كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 10)

وَسَبَقَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الصُّورَتَيْنِ لَيْسَتَا تَدْبِيرًا؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ وَحْدَهُ بَلْ مَعَ مَا بَعْدَهُ

(وَلَوْ قَالَ: إنْ) أَوْ إذَا (شِئْتَ) ، أَوْ أَرَدْتَ مَثَلًا (فَأَنْتَ) حُرٌّ إذَا مِتُّ، أَوْ فَأَنْتَ (مُدَبَّرٌ، أَوْ أَنْتَ) مُدَبَّرٌ إنْ، أَوْ إذَا شِئْتَ، أَوْ أَنْتَ (حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شِئْت اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ) أَيْ: وُقُوعُهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ (مُتَّصِلَةً) بِلَفْظِهِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَقَدْ أَطْلَقَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ لِاقْتِضَاءِ الْخِطَابِ ذَلِكَ؛ إذْ هُوَ تَمْلِيكٌ كَالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ انْتَفَى ذِكْرُ الْمَشِيئَةِ كَأَنْ ذَكَرَ بَدَلَهَا نَحْوَ دُخُولٍ، أَوْ انْتَفَى الْخِطَابُ كَإِنْ شَاءَ عَبْدِي فُلَانٌ فَهُوَ مُدَبَّرٌ لَمْ يُشْتَرَطْ فَوْرٌ، وَإِنْ كَانَ جَالِسًا مَعَهُ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَعْلِيقٍ، أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ نَوَاهُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهَا بَعْدَهُ بِلَا فَوْرٍ وَبِالْمَوْتِ فِي الْأَخِيرَةِ مَا لَمْ يَرِدْ قَبْلَهُ لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهَا آنِفًا فِي نَحْوِ: إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت؛ لِأَنَّهَا مِثْلُهَا فِي التَّبَادُرِ السَّابِقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُغْنِي. (قَوْلُهُ وَسَبَقَ) أَيْ: فِي أَوَّلِ الْبَابِ بِقَوْلِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَى عَلَّقَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الصُّورَتَيْنِ) أَيْ: قَوْلُهُ: إنْ مِتُّ ثُمَّ دَخَلْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَوْلُهُ: إذَا مِتُّ وَمَضَى شَهْرٌ فَأَنْتَ حُرٌّ وَكَذَا كُلُّ تَعْلِيقٍ بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَيْسَ هُوَ الْمَوْتُ وَحْدَهُ) أَيْ، وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ ع ش وَرُشَيْدِيٌّ.

. (قَوْلُ الْمَتْنِ اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ) أَيْ: لِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ وَالتَّعْلِيقِ فِي الصُّورَتَيْنِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَفْظُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي اتِّصَالًا لَفْظِيًّا بِأَنْ يُوجَدَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَقِبَ اللَّفْظِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَقْتَضِي جَوَابًا فِي الْحَالِ كَالْبَيْعِ وَلِأَنَّهُ كَالتَّمْلِيكِ وَالتَّمْلِيكُ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْحَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ) أَسْقَطَهُ وَقَوْلَهُ الْآتِي: وَبِالْمَوْتِ فِي الْأَخِيرَةِ شَرْحُ م ر. اهـ. سم وَالْمُرَادُ بِالْأَخِيرَةِ قَوْلُهُ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ إنْ، أَوْ إذَا شِئْت إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطْلَقَ) حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ) أَيْ: أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْعِتْقِ بِقَوْلِهِ: وَالْأَقْرَبُ ضَبْطُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ أَيْ: وَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ ع ش. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: الْقَبُولَ فِي الْحَالِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) وَالْأَوْلَى وَلِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ إلَخْ كَمَا فِي الْمُغْنِي؛ لِأَنَّهُ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِأَصْلِ الْمُدَّعَى لَا عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ انْتَفَى ذِكْرُ الْمَشِيئَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَوْرِيَّةِ إذَا أَضَافَهُ لِلْعَبْدِ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَصْوِيرِهِ فَلَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إذَا شَاءَ زَيْدٌ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ مَتَى شَاءَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي وَلَوْ سَبَقَ مِنْهُ رَدٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَيِّزِ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ فَهُوَ كَتَعْلِيقِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ صِفَةٌ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فَاسْتَوَى فِيهَا قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ تَمْلِيكٌ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَشِيئَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا حَتَّى لَوْ شَاءَ الْعَبْدُ الْعِتْقَ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَشَأْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَشَاءُ، ثُمَّ قَالَ: أَشَاءُ فَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فَلَمْ يَعْتِقْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرِيَّةً فَالِاعْتِبَارُ بِمَا شَاءَهُ، أَوَّلًا، أَوْ مُتَرَاخِيَةً ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِمَشِيئَتِهِ لَهُ سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَتْ مَشِيئَتُهُ لَهُ عَلَى رَدِّهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ. اهـ. بِزِيَادَةِ شَيْءٍ مِنْ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ انْتَفَى الْخِطَابُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَكَانَ الْأَوْلَى، أَوْ الْخِطَابُ. (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ صَرَّحَ إلَخْ) مُقَابِلُ وَقَدْ أَطْلَقَ سم. (قَوْلُهُ: وَبِالْمَوْتِ) عَطْفٌ عَلَى بِلَفْظِهِ وَفِيهِ حَزَازَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَيْضًا فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ أَيْ: وُقُوعُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَوْ إذَا شِئْت إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا اعْتِبَارَ الْمَشِيئَةِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَفَصَّلَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَ شَيْئًا فَيُعْمَلَ بِهِ وَإِلَّا فَيُحْمَلَ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَفِي الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتُّ إنْ شِئْت يَحْتَمِلُ الْمَشِيئَةَ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ حُمِلَ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ أَخَّرَ ذِكْرَهَا عَنْ ذِكْرِهِ فَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْهُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ وَكَأَنَّهُمْ لَحَظُوا فِي هَذَا التَّمْلِيكِ فَاعْتَبَرُوا تَأْخِيرَ الْمَشِيئَةِ لِتَقَعَ الْحُرِّيَّةُ عَقِبَ الْقَبُولِ وَإِلَّا فَيُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَوَالَى الشَّرْطَانِ يُعْتَبَرُ تَقْدِيمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ الزَّوْجَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ يُشْكِلُ أَيْضًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ: إنْ شِئْت فَأَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتُّ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَيَاةِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ الْجَزَاءُ فِيهِ مُتَوَسِّطًا بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ فِيهِ لِتَقَدُّمِ الْمَشِيئَةِ ثَمَّ وَتَأَخُّرِهَا هَاهُنَا. اهـ. وَلَمَّا نَقَلَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ جَوَابَ شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ: وَكَأَنَّهُمْ لَحَظُوا إلَخْ قَالَ: وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِمَّا مَرَّ ثَمَّ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ الزَّوْجَةِ وَكَلَامُهُمْ يُخَالِفُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ وَضْعَ التَّدْبِيرِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ هَذِهِ الصِّيَغُ وُجُودُ الصِّفَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَحَمَلْنَاهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ خَالَفَ قَضِيَّةَ مَا مَرَّ، ثُمَّ عَمَلًا بِوَضْعِ اللَّفْظِ، ثَمَّ وَيُوضَعُ أَصْلُ صِيغَةِ التَّدْبِيرِ هُنَا. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا فَإِنَّ الْمَقَامَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ.
(قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ مُتَّصِلَةً إلَخْ) وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَشِيئَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا حَتَّى لَوْ شَاءَ الْعِتْقَ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَشَأْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: لَا أَشَاؤُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشَاءُ فَكَذَلِكَ وَلَمْ يَعْتِقْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرِيَّةً فَالِاعْتِبَارُ بِمَا شَاءَهُ، أَوَّلًا، أَوْ مُتَرَاخِيَةً ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِمَشِيئَتِهِ لَهُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ مَشِيئَتُهُ لَهُ عَلَى رَدِّهِ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ ش م ر. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِوُقُوعِهَا إلَخْ) مُقَابِلُ، وَقَدْ أَطْلَقَ. (قَوْلُهُ: وَبِالْمَوْتِ) عَطْفٌ عَلَى بِلَفْظِهِ وَفِيهِ حَزَازَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ أَيْضًا فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ: أَيْ: وُقُوعُهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ

الصفحة 383