كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 10)

وَلَوْ فِي نَحْوِ: أَقْسَمْت بِاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ مَا يَدَّعِيهِ، بَلْ ظُهُورُهُ وَلَوْ عُرِفَتْ لَهُ يَمِينٌ سَابِقَةٌ قَبْلُ فِي نَحْوِ أَقْسَمْت جَزْمًا

، (وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَقْسَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ) كَذَا (وَأَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ فَيَمِينٌ) لِصَلَاحِيَةِ اللَّفْظِ لَهَا مَعَ اشْتِهَارِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ، وَكَأَنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ ابْتَدَأَ الْحَلِفَ بِقَوْلِهِ بِاَللَّهِ وَيُنْدَبُ لِلْمُخَاطَبِ إبْرَارُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَيَظْهَرُ إلْحَاقُ الْمَكْرُوهِ بِهَا، ثُمَّ رَأَيْته مُصَرِّحًا بِهِ فَإِنْ أَبَى كَفَّرَ الْحَالِفُ وَقَالَ أَحْمَدُ: بَلْ الْمُخَاطَبُ (وَإِلَّا) يَقْصِدُ يَمِينَ نَفْسِهِ، بَلْ الشَّفَاعَةَ أَوْ يَمِينَ الْمُخَاطَبِ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَا) تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ هُوَ وَلَا الْمُخَاطَبُ وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ حَلَفْت وَغَيْرِهَا فِيمَا مَرَّ لَا هُنَا أَنَّ حَلَفْت عَلَيْك لَيْسَتْ كَأَقْسَمْت وَآلَيْت عَلَيْك، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَيْنِ قَدْ يُسْتَعْمَلَانِ لِطَلَبِ الشَّفَاعَةِ بِخِلَافِ حَلَفْت وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّائِلِ بِاَللَّهِ أَوْ بِوَجْهِهِ فِي غَيْرِ الْمَكْرُوهِ وَالسُّؤَالِ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ

. (وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي نَحْوِ أَقْسَمْت) أَيْ: مِمَّا بِصِيغَةِ الْمَاضِي

(قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ) أَيْ: أَسْأَلُك بِاَللَّهِ إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ تَفْعَلُ كَذَا أَوْ لَا تَفْعَلُ كَذَا وَأَطْلَقَ كَانَ يَمِينًا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَا تُسْتَعْمَلُ لِطَلَبِ الشَّفَاعَةِ بِخِلَافِ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ إلَخْ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ) إلَى قَوْلِهِ: وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَقَالَ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَحْمَدُ إلَخْ) لَعَلَّهُ رِوَايَةٌ عَنْهُ وَإِلَّا فَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى الْحَالِفِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ يَمِينَ الْمُخَاطَبِ) كَأَنْ قَصَدَ جَعَلْتُك حَالِفًا بِاَللَّهِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَنَّ حَلَفْت عَلَيْك لَيْسَتْ إلَخْ) أَيْ: فِي هَذَا التَّفْصِيلِ أَيْ: هُوَ يَمِينٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ يَمِينَ نَفْسِهِ بِقَرِينَةِ التَّوْجِيهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: أَنَّ حَلَفْت عَلَيْك لَيْسَتْ إلَخْ أَيْ: فَإِنَّهَا تَكُونُ يَمِينًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا يَمِينَ نَفْسِهِ بَلْ أَطْلَقَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَآلَيْت) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا مَرَّ اهـ. رَشِيدِيٌّ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: أَوْ آلَيْت كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ) إلَى قَوْلِهِ: كَمَا مَرَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: فِي غَيْرِ الْمَكْرُوهِ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّائِلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إعْطَائِهِ تَعْظِيمُ مَا سَأَلَ بِهِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ بِوَجْهِهِ) كَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ اهـ ع ش.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت إلَخْ) (فُرُوعٌ)
لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ بِاَللَّهِ فَقَالَ آخَرُ: يَمِينِي فِي يَمِينِك أَوْ يَلْزَمُنِي مَا يَلْزَمُك لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لِخُلُوِّ ذَلِكَ عَنْ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَإِنْ قَالَ: الْيَمِينُ لَازِمَةٌ لِي، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى؛ لِمَا مَرَّ، وَإِنْ قَالَ: أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي، وَهُوَ بَيْعَةُ الْحَجَّاجِ فَإِنَّ الْبَيْعَةَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ بَعْدَهُ بِالْمُصَافَحَةِ، فَلَمَّا وَلِيَ الْحَجَّاجُ رَتَّبَهَا أَيْمَانًا تَشْتَمِلُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ لَمْ يُوجَدْ وَالْكِنَايَةُ تَتَعَلَّقُ بِمَا يَتَضَمَّنُ إيقَاعًا فَأَمَّا فِي الِالْتِزَامِ فَلَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ وَالْقِصَاصَ فَيَلْزَمَانِهِ؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ تَدْخُلُ فِيهِمَا وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي بِطَلَاقِهَا وَعَتَاقِهَا وَحَجِّهَا وَصَدَقَتِهَا فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا حُكْمَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ وَالْبَاقِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ كَنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ سم وَفِي التَّنْبِيهِ: وَإِنْ حَلَفَ رَجُلٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ آخَرُ يَمِينِي فِي يَمِينِك أَوْ يَلْزَمُنِي مِثْلُ مَا يَلْزَمُك لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
وَإِنْ قَالَ: ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَنَوَى لَزِمَهُ مَا لَزِمَ الْحَالِفَ، وَإِنْ قَالَ: أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ قَالَ: الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لَازِمٌ لِي وَنَوَى لَزِمَهُ انْتَهَى. قَالَ: ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى يَمِينِي فِي يَمِينِك عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ يَلْزَمُنِي مِنْ الْيَمِينِ مَا يَلْزَمُك، فَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ قَصَدَ ذَلِكَ كَأَنْ ذَكَرَهُ لَك
ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ فَيَلْزَمُهُ، وَإِنْ قَالَ: الْيَمِينُ لَازِمَةٌ لِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَإِنْ قَالَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لَازِمٌ لِي وَنَوَى لَزِمَهُ اهـ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى يَمِينِي فِي يَمِينِك عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ يَلْزَمُنِي مِنْ الْيَمِينِ مَا يَلْزَمُك فَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ قَصَدَ ذَلِكَ كَأَنْ ذَكَرَهُ لَك لِيُعَرِّفَك أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ بِمَعْنَاهُ، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَهُمَا صُورَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ، لَكِنَّ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي مَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، فَإِنْ قَالَ: يَمِينِي فِي يَمِينِ فُلَانٍ وَكَانَ فُلَانٌ قَدْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وُجِدَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْهُ
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَشْرَكْتُك مَعَ امْرَأَةِ فُلَانٍ وَكَانَ فُلَانٌ قَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ وَأَرَادَ الْمُشَارَكَةَ فِي الطَّلَاقِ بِمَعْنَى إنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى تِلْكَ فَأَنْتِ شَرِيكَتُهَا فِيهِ صَحَّ اهـ. وَفِي التَّهْذِيبِ مَا يُوَافِقُهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ قَالَ: لَوْ طَلَّقَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ وَحَنِثَ فَقَالَ: يَمِينِي فِي يَمِينِك وَأَرَادَ أَنَّ امْرَأَتَهُ تَطْلُقُ كَامْرَأَةِ الْآخَرِ طَلُقَتْ، وَكَذَا إنْ أَرَادَ مَتَى طَلَّقَ الْآخَرُ امْرَأَتَهُ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فَإِنَّ الْخَاطِرَ مَتَى طَلَّقَ طَلُقَتْ هَذِهِ.
وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لَهَا اهـ. كَلَامُ ابْنِ النَّقِيبِ ثُمَّ قَالَ: فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِمَنْ يَحْلِفُ: يَمِينِي فِي يَمِينِك وَأَرَادَ إذَا حَلَفْت صِرْت حَالِفًا مِثْلَك لَمْ يَصِرْ حَالِفًا إذَا حَلَفَ ذَاكَ، سَوَاءٌ كَانَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَيَلْزَمُهُ أَيْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: الطَّلَاقُ لَازِمٌ وَهَذَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ: وَالْعَتَاقُ أَنَّ قَوْلَهُ الْعِتْقُ لَازِمٌ لِي كَذَلِكَ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَوَائِلَ النَّذْرِ قَوْلُ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَمِنْهُ أَيْ: نَذْرِ اللَّجَاجِ مَا يُعْتَادُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي أَوْ يَلْزَمُنِي عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ أَوْ وَالْعِتْقِ لَا أَفْعَلُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّعْلِيقَ فَلَغْوٌ، وَإِنْ نَوَاهُ تَخَيَّرَ ثُمَّ بَيَّنَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ أَوْ الِالْتِزَامِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ التَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ وَكَقَوْلِهِ فَأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ
قَوْلُهُ: فَأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

. (قَوْلُهُ:

الصفحة 11