كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 9)

حَضَرَ) مَعَهُ (وَإِلَّا) يَحْضُرْ مَعَهُ عُوِّضَ بِأَنْ غَابَ مَالُهُ (فَ) لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ مَجَّانًا مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ بَلْ بِعِوَضٍ (نَسِيئَةٌ) مُمْتَدَّةٌ لِزَمَنِ وُصُولِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا وَجْهَ لِوُجُوبِ الْبَيْعِ نَسِيئَةً بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِحَالٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِهِ إلَّا عِنْدَ الْيَسَارِ اهـ. وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ قَدْ يُطَالِبُهُ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَالِهِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ إثْبَاتِ إعْسَارِهِ فَيَحْبِسُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا فَلَا مَعْنَى لِوُجُوبِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لِلْيَسَارِ يُؤَجَّلُ إلَيْهِ ثُمَّ إنْ قَدَّرَ الْعِوَضَ وَأَفْرَزَ لَهُ الْمُعَوِّضُ مَلَكَهُ بِهِ كَائِنًا مَا كَانَ وَإِنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ مَحْجُورًا وَقَدَّرَهُ وَلِيُّهُ بِأَضْعَافِ ثَمَنِ مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ أَوْ لَمْ يُفْرِزْهُ لَهُ لَزِمَهُ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ وَالْمَكَانِ أَمَّا مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ تَقْدِيرِ عِوَضٍ بِأَنْ كَانَ لَوْ قَدَّرَ مَاتَ فَيَلْزَمُهُ إطْعَامُهُ مَجَّانًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ أُوجِرَ الْمُضْطَرُّ قَهْرًا أَوْ وَهُوَ نَحْوُ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونٍ فَإِنَّ لَهُ الْبَدَلَ بِأَنَّ مَانِعَ التَّقْدِيرِ هُنَا قَامَ بِالْمُضْطَرِّ لِكَوْنِهِ عَنْ الْتِزَامِ الْعِوَضِ أَوْ غَيْبَةِ عَقْلِهِ حَتَّى أُوجِرَهُ فَنَاسَبَ إلْزَامُهُ بِالْبَدَلِ
وَأَمَّا فِي تِلْكَ فَالْمَانِعُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُ بَلْ عَنْ أَمْرٍ خَارِجٍ فَلَمْ يُلْزَمْ بِشَيْءٍ (وَلَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَالْأَصَحُّ لَا عِوَضَ) لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ مَجَّانًا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ مَالِكَهُ بَذْلُهُ إلَّا بِعِوَضٍ وَلَا أُجْرَةَ لِمَنْ خَلَّصَ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ بِوُقُوعِهِ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا بَلْ يَلْزَمُهُ تَخْلِيصُهُ بِلَا أُجْرَةٍ لِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ تَقْدِيرِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَمْ يَجِبْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ فُرِضَ فِي تِلْكَ ضِيقُ الْوَقْتِ وَجَبَ الْبَذْلُ بِلَا عِوَضٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْوَجْهُ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَاخْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ الثَّانِي. اهـ زَادَ الْمُغْنِي وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي إطْعَامِ الْمُضْطَرِّ بَذْلَ مَالٍ فَلَا يُكَلَّفُ بَذْلُهُ بِلَا مُقَابِلٍ مُطْلَقًا بِخِلَافِ تَخْلِيصِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ اهـ
وَمَالَ إلَيْهِ ع ش وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ عِبَارَةِ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ الْمَذْكُورَةِ مَا نَصُّهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ حَيْثُ قَيَّدَ هُنَا بِالِاتِّسَاعِ وَقَالَ فِيمَا يَأْتِي أَمَّا مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ إلَخْ مَاشٍ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَكَذَا م ر. اهـ.
(قَوْلُهُ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ) أَيْ لِزَمَنِ الصِّيغَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ مُمْتَدَّةٌ لِزَمَنِ وُصُولِهِ إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي صِحَّةَ هَذَا التَّأْجِيلِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْأَجَلَ مَجْهُولٌ وَالْقِيَاسُ فَسَادُ هَذَا التَّأْجِيلِ وَالْبَيْعِ الْمُقْتَرِنِ بِهِ وَالْتِزَامُ الصِّحَّةِ لِلضَّرُورَةِ بَعِيدٌ. اهـ سم أَيْ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى تَقْدِيرِ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ يُعْلَمُ عَادَةً امْتِدَادُهُ إلَى وُصُولِ الْمُضْطَرِّ إلَى مَالِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي (قَوْلُهُ إنَّهُ يَبِيعُهُ) أَيْ بِجَوَازِ أَنْ يَبِيعَهُ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ قَدَرَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ جَمِيعًا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُتَغَابَنُ بِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى قَهْرِهِ وَأَخْذِهِ مِنْهُ لَزِمَهُ، وَكَذَا لَوْ عَجَزَ عَنْ قَهْرِهِ وَأَخْذِهِ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ بِهِ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ وَقَعَ عَقْدٌ صَحِيحٌ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ وَلِهَذَا قَالُوا إذَا لَمْ يَبْذُلْهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَالَ فِي أَخْذِهِ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ. اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ وَقَوْلُهُ وَقَدَّرَهُ إلَخْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ مَحْجُورًا إلَخْ) أَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ وَقَهْرِهِ لَهُ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ أَوْ لَمْ يُفْرِزْهُ لَهُ لَزِمَهُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ مَنْ لَا مَالَ لَهُ يَجِبُ إطْعَامُهُ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّ مَالِكَ الطَّعَامِ لَيْسَ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ. اهـ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ مَحِلُّهُ أَيْ لُزُومُ ثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ غَنِيًّا فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ أَصْلًا فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِلَا بَدَلٍ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ إطْعَامُهُ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ إطْعَامُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَصَدَهُ مِنْهُمْ لِئَلَّا يَتَوَاكَلُوا. اهـ
(قَوْلُهُ مَجَّانًا) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ الْبَدَلَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لَزِمَهُ الْبَدَلُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بَلْ يَلْزَمُهُ إطْعَامُهُ إبْقَاءً لِمُهْجَتِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيضِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ قَدْ يَأْتِي فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا أَنَّهُ لَا عِوَضَ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أُجِيبُ بِأَنَّ هَذِهِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ فَرَغَّبَ فِيهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي مَسَائِلِ إيجَارِ الْمُضْطَرِّ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ مَجَّانًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ إلَّا بِعِوَضٍ وَلَا أُجْرَةَ لِمَنْ خَلَّصَ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ لِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ تَقْدِيرِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ اتَّسَعَ لَمْ يَجِبْ تَخْلِيصُهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ فُرِضَ فِي تِلْكَ ضِيقُ الْوَقْتِ وَجَبَ الْبَذْلُ بِلَا عِوَضٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الْوَجْهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَوَا أَوَاخِر الْبَابِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لَكِنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ نَقَلَهُ كَالْأَصْلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ قَطْعِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْبَذْلُ فِي تِلْكَ إلَّا بِعِوَضٍ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ يَلْزَمُهُ تَخْلِيصُهُ بِلَا أُجْرَةٍ وَعَلَى هَذَا اخْتَصَرَ الْأَصْفُونِيُّ وَشَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ حَيْثُ قَيَّدَ هُنَا بِالِاتِّسَاعِ وَقَالَ فِيمَا يَأْتِي إمَّا مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ إلَخْ مَاشٍ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَكَذَا م ر (قَوْلُهُ: مُمْتَدَّةٌ لِزَمَنِ وُصُولِهِ إلَيْهِ) قَدْ يَقْتَضِي صِحَّةَ هَذَا التَّأْجِيلِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْأَجَلَ مَجْهُولٌ، وَالْقِيَاسُ فَسَادُ هَذَا التَّأْجِيلِ، وَالْبَيْعِ الْمُقْتَرِنِ بِهِ الْتِزَامُ الصِّحَّةِ لِلضَّرُورَةِ بَعِيدٌ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ قَدَّرَ الْعِوَضَ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ وَقَعَ عَقْدٌ صَحِيحٌ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلِهَذَا قَالُوا إذَا لَمْ يَبْذُلْهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَالَ فِي أَخْذِهِ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ مَحْجُورًا وَقَدَّرَهُ وَلِيُّهُ إلَخْ) فِي النَّاشِرِيِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْعِوَضِ بِذِكْرِهِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُضْطَرُّ صَبِيًّا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيضِ صَاحِبِ الطَّعَامِ عَلَى بَذْلِهِ لِلْمُضْطَرِّ وَلَوْ صَبِيًّا، وَالْأَوَّلُ

الصفحة 395