كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 9)

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا فَرْضَيْ كِفَايَةٍ لِأَنَّهُمَا وَسِيلَتَانِ لَهُ اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا وَسِيلَتَيْنِ لِأَصْلِهِ الَّذِي هُوَ الْفَرْضُ بَلْ لِإِحْسَانِ الْإِقْدَامِ وَالْإِصَابَةِ الَّذِي هُوَ كَمَالٌ فَاتُّجِهَ مَا قَالُوهُ إمَّا بِقَصْدٍ مُبَاحٍ فَمُبَاحَانِ أَوْ حَرَامٍ كَقَطْعِ طَرِيقٍ فَحَرَامَانِ

(وَيَحِلُّ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِمَا) لِأَخْبَارٍ فِيهِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ وَشَرْطُ بَاذِلِهِ لَا قَابِلِهِ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَلِيِّ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلتَّعَلُّمِ بِخِلَافِ تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ أَوْ نَحْوِ قُرْآنٍ وَصَحَّ خَبَرٌ لَا سَبَقَ أَيْ بِالْفَتْحِ وَقَدْ تُسَكَّنُ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ

(وَتَصِحُّ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى سِهَامٍ) عَرَبِيَّةٍ وَهِيَ النَّبْلُ وَعَجَمِيَّةٍ وَهِيَ النُّشَّابُ وَعَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقِسِيِّ وَالْمِسَلَّاتِ وَالْإِبَرِ (وَكَذَا مَزَارِيقُ) وَهِيَ رِمَاحٌ قِصَارٌ (وَرِمَاحٌ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ (وَرَمْيٌ بِأَحْجَارٍ) بِيَدٍ أَوْ مِقْلَاعٍ (وَمَنْجَنِيقٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ عَلَى الْأَشْهَرِ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (وَكُلُّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ) غَيْرَ مَا ذُكِرَ كَالتَّرَدُّدِ بِالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ نَافِعٍ فِيهِ فِي مَعْنَى السَّهْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَحَلَّ بِعِوَضٍ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ الرَّمْيُ إلَى غَيْرِ الرَّامِي أَمَّا رَمْيُ كُلٍّ لِصَاحِبِهِ فَحَرَامٌ قَطْعًا لِأَنَّهُ يُؤْذِي كَثِيرًا وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا حِذْقٌ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمَا سَلَامَتُهُمَا وَإِلَّا حَلَّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْبَيْعِ
وَإِذَا اصْطَادَ الْحَاوِي الْحَيَّةَ لِيُرَغِّبَ النَّاسَ فِي اعْتِمَادِ مَعْرِفَتِهِ وَهُوَ حَاذِقٌ فِي صَنْعَتِهِ وَيَسْلَمُ مِنْهَا فِي ظَنِّهِ وَلَسَعَتْهُ لَمْ يَأْثَمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ هَذَا أَيْضًا حِلُّ أَنْوَاعِ اللُّعَبِ الْخَطِرَةِ مِنْ الْحُذَّاقِ بِهَا الَّذِينَ تَغْلِبُ سَلَامَتُهُمْ مِنْهَا وَيَحِلُّ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ بَعْضِ أَئِمَّتِنَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِنَّهُ كَانَتْ فِيهِمْ أَعَاجِيبُ» هَذَا دَالٌّ عَلَى حِلِّ سَمَاعِ تِلْكَ الْأَعَاجِيبِ لِلْفُرْجَةِ لَا لِلْحُجَّةِ اهـ
وَمِنْهُ يُؤْخَذُ حِلُّ سَمَاعِ الْأَعَاجِيبِ وَالْغَرَائِبِ مِنْ كُلٍّ مَا لَا يَتَيَقَّنُ كَذِبَهُ بِقَصْدِ الْفُرْجَةِ بَلْ وَمَا يَتَيَقَّنُ كَذِبَهُ لَكِنْ قَصَدَ بِهِ ضَرْبَ الْأَمْثَالِ وَالْمَوَاعِظِ وَتَعْلِيمَ نَحْوِ الشَّجَاعَةِ عَلَى أَلْسِنَةِ آدَمِيِّينَ أَوْ حَيَوَانَاتٍ وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي إلْحَاقِ الثِّقَافِ بِالنَّافِعِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَحْرِصُ عَلَى إصَابَةِ صَاحِبِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحِصَارِ بِخِلَافِ الْفَرَسِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ فِي الضِّيقِ بَلْ قَدْ يَضُرُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا فَرْضَيْ كِفَايَةٍ إلَخْ) وَالْأَمْرُ بِالْمُسَابَقَةِ يَقْتَضِيهِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَسِيلَتَانِ لَهُ) أَيْ لِلْجِهَادِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَصْلِهِ) أَيْ أَصْلِ الْجِهَادِ (قَوْلُهُ أَمَّا بِقَصْدٍ مُبَاحٍ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِقَصْدِ التَّأَهُّبِ لِلْجِهَادِ (قَوْلُهُ فَمُبَاحَانِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَحَرَامَانِ) أَيْ أَوْ مَكْرُوهٌ فَمَكْرُوهَانِ قِيَاسًا عَلَى مَا ذُكِرَ. اهـ ع ش

(قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ أَخْذِ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ بَيَانُهُ) أَيْ الْعِوَضِ أَوْ أَخْذُهُ أَوْ حِلُّهُ (قَوْلُهُ لَا قَابِلَهُ) أَيْ فَيَجُوزُ فِي الْقَابِلِ أَنْ يَكُونَا سَفِيهًا وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ مَعَهُ لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ لَا قَابِلُهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ السَّفِيهُ وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ قَبُولِهِ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي صِحَّةِ قَبْضِهِ الْمَالَ مَا فِي قَبْضِهِ عِوَضُ الْخُلْعِ. اهـ سم (قَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَلِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْمُسَابَقَةُ وَالْمُنَاضَلَةُ بِالصَّبِيِّ بِمَالِهِ وَإِنْ اسْتَفَادَ بِهِمَا التَّعَلُّمَ نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقَةِ وَقَدْ رَاهَقَ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْجَوَازُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَدْ ثَبَتَ اسْمُهُ فِي الدِّيوَانِ وَكَذَا فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ. اهـ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي تَعَلُّمِ الْمُنَاضَلَةِ أَوْ الْمُسَابَقَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ قُرْآنٍ) أَيْ كَعِلْمٍ اهـ نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ إلَخْ) دَلِيلٌ لِلْمَتْنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي وَعَلَيْهِ فَمَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ لَا خِيَارَ فِيهِ وَلِمَ فَصَلَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ النُّشَّابُ) كَرُمَّانٍ، وَالْوَاحِدَةُ بِهَاءٍ. اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَرَمْيٍ) بِالْجَرِّ بِخَطِّهِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَنْجَنِيقٍ) أَيْ الرَّمْيُ بِهِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ) فِيهِ مَا لَا يَخْفَى مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى يَدٍ أَوْ مِقْلَاعٍ. اهـ سم وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ قَوْلُهُ بِأَحْجَارٍ الْبَاءُ فِيهِ لِلْمُلَابَسَةِ وَفِي بِيَدٍ لِلْآلَةِ فَقَوْلُهُ وَمَنْجَنِيقٍ عَطْفٌ عَلَى أَحْجَارٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ الْمَنْجَنِيقِ آلَةٌ لِلرَّمْيِ بِالْأَحْجَارِ فَتَكُونُ الْبَاءُ الدَّاخِلَةُ عَلَيْهِ لِلْآلَةِ فَإِنْ عُطِفَ عَلَى يَدٍ كَانَ مُغَايِرًا تَدَبَّرْ. اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إشْكَالَ سم عَلَى حَالِهِ وَلَا يَزُولُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِلْمُلَابَسَةِ وَفِي الْمَعْطُوفِ لِلْآلَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ نَافِعٍ إلَخْ) فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّهْمِ (قَوْلُهُ أَمَّا رَمْيُ كُلٍّ إلَخْ) أَخْرَجَ رَمْيَ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لِصَاحِبِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ اهـ سم (قَوْلُهُ فَحَرَامٌ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِنَا مِنْ الرَّمْيِ بِالْجَرِيدِ لِلْخَيَّالَةِ فَيَحْرُمُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا) وَمِنْهُ الْبَهْلَوَانُ وَإِذَا مَاتَ يَمُوتُ شَهِيدًا وَقَوْلُهُ حَلَّ أَيْ حَيْثُ لَا مَالَ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَسَعَتْهُ) عَطْفٌ عَلَى اصْطَادَ (قَوْلُهُ أَنْوَاعُ اللَّعِبِ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ يُسَمَّى فِي عُرْفِ النَّاسِ بِالْبَهْلَوَانِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ بِالضَّيَاعِ فَكُلُّ ذَلِكَ يَحِلُّ لِلْحَاذِقِ الَّذِي تَغْلِبُ سَلَامَتُهُ بَلْ الضَّيَاعُ الْمَذْكُورُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا رَمْيُ كُلٍّ لِصَاحِبِهِ إلَخْ. اهـ سم عِبَارَةُ ع ش وَمِنْ ذَلِكَ اللَّعِبُ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِلَعِبِ الْعُودِ. اهـ
(قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ إلَخْ) أَيْ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ حَدِّثُوا إلَخْ بَدَلٌ مِنْ الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ هَذَا دَالٌّ إلَخْ مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَقْرَبُ جَوَازُ النِّقَافِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ إلَخْ قَالَ ع ش وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ الْإِبَاحَةُ. اهـ وَقَالَ سم ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِمَالٍ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي إلْحَاقِ النِّقَافِ إلَخْ) النِّقَافُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSيَجُوزُ لَنَا الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ فِي الْحَرْبِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ اهـ. وَسَيَأْتِي خِلَافُهُ هُنَا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ

(قَوْلُهُ: لَا قَابِلُهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ السَّفِيهُ وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ قَبُولِهِ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي صِحَّةِ قَبْضِهِ الْمَالَ مَا فِي قَبْضِهِ عِوَضَ الْخُلْعِ

(قَوْلُهُ: عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ) فِيهِ مَا لَا يَخْفَى مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لَهُ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى يَدٍ أَوْ مِقْلَاعٍ.
(قَوْلُهُ أَمَّا رَمْيُ كُلٍّ لِصَاحِبِهِ) أَخْرَجَ رَمْيَ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لِصَاحِبِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: أَنْوَاعُ اللَّعِبِ الْخَطِرَةِ) مِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ يُسَمَّى فِي عُرْفِ النَّاسِ بِالْبَهْلَوَانِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ

الصفحة 398