كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 9)

وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَمُحَارِبٍ وَتَارِكِ صَلَاةِ بِشَرْطِهِ وَمَنْ لَهُ عَلَيْهِ قَوَدٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لِلضَّرُورَةِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ كَانُوا مُضْطَرِّينَ لَمْ يَجِبْ عَلَى أَحَدٍ بَذْلُ الطَّعَامِ لَهُمْ (لَا ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ) لِعِصْمَتِهِمَا (وَصَبِيٍّ حَرْبِيٍّ) وَامْرَأَةٍ حَرْبِيَّةٍ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِمَا
(قُلْت الْأَصَحُّ حِلُّ قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيَّيْنِ) كَذَا الْخُنْثَى وَالْمَجْنُونُ وَرَقِيقُهُمْ (لِلْأَكْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ عِصْمَتِهِمْ وَحُرْمَةُ قَتْلِهِمْ إنَّمَا هِيَ لِحَقِّ الْغَانِمِينَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجِبْ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحِلَّهُ مَا لَمْ يُسْتَوْلَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّهُمْ صَارُوا أَرِقَّاءَ مَعْصُومِينَ لِلْغَانِمِينَ وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حُرْمَةَ قَتْلِ صَبِيٍّ حَرْبِيٍّ مَعَ وُجُودِ حَرْبِيٍّ بَالِغٍ وَلَيْسَ لِوَالِدٍ قَتْلُ وَلَدِهِ لِلْأَكْلِ وَلَا لِلسَّيِّدِ قَتْلُ قِنِّهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقِنُّ ذِمِّيًّا كَالْحَرْبِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ

(وَلَوْ وَجَدَ) مُضْطَرٌّ (طَعَامَ غَائِبٍ) وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ (أَكَلَ) وُجُوبًا مِنْهُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ فَقَطْ أَوْ مَا يُشْبِعُهُ بِشَرْطِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّ الذِّمَمَ تَقُومُ مَقَامَ الْأَعْيَانِ (وَغَرِمَ) إذَا قَدَرَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَإِلَّا فَمِثْلُهُ لِحَقِّ الْغَائِبِ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ مَنْعَ أَكْلِهِ إذَا اُضْطُرَّ الْغَائِبُ أَيْضًا وَهُوَ يَحْضُرُ عَنْ قُرْبٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ أَرَادَ بِالْقُرْبِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ زَوَالِ اضْطِرَارِهِ بِهَذَا دُونَ غَيْرِهِ وَغَيْبَةُ وَلِيِّ مَحْجُورٍ كَغَيْبَةِ مُسْتَقِلٍّ وَحُضُورُهُ كَحُضُورِهِ وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ حِينَئِذٍ نَسِيئَةً وَلِمُعْسِرٍ بِلَا رَهْنٍ لِلضَّرُورَةِ (أَوْ) وَجَدَ وَهُوَ غَيْرُ نَبِيٍّ طَعَامَ (حَاضِرٍ مُضْطَرٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ) لَهُ (إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ) بَلْ هُوَ أَوْلَى لِخَبَرِ «ابْدَأْ بِنَفْسِك»
أَمَّا النَّبِيُّ فَيَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ إيثَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَأَفْتَى الْقَاضِي بِأَنَّ الْمَيِّتَةَ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا فَلَا يَقْدُمُ بِهَا مَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهَا كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ فَذُو الْيَدِ عَلَيْهَا أَحَقُّ بِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا مَا فَضَلَ عَنْهُ أَيْ عَنْ سَدِّ رَمَقِهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَيَلْزَمُهُ بَذْلُهُ وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ مَآلًا (فَإِنْ آثَرَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQإذْنِ الْإِمَامِ اهـ سم ثُمَّ كَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ قَتْلُ مُهْدَرٍ نَحْوُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ إلَخْ يَحْتَمِلُ، أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَإِنْ وَجَدَ مَيْتَةً غَيْرَ آدَمِيٍّ وَيَحْتَمِلُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَيْتَةَ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ مَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ كَالْحَرْبِيِّ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ مَيْتَةَ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَمَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَيَمْتَنِعُ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَا ذَكَرَ نَعَمْ إنْ أَذِنَ الْإِمَامُ صَارَ كَمَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَحَرْبِيٌّ) أَيْ كَامِلٌ بِالذُّكُورَةِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ (قَوْلُهُ: وَزَانٍ مُحْصَنٌ) إلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِوَالِدٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَبِهَذَا إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَزَانٍ مُحْصَنٌ إلَخْ) الْوَجْهُ، أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُضْطَرُّ مِثْلَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَزَانٍ مُحْصَنٌ إلَخْ كَمَا، هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ الرَّوْضِ وَالْمُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ وَمِنْ هَذَا إلَخْ) لَعَلَّ الْإِشَارَةَ إلَى جَوَازِ قَتْلِ مَنْ ذَكَرَ لِلْأَكْلِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ حَلَّ قَتْلُ الصَّبِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمْ اهـ سم أَقُولُ وَيُفِيدُهُ بَحْثُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْآتِي (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي قَتْلِهِمْ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَةَ النِّهَايَةِ وَمُحَلُّ ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ حَلَّ قَتْلُهُمْ (قَوْلُهُ: وَحُرْمَةُ قَتْلِ صَبِيٍّ إلَخْ) لِمَا فِي أَكْلِهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ الْحَقِيقِيَّ أَبْلَغُ مِنْ الْكُفْرِ الْحُكْمِيِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي شَبَهِ الصَّبِيِّ اهـ مُغْنِي أَيْ مِنْ النِّسَاءِ وَالْمَجَانِينِ وَالْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ، أَنَّ حَقْنَ الدَّمِ لِذَلِكَ فَقَطْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ بِقَتْلِهِ فَوُجُوبُهَا يَدُلُّ عَلَى، أَنَّ عِصْمَتَهُ لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ حَقِّ السَّيِّدِ وَلَوْ صَحَّ مَا قَالَهُ لَزِمَ عَدَمُ عِصْمَةِ قِنِ الْغَيْرِ فَيَقْتُلُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَمَا يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي امْتِنَاعِ ذَلِكَ اهـ سم

(قَوْلُهُ: مُضْطَرٌّ) إلَى قَوْلِهِ وَأَمَّا مَا فَضَلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَى وَغَيْبَةِ وَلِيٍّ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَكَأَنَّهُ، هُوَ إلَى أَمَّا إذَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) فَيُقَدِّمُ مَيْتَةَ وَطَعَامَ غَيْرِ الْغَائِبِ عَلَى طَعَامِهِ أَيْ الْغَائِبِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُشْبِعُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مَحْذُورًا قَبْلَ وُجُودِ غَيْرِهِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ صَوَابَهُ بِأَنْ يَخْشَى إلَخْ بِإِسْقَاطِ لَمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ الْمُضْطَرُّ (قَوْلُهُ: إذَا قَدَرَ) أَيْ عِنْدَ الْأَكْلِ اهـ ع ش وَفِي إطْلَاقِ مَفْهُومِهِ تَوَقُّفٌ وَالْأَقْرَبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ وَكَانَ الْمَالِكُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ ثُمَّ رَأَيْته ذَكَرَ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى مَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: قِيمَتُهُ) أَيْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ اهـ أَسْنَى وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمِثْلُهُ) نَعَمْ يَتَعَيَّنُ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ بِالْمَفَازَةِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَاءِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِحَقِّ الْغَائِبِ) لَعَلَّ الْأَنْسَبَ الْأَخْصَرَ لِلْغَائِبِ عِبَارَةُ الْأَسْنَى لِإِتْلَافِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ وَقَوْلُهُ بَيْعُ مَالِهِ أَيْ الْمَحْجُورِ وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ أَيْ ضَرُورَةِ الْمُضْطَرِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بَلْ، هُوَ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ إلَخْ) وَيُتَصَوَّرُ هَذَا فِي زَمَنِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الْخَضِرِ عَلَى الْقَوْلِ بِحَيَاتِهِ وَنُبُوَّتِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا فَضُلَ إلَخْ) وَلَوْ وَجَدَ مُضْطَرَّيْنِ وَمَعَهُ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا وَتَسَاوَيَا فِي الضَّرُورَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَيْتَةٌ غَيْرُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مُجَرَّدِ أَكْلِهِ الْمَيْتَةَ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ وَبَيْنَ قَتْلِهِ لِأَكْلِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَصَّلَ بَيْنَ مَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ كَالْحَرْبِيِّ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ مَيْتَةً غَيْرَ الْآدَمِيِّ وَمَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَيَمْتَنِعُ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَا ذَكَرَ نَعَمْ إنْ أَذِنَ الْإِمَامُ صَارَ كَمَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: وَتَارِكُ صَلَاةٍ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُضْطَرُّ مِثْلَهُ.
(قَوْلُهُ: حَلَّ قَتْلُ الصَّبِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقِنُّ ذِمِّيًّا) قَالَ؛ لِأَنَّ حَقْنَ دَمِهِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ حَقِّ السَّيِّدِ فِي مَالِيَّتِهِ حَتَّى لَا يَضِيعَ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ حَقْنَ الدَّمِ لِذَلِكَ فَقَطْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ بِقَتْلِهِ فَوُجُوبُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِصْمَتَهُ لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ حَقِّ السَّيِّدِ وَلَوْ صَحَّ مَا قَالَهُ لَزِمَ عَدَمُ عِصْمَةِ قِنِّ الْغَيْرِ فَيَقْتُلُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَمَا يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ وَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي امْتِنَاعِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) فَتُقَدَّمُ مَيْتَةٌ وَجَدَهَا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ

الصفحة 393