ كَعَقْرَبٍ وَزُنْبُورٍ (قَوْلُهُ وَالصَّرَّارَةُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الصِّرْصَارُ وَيُسَمَّى الْجُدْجُدَ. اهـ أَسْنَى وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى خُنْفُسَاءَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ (قَوْلُهُ يَحِلُّ مِنْهَا) أَيْ الْحَشَرَاتِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ قِيلَ إلَخْ) وَفِي الْمِشْكَاةِ عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَالَ كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إبْرَاهِيمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ انْتَهَى. اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ النَّارَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا الَّذِي تَوَلَّدَتْ هِيَ مِنْهُ كَانَ يَنْفُخُ إلَخْ فَثَبَتَتْ الْخِسَّةُ لِهَذَا الْجِنْسِ إكْرَامًا لِإِبْرَاهِيمَ. اهـ ع ش

(قَوْلُهُ يَقِينًا) إلَى قَوْلِهِ وَيَجُوزُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ الْوَرَعُ تَرْكُهَا وَإِلَى قَوْلِهِ أَنَّهُمْ نَزَلُوا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِلَا خِلَافٍ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلُهُ إنَّ فَرْضَ إلَى وَاَلَّذِي يَظْهَرُ وَقَوْلُهُ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إلَى وَمَعَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَكَزَرَافَةٍ إلَخْ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ اهـ ع ش زَادَ الْمُغْنِي كَمَا حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الضَّمُّ مِنْ لَحْنِ الْعَوَّامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ) قِيلَ؛ لِأَنَّ النَّاقَةَ الْوَحْشِيَّةَ إذَا وَرَدَتْ الْمَاءَ طَرَقَهَا أَنْوَاعٌ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ بَعْضُهَا مَأْكُولٌ فَيَتَوَلَّدُ مِنْ ذَلِكَ هَذَا الْحَيَوَانُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ نَزْوُ كَلْبٍ إلَخْ) أَيْ لَمْ يُعْلَمْ نَزَوَانُ الْكَلْبِ عَلَيْهَا أَوْ عُلِمَ لَكِنْ فِي وَقْتٍ يُعْلَمُ مِنْهُ عَادَةً أَنَّ مَا وَلَدَتْهُ لَيْسَ مِنْهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَقَالَ آخَرُونَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَالَ جَمْعٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ مَا تَوَلَّدَ يَقِينًا مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ اقْتَضَى صَنِيعُ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ أَنَّ مَرْجِعَهُ نَحْوُ كَلْبَةٍ وَلَدَتْهَا نَحْوُ شَاةٍ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ نَزْوِ كَلْبٍ عَلَيْهَا فَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى الْأَوَّلِ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ وَقَالَ آخَرُونَ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ إلَخْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا) أَيْ الْأُمِّ

(قَوْلُهُ مُسِخَ إلَخْ) أَيْ لَوْ مُسِخَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُنَافِيهِ إلَخْ) وَقَدْ يَمْنَعُ الْمُنَافَاةَ بِأَنَّ كَلَامَ الطَّحَاوِيِّ فِي نَسْلِ الْمَمْسُوخِ وَمَا هُنَا فِي الْمَمْسُوخِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَظَاهِرُهُ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ وَفِي إطْلَاقِ هَذَا) أَيْ مَا فِي فَتْحِ الْبَارِي مِنْ اعْتِبَارِ الْمَمْسُوخِ إلَيْهِ وَمَا قَبْلَهُ أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَمْسُوخِ عَنْهُ (قَوْلُهُ إنَّ ذَاتَه إنْ بُدِّلَتْ إلَخْ) بِمَ يُعْلَمُ أَنَّ الْبَدَلَ الذَّاتُ أَوْ الصِّفَةُ. اهـ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ إنْ بُدِّلَتْ لِذَاتِ إلَخْ كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِاللَّامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ الْمُرَادُ بِتَبْدِيلِ الذَّاتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَاتَه إنْ بُدِّلَتْ إلَخْ) بِمَ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُبْدَلَ الذَّاتُ أَوْ الصِّفَةُ

الصفحة 383