كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 9)
وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ فِي مَسْخِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَمَعَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ فِي الْآدَمِيِّ الْمَمْسُوخِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مُطْلَقًا
كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «أَنَّهُمْ نَزَلُوا بِأَرْضٍ كَثِيرَةِ الضَّبَابِ فَطَبَخُوا مِنْهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ وَأَخْشَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ فَأَكْفِئُوهَا» وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَذِنَ فِي أَكْلِهَا حَمْلًا لِلْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ جَوَّزَ مَسْخَهَا وَلِلثَّانِي عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ بَعْدُ أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا نَسْلَ لَهُ فَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِمَمْسُوخٍ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا» وَقَدْ كَانَتْ الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ قَبْلَ ذَلِكَ وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِي مَالِ مَغْصُوبٍ قُدِّمَ لِوَلِيٍّ فَقُلِبَ كَرَامَةً لَهُ دَمًا ثُمَّ أُعِيدَ إلَى صِفَتِهِ أَوْ غَيْرِ صِفَتِهِ وَالْوَجْهُ عَدَمُ حِلِّهِ لِأَنَّهُ بِعَوْدِهِ إلَى الْمَالِيَّةِ يَعُودُ لِمِلْكِ مَالِكِهِ كَمَا قَالُوهُ فِي جِلْدِ مَيِّتَةٍ دُبِغَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ بِقَلْبِهِ إلَى الدَّمِ كَمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا قُتِلَ بِحَالِهِ
(وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ) مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ خَاصٍّ وَلَا عَامٍّ بِتَحْرِيمٍ أَوْ تَحْلِيلٍ وَلَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا كَالْأَمْرِ بِقَتْلِهِ أَوْ النَّهْيِ عَنْهُ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَتْنِ (وَإِنْ اسْتَطَابَهُ أَهْلُ يَسَارٍ) بِشَرْطِ أَنْ لَا تَغْلِبَ عَلَيْهِمْ الْعِيَافَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ التَّنَعُّمِ (وَطِبَاعٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْعَرَبِ) السَّاكِنِينَ فِي الْبِلَادِ وَالْقُرَى دُونَ الْبَوَادِي لِأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ مَا دَبَّ وَدَرَجَ (فِي حَالِ رَفَاهِيَةٍ حَلَّ) سَوَاءٌ مَا بِبِلَادِ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ فِيمَا يَظْهَرُ
(وَإِنْ اسْتَخْبَثُوهُ فَلَا) يَحِلُّ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَنَاطَ الْحِلَّ بِالطَّيِّبِ وَالْحُرْمَةَ بِالْخُبْثِ وَمُحَالٌ عَادَةً اجْتِمَاعُ الْعَالَمِ عَلَى ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ طِبَاعِهِمْ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بَعْضُهُمْ وَالْعَرَبُ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ الْأَفْضَلُ الْأَعْدَلُ طِبَاعًا وَالْأَكْمَلُ عُقُولًا وَمِنْ ثَمَّ أُرْسِلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالصِّفَاتِ. اهـ وَعِبَارَةُ ع ش لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي مَعْرِفَةِ مَا تَحَوَّلَ إلَيْهِ أَهُوَ الذَّاتُ أَمْ الصِّفَةُ فَإِنْ وُجِدَ مَا يُعْلَمُ بِهِ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ تَبَدُّلَ الذَّاتِ فَنَحْكُمُ بِبَقَائِهَا وَأَنَّ الْمُتَحَوَّلَ هُوَ الصِّفَةُ وَقَدْ عُهِدَ تَحَوُّلُ الصِّفَةِ فِي انْخِلَاعِ الْوَلِيِّ إلَى صُوَرٍ كَثِيرَةٍ وَعُهِدَ رُؤْيَةُ الْجِنِّ وَالْمَلَكِ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ ذَاتَهُمَا لَمْ تَتَحَوَّلْ وَإِنَّمَا تَحَوَّلَتْ الصِّفَةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَبَدَّلَتْ ذَاتُهُ أَوْ صِفَتُهُ (قَوْلُهُ فَاكْفِئُوهَا) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ وَالضَّمِيرُ لِلْقُدُورِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ حَمْلًا لِلْأَوَّلِ) أَيْ الْأَمْرُ بِالْإِكْفَاءِ وَقَوْلُهُ لِلثَّانِي أَيْ الْإِذْنُ فِي أَكْلِهَا.
(قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ مَسْخُ أُمَّةٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ (قَوْلُهُ وَتَرَدَّدَ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَانْدَفَعَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ بِشَرْطٍ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لَكِنْ طِبَاعُهُمْ إلَى أُلْحِقَ وَقَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ إلَى وَأَمَّا مَا سَبَقَ (قَوْلُهُ فَقُلِبَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالضَّمِيرُ لِلْمَغْصُوبِ أَوْ الْفَاعِلُ وَالضَّمِيرُ لِلْوَلِيِّ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ بِقَلْبِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ عَدَمُ حِلِّهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَالِكِهِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا يُعْتَمَدُ فِيهِ أَيْ فِي تَحْرِيمِ مَا لَا نَصَّ فِيهِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا. اهـ.
وَفِي الرَّوْضَةِ فَصْلٌ إذَا وَجَدْنَا حَيَوَانًا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ حُكْمِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا اسْتِطَابَةٍ وَلَا اسْتِخْبَاثٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الْأُصُولِ وَثَبَتَ تَحْرِيمُهُ فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فَهَلْ يُسْتَصْحَبُ تَحْرِيمُهُ قَوْلَانِ الْأَظْهَرُ لَا يُسْتَصْحَبُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ فَإِنْ اسْتَصْحَبْنَاهُ فَشَرْطُهُ أَنْ يَثْبُتَ تَحْرِيمُهُ فِي شَرْعِهِمْ بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ يَشْهَدُ بِهِ عَدْلَانِ أَسْلَمَا مِنْهُمْ يَعْرِفَانِ الْمُبْدَلَ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى. اهـ سم بِحَذْفِ (قَوْلُهُ مِنْ كِتَابٍ) إلَى قَوْلِهِ وَهَذَا قَدْ يُنَافِي فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِشَرْطِهِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَبَحَثَ إلَى فَقَدْ صَرَّحُوا وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ إلَى فَإِنْ اسْتَوَى (قَوْلُهُ وَلَا سُنَّةَ) وَلَا إجْمَاعَ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ إلَخْ) مَا وَجْهُ انْدِفَاعِهِ؟ اهـ سم (أَقُولُ) وَجْهُهُ التَّعْمِيمُ بِقَوْلِهِ خَاصٌّ وَلَا عَامٌّ بِتَحْرِيمٍ أَوْ تَحْلِيلٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا إلَخْ) فَإِنَّهُ قَالَ إنْ أَرَادَ نَصَّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ لَمْ يَسْتَقِمْ فَقَدْ حُكِمَ بِحِلِّ الثَّعْلَبِ وَتَحْرِيمِ الْبَبَّغَاءِ وَالطَّاوُسِ وَلَيْسَ فِيهَا نَصُّ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ أَوْ نَصُّ الشَّافِعِيِّ أَوْ أَحَدِ أَصْحَابِهِ فَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ نَصٌّ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ أَهْلُ يَسَارٍ) أَيْ ثَرْوَةٍ وَخِصْبٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ الْعِيَافَةُ) أَيْ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ مَا دَبَّ) أَيْ عَاشَ وَدَرَجَ أَيْ مَاتَ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ فِي حَالِ رَفَاهِيَةٍ) أَيْ اخْتِيَارٍ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ مَا بِبِلَادِ الْعَرَبِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يُرْجَعُ إلَى الْعَرَبِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُمْ لَا يُرْجَعُ إلَيْهِمْ فِيمَا بِبِلَادِ الْعَجَمِ. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْخُبْثِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِالْخَبِيثِ (قَوْلُهُ وَمُحَالٌ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ اجْتِمَاعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِطَابَةِ أَوْ الِاسْتِخْبَاثِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ فِي مَسْخِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) حَكَيْنَا عِبَارَتَهُ بِهَامِشِ تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ
(قَوْلُهُ: وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا يُعْتَمَدُ فِيهِ أَيْ فِي تَحْرِيمِ مَا لَا نَصَّ فِيهِ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَرَّرَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا اهـ. وَفِي الرَّوْضَةِ فَصْلٌ إذَا وَجَدْنَا حَيَوَانًا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ حُكْمِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا اسْتِطَابَةٍ وَلَا اسْتِخْبَاثٍ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الْأُصُولِ وَثَبَتَ تَحْرِيمُهُ فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فَهَلْ يُسْتَصْحَبُ تَحْرِيمُهُ قَوْلَانِ الْأَظْهَرُ لَا يُسْتَصْحَبُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ فَإِنْ اسْتَصْحَبْنَاهُ فَشَرْطُهُ أَنْ يَثْبُتَ تَحْرِيمُهُ فِي شَرْعِهِمْ بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ أَسْلَمَا مِنْهُمْ يَعْرِفَانِ الْمُبْدَلَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْحَاوِي فَعَلَى هَذَا لَوْ اخْتَلَفُوا اُعْتُبِرَ حُكْمُهُ فِي أَقْرَبِ الشَّرَائِعِ إلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ النَّصْرَانِيَّةُ فَإِنْ اخْتَلَفُوا عَادَ الْوَجْهَانِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْأَشْبَاهِ اهـ. كَلَامُ الرَّوْضَةِ لَا يُقَالُ يُشْكِلُ عَلَى كَوْنِ النَّصْرَانِيَّةِ أَقْرَبَ الشَّرَائِعِ إلَى الْإِسْلَامِ إنَّ لِلنَّصْرَانِيِّ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ مَا لَيْسَ لِنَحْوِ الْيَهُودِيِّ كَالتَّثْلِيثِ وَقَوْلُهُمْ بِالْأَقَانِيمِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا ادَّعَيْنَا أَنَّ الشَّرْعَ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُهُمْ أَقْرَبُ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ نَدَّعِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ أَقْرَبُ إلَى الْإِسْلَامِ وَقُرْبُ شَرْعِهِمْ لَا يُنَافِي بُعْدَهُمْ لِمُخَالَفَتِهِمْ وَتَغَالِيهِمْ فِي كُفْرِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا إلَخْ) مَا وَجْهُ انْدِفَاعِهِ
الصفحة 384
412