كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 10)

فَإِنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ النُّجُومَ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مَعَ بَقَاءِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مِلْكِهِ إلَى أَدَاءِ جَمِيعِ النُّجُومِ وَإِلْغَازُ بَعْضِهِمْ عَنْهُ بِمَمْلُوكٍ لَا مَالِكَ لَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ لَا مَالِكَ لَهُ

. (وَلَوْ تَرَكَ لَفْظَ التَّعْلِيقِ) لِلْحُرِّيَّةِ بِالْأَدَاءِ (وَنَوَاهُ) بِمَا قَبْلَهُ (جَازَ) لِاسْتِقْلَالِ السَّيِّدِ بِالْعِتْقِ الْمَقْصُودِ، نَعَمْ الْفَاسِدَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّلَفُّظِ بِهِ (وَلَا يَكْفِي لَفْظُ كِتَابَةٍ بِلَا تَعْلِيقٍ، وَلَا نِيَّةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَقَعُ عَلَى الْمُخَارَجَةِ أَيْضًا وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي التَّدْبِيرِ وَمَرَّ ثَمَّ فَرْقٌ آخَرُ (وَيَقُولُ) فَوْرًا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (الْمُكَاتَبُ) لَا أَجْنَبِيٌّ بَلْ، وَلَا وَكِيلُ الْعَبْدِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ أَهْلًا لِلتَّوْكِيلِ إلَّا بَعْدَ قَبُولِهَا (: قُبِلَتْ) مَثَلًا كَغَيْرِهِ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ وَيَكْفِي اسْتِيجَابٌ وَإِيجَابٌ كَكَاتِبْنِي عَلَى كَذَا فَيَقُولُ: كَاتَبْتُك.
وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ الْأَدَاءُ بِلَا قَبُولٍ كَالْإِعْطَاءِ فِي الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَشْبَهَ بِالْبَيْعِ مِنْ ذَاكَ وَفَرَّقَ شَارِحٌ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ وَبِمَا فَرَّقْت بِهِ بَيْنَهُمَا يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ قَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ هُنَا لَا ثَمَّ قِيلَ: قَوْلُ أَصْلِهِ: الْعَبْدُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ مُكَاتَبًا بَعْدُ، وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ نَحْوِ {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] وَعَنْ اتِّفَاقِ الْبُلَغَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ أَبْلَغُ

. (وَشَرْطُهُمَا) أَيْ: السَّيِّدِ، وَالْقِنِّ (تَكْلِيفٌ) وَاخْتِيَارٌ فِيهِمَا وَلَوْ أَعْمَيَيْنِ وَقَيْدُ الِاخْتِيَارِ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (وَالطَّلَاقُ) لِلتَّصَرُّفِ فِي السَّيِّدِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا كَالْبَيْعِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِفَلَسٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ تَرَكَ) أَيْ: فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَفْظَ التَّعْلِيقِ لِلْحُرِّيَّةِ إلَخْ) وَهُوَ قَوْلُهُ: إذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِمَا قَبْلَهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ: كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا إلَخْ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَيْ: عِنْدَ وُجُودِ جُزْءٍ مِنْهُ ع ش. (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْلَالِ السَّيِّدِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْعِتْقُ وَهُوَ يَقَعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ جَزْمًا لِاسْتِقْلَالِ الْمُخَاطَبِ بِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ التَّلَفُّظِ بِهِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ: إذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ مُغْنِي أَيْ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) إلَى قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفِ الْأَدَاءُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا وَكِيلُ الْعَبْدِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا تَقَعُ عَلَى الْمُخَارَجَةِ أَيْضًا) أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزٍ بِاللَّفْظِ، أَوْ النِّيَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَرْقٌ آخَرُ) وَهُوَ أَنَّ التَّدْبِيرَ كَانَ مَعْلُومًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّدْبِيرَ مَشْهُورٌ فِي مَعْنَاهُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا إلَّا الْخَوَاصُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا أَجْنَبِيٌّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: وَيَقُولُ الْمُكَاتَبُ قَبِلْت أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ أَجْنَبِيٌّ الْكِتَابَةَ مِنْ السَّيِّدِ لِيُؤَدِّيَ عَنْ الْعَبْدِ النُّجُومَ فَإِذَا أَدَّاهَا عَتَقَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ لِمُخَالَفَتِهِ مَوْضُوعَ الْبَابِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَدَّى عَتَقَ الْعَبْدُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِالْقِيمَةِ وَرَدَّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهُ. اهـ. وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ وَلَعَلَّ صُورَتَهُ كَاتَبْت عَبْدِي عَلَى كَذَا عَلَيْك فَإِذَا أَدَّيْته فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ: كَاتَبْته عَلَى ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ قَبُولِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي التَّوْكِيلِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي اسْتِيجَابٌ إلَخْ) أَيْ: وَاسْتِقْبَالٌ وَقَبُولٌ كَمَا لَوْ قَالَ السَّيِّدُ: اقْبَلْ الْكِتَابَةَ، أَوْ تَكَاتَبْ مِنِّي بِكَذَا إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ فَقَالَ الْعَبْدُ: قَبِلْت ع ش. (قَوْلُهُ: كَكَاتِبْنِي عَلَى كَذَا) أَيْ إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ كَاتَبْتُك) أَيْ: فَوْرًا كَمَا فُهِمَ مِنْ الْفَاءِ ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ: عَقْدَ الْكِتَابَةِ وَقَوْلُهُ: مِنْ ذَاكَ أَيْ: الْخُلْعِ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا فَرَّقْت إلَخْ) وَهُوَ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا أَشْبَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ) وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ: مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُكَاتَبِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ نَحْوِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يُفِيدُ صِحَّةَ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ لَا مُسَاوَاتَهُ لِتَعْبِيرِ الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: السَّيِّدِ) إلَى قَوْلِهِ: نَعَمْ إنْ صَرَّحَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَمُكْرًى فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: نَعَمْ إلَى، وَلَا مَأْذُونٍ لَهُ وَقَوْلَهُ: كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: تَكْلِيفٌ) أَيْ كَوْنُهُمَا عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ) فَإِنْ أُكْرِهَا، أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْكِتَابَةُ بَاطِلَةٌ مُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ زَادَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُكْرَهْ بِحَقٍّ كَأَنْ نَذَرَ كِتَابَتَهُ فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالْفِعْلِ مَعَ الِاخْتِيَارِ، ثُمَّ هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ النَّذْرُ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ كَرَمَضَانَ مَثَلًا وَأَخَّرَ الْكِتَابَةَ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ زَمَنٌ قَلِيلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ وَقْتًا بِعَيْنِهِ حَتَّى يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ فَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ هَذَا وَلَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ عَصَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَ الْكِتَابَةَ فِيهِ وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ آخِرِ وَقْتِ الْإِمْكَانِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْمَيَيْنِ) أَيْ: أَوْ سَكْرَانَيْنِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ السَّكْرَانَ الْعَاصِيَ بِسُكْرِهِ لَا تَصِحُّ كِتَابَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرَى عَدَمَ تَكْلِيفِهِ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَخْ) وَلَا مِنْ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَبًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ مُغْنِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهُ الشَّارِحُ حَتَّى يَظْهَرَ قَوْلُهُ: وَزَعَمَ أَنَّهُ إلَخْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: بِمَمْلُوكٍ لَا مَالِكَ لَهُ) قَدْ يُقَالُ: إنْ أَرَادَ بِالْمَمْلُوكِ مَا يَصْلُحُ لِلْمِلْكِ فَهَذَا لَيْسَ غَرِيبًا حَتَّى يُلْغَزَ بِهِ فَإِنَّ الْمُبَاحَاتِ كَالْمَاءِ وَالْحَطَبُ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمِلْكُ فِيمَا سَبَقَ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْمِلْكُ الْآتِي فَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ

. (قَوْلُهُ: وَبِمَا فَرَّقْت بِهِ بَيْنَهُمَا يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ قَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ هُنَا لَا ثَمَّ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ قَبِلَ الْكِتَابَةَ مِنْ السَّيِّدِ أَجْنَبِيٌّ لِيُؤَدِّيَ عَنْ الْعَبْدِ النُّجُومَ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ لِمُخَالِفَتِهَا مَوْضُوعَ الْبَابِ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ الْعَبْدُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَرَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِالْقِيمَةِ وَرُدَّ لَهُ مَا أُخِذَ مِنْهُ. اهـ. وَلَعَلَّ صُورَتَهُ كَاتَبْت عَبْدِي عَلَى كَذَا عَلَيْك فَإِذَا أَدَّيْته فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ: قَبِلْت ذَلِكَ أَوْ كَاتِبْ عَبْدَك عَلَيَّ فَإِذَا أَدَّيْته فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ: كَاتَبْته عَلَى كَذَا

. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُمَا تَكْلِيفٌ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيَصِحُّ كِتَابَةُ مُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَيَعْتِقُ الثَّانِي بِوُجُودِ الصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَإِلَّا فَبِأَدَائِهَا وَالْآخَرَانِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَبِالْأَدَاءِ

الصفحة 392