كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 9)
(قُلْت الْأَصَحُّ جَوَازُهُ) لِمَا يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ أَوْ لِمَا يُشْبِعُهُ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ قَطْعُ بَعْضٍ لِاسْتِبْقَاءِ كُلٍّ فَهُوَ كَقَطْعِ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ (وَشَرْطُهُ) أَيْ حِلِّ قَطْعِ الْبَعْضِ (فَقْدُ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا) كَطَعَامِ الْغَيْرِ فَمَتَى وَجَدَ مَا يَأْكُلُهُ حَرُمَ ذَاكَ قَطْعًا (وَأَنْ) لَا يَكُونَ فِي قَطْعِهِ خَوْفٌ أَصْلًا أَوْ (يَكُونَ الْخَوْفُ فِي قَطْعِهِ أَقَلَّ) مِنْهُ فِي تَرْكِهِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ فَقَطْ حَرُمَ قَطْعًا وَإِنَّمَا جَازَ قَطْعُ السِّلْعَةِ عِنْدَ تَسَاوِي الْخَطَرَيْنِ لِأَنَّهَا لَحْمٌ زَائِدٌ وَبِقَطْعِهَا يَزُولُ شَيْنُهَا وَيَحْصُلُ الشِّفَاءُ وَهَذَا تَغْيِيرٌ وَإِفْسَادٌ لَلْبِنْيَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَضُويِقَ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مَا يُرَادُ قَطْعُهُ نَحْوُ سِلْعَةٍ أَوْ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ جَازَ هُنَا حَيْثُ يَجُوزُ قَطْعُهَا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ بِالْأَوْلَى قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ) أَيْ الْبَعْضِ مِنْ نَفْسِهِ (لِغَيْرِهِ) وَلَوْ مُضْطَرًّا لِفَقْدِ اسْتِبْقَاءِ الْكُلِّ هُنَا نَعَمْ يَجِبُ قَطْعُهُ لِنَبِيٍّ (وَ) يَحْرُمُ عَلَى مُضْطَرٍّ قَطْعُ الْبَعْضِ (مِنْ مَعْصُومٍ) لِأَجْلِ نَفْسِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا ذَكَرَ وَالْمَعْصُومُ هُنَا مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ لِلْأَكْلِ أَمَّا غَيْرُ الْمَعْصُومِ كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَمُحَارِبٍ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ فَيَجُوزُ قَطْعُ الْبَعْضِ مِنْهُ لِأَكْلِهِ وَاعْتَرَضَ بِتَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيِّ بِحُرْمَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ وَمَتَى قَدَرَ عَلَى قَتْلِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَكْلُهُ حَيًّا.
(كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ)
عَلَى نَحْوِ الْخَيْلِ وَيُسَمَّى الرِّهَانُ وَقَدْ تَعُمُّ مَا بَعْدَهَا بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لَهُمَا فَعَلَيْهِ الْعَطْفُ الْآتِي عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ مِنْ السَّبْقِ بِالسُّكُونِ أَيْ التَّقَدُّمِ
وَأَمَّا بِالتَّحْرِيكِ فَهُوَ الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ بَيْنَ السِّبَاقِ كَالْقَبْضِ بِالتَّحْرِيكِ مَا يُقْبَضُ مِنْ الْمَالِ (وَالْمُنَاضَلَةُ) عَلَى نَحْوِ السِّهَامِ مِنْ نَضَلَ بِمَعْنَى غَلَبَ وَالْأَصْلُ فِيهِمَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَهَا بِالرَّمْيِ وَأَنَّهُ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الْجَيِّدَةِ إلَى خَمْسَةِ أَمْيَالٍ وَغَيْرِهَا إلَى مِيلٍ (هُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِقَصْدِ التَّأَهُّبِ لِلْجِهَادِ (سُنَّةٌ) لِلرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا ذُكِرَ دُونَ النِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى لِعَدَمِ تَأَهُّلِهِمَا لَهُمَا أَيْ تَحْرُمُ بِمَالٍ لَا بِغَيْرِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ لِمَا يَأْتِي فِي سِبَاقِ عَائِشَةَ وَيُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً لِمَنْ عَرَفَ الرَّمْيَ وَتَرَكَهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا أَوْ قَدْ عَصَى» وَالْمُنَاضَلَةُ آكَدُ لِلْآيَةِ وَلِخَبَرِ السُّنَنِ «ارْمُوا أَوْ ارْكَبُوا وَأَنْ تَرْمُوا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا» وَلِأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي الْمَضِيقِ وَالسَّعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ كَطَعَامِ الْغَيْرِ) شَامِلٌ لِلْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ الْبَاذِلِ وَلَوْ بِالْغَبْنِ وَالْمُمْتَنِعُ رَأْسًا فَلْيُحَرَّرْ. اهـ سم وَقَدْ يُمْنَعُ شُمُولُهُ لِلْبَاذِلِ بِالْغَبْنِ قَوْلُهُ الْآتِي فَمَتَى وَجَدَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ الشِّفَاءُ) أَيْ يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمَتَى قَدَرَ إلَخْ) .
(خَاتِمَةٌ)
تَرْكُ التَّبَسُّطِ فِي الطَّعَامِ الْمُبَاحِ مُسْتَحَبٌّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ السَّلَفِ هَذَا إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ كَقِرَى الضَّيْفِ وَأَوْقَاتِ التَّوْسِعَةِ كَيَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيَوْمِ الْعِيدِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْسُطَ فِيهَا مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ إذْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ التَّفَاخُرَ وَالتَّكَاثُرَ بَلْ تَطَيُّبَ خَاطِرِ الضَّيْفِ وَالْعِيَالِ وَقَضَاءَ وَطَرِهِمْ مِمَّا يَشْتَهُونَهُ وَيُسَنُّ الْحُلْوُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَكَثْرَةُ الْأَيْدِي عَلَى الطَّعَامِ وَإِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالْحَدِيثُ الْحَسَنُ عَلَى الْأَكْلِ وَيُسِنُّ تَقْلِيلُهُ وَيُكْرَهُ ذَمُّ الطَّعَامِ لَا صَانِعُهُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ الطَّعَامِ لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ فَلَا لَا سِيَّمَا مَا وَرَدَ خُبْثُهُ كَالْبَصَلِ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ مِنْ الطَّعَامُ الْحَلَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَمَحَلُّهُ فِي طَعَامِ نَفْسِهِ أَمَّا فِي طَعَامِ مُضِيفِهِ فَتَحْرُمُ إلَّا إذَا عَلِمَ رِضَاهُ كَمَا مَرَّ فِي الْوَلِيمَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَسْفَلِ الصَّفْحَةِ وَيُكْرَهُ مِنْ أَعْلَاهَا أَوْ وَسَطِهَا وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِبَ الْأَكْلِ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ. اهـ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ زَادَ الْمُغْنِي وَمِثْلُهَا فِي ع ش (تَتِمَّةٌ)
فِي إعْطَاءِ النَّفْسِ حَظَّهَا مِنْ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ مَذَاهِبُ ذَكَرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ أَحَدُهَا مَنْعُهَا وَقَهْرُهَا كَيْ لَا تَطْغَى وَالثَّانِي إعْطَاؤُهَا تَحَيُّلًا عَلَى نَشَاطِهَا وَبَعْثُهَا لِرُوحَانِيَّتِهَا وَالثَّالِثُ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ التَّوَسُّطُ؛ لِأَنَّ فِي إعْطَاءِ الْكُلِّ سَلَاطَةً وَفِي مَنْعِ الْكُلِّ بَلَادَةً. اهـ
[كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَة]
(كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ)
هَذَا الْبَابُ لَمْ يَسْبِقْ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحَدٌ إلَى تَصْنِيفِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ الْخَيْلِ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِي فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَالْقَبْضِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ سَابِقٌ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لِلْآيَةِ وَقَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَى إمَّا بِقَصْدِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَكَالْقَبْضِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي إلَى وَيُكْرَهُ وَقَوْلُهُ غَيْرُ مَا ذَكَرَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَقَدْ تَعُمُّ) أَيْ الْمُسَابَقَةُ مَا بَعْدَهَا أَيْ الْمُنَاضَلَةَ (قَوْلُهُ لَهُمَا) أَيْ لِمَعْنًى كُلِّيٍّ يَصْدُقُ عَلَى مَا عَلَى نَحْوِ الْخَيْلِ وَمَا عَلَى نَحْوِ السِّهَامِ (قَوْلُهُ عَطْفُ خَاصٍّ إلَخْ) أَيْ لِنُكْتَةِ آكَدِيَّتِهِ (قَوْلُهُ بِالرَّمْيِ) أَيْ بِتَعَلُّمِهِ وَلَوْ بِأَحْجَارٍ. اهـ ع ش فَأَطْلَقَ السَّبَبَ عَلَى الْمُسَبِّبِ تَدَبَّرْ بُجَيْرِمِيٌّ
(قَوْلُهُ بِقَصْدِ التَّأَهُّبِ إلَخْ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُهُ لِلْجِهَادِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ قِتَالَ الْبُغَاةِ وَقُطَّاعَ الطَّرِيقِ. اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ لِلرِّجَالِ إلَخْ) أَيْ غَيْرِ ذَوِي الْأَعْذَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فِي الْأَعْرَجِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ هَذَا الشَّرْحِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهَا لِلذِّمِّيِّينَ كَبَيْعِ السِّلَاحِ لَهُمْ؛ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ فِي الْحَرْبِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ. اهـ وَسَيَأْتِي خِلَافُهُ هُنَا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ. اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْ تَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ لَا بِغَيْرِهِ) لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَمُسَابَقَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - إنَّمَا هِيَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ كَمَا فِي الْقَلْيُوبِيِّ. اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ قَدْ عَصَى) كَذَا فِي الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَوْ فَقَدْ عَصَى. اهـ أَيْ خَالَفَنَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ الْمَذْكُورَةِ ع ش (قَوْلُهُ آكُدُ) أَيْ مِنْ الرِّهَانِ (قَوْلُهُ لِلْآيَةِ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّهُ يَنْفَعُ إلَخْ) مِنْ عَطْفِ الْحِكْمَةِ عَلَى الدَّلِيلِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ السَّهْمَ يَنْفَعُ فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ كَمَوَاضِعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَكْلِهِ عَطْفًا عَلَى بَعْضِهِ وَعَنْ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا لَا أَكْلُهُ (قَوْلُهُ: كَطَعَامِ الْغَيْرِ) شَامِلٌ لِلْغَائِبِ، وَالْحَاضِرِ الْبَاذِلِ وَلَوْ بِالْغَبْنِ، وَالْمُمْتَنِعِ رَأْسًا فَلْيُحَرَّرْ.
(كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ، وَالْمُنَاضَلَةِ) (قَوْلُهُ لِلرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ الشَّرْحُ فِي غَيْرِ هَذَا الشَّرْحِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهَا لِلذِّمِّيِّينَ كَبَيْعٍ السِّلَاحِ لَهُمْ وَلِأَنَّهُ
الصفحة 397
412