كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 10)

وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَزَعْمُ أَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ فَاسِدٌ بَلْ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَا مِنْ مُكَاتَبٍ لِعَبْدِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ مِنْ مُبَعَّضٍ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا لِلْوَلَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ فَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ عَبْدٍ صَغِيرٍ، أَوْ مَجْنُونٍ، نَعَمْ إنْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ بِالْأَدَاءِ فَأَدَّى إلَيْهِ أَحَدُهُمَا عَتَقَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ لَا عَنْ الْكِتَابَةِ فَلَا يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَكَذَا فِي سَائِرِ أَقْسَامِ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ، وَلَا مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فِي أَكْسَابِهِ لِيَصْرِفَهَا فِي دَيْنِهِ كَالْمُؤَجَّرِ، وَالْمَرْهُونِ الْآتِيَيْنِ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ عَبْدٍ سَفِيهٍ كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ وَاعْتَرَضُوا مَا أَوْهَمَهُ الْمَتْنُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ وَنَقَلُوا الْأَوَّلَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ الْأَدَاءَ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الْكَسْبِ فَقَدْ يُؤَدِّي مِنْ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَيُؤَيِّدُهُ صِحَّةُ كِتَابَةِ عَبْدٍ مُرْتَدٍّ، وَإِنْ أَوْقَفْنَا تَصَرُّفَهُ وَيَصِحُّ أَدَاؤُهُ فِي الرِّدَّةِ

. (وَكِتَابَةُ الْمَرِيضِ) مَرَضَ الْمَوْتِ مَحْسُوبَةٌ (مِنْ الثُّلُثِ) وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ مِلْكُ السَّيِّدِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ مِثْلَاهُ) أَيْ: مِثْلَا قِيمَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ (صَحَّتْ كِتَابَةُ كُلِّهِ) سَوَاءٌ كَانَ مَا خَلَّفَهُ مِمَّا أَدَّاهُ الرَّقِيقُ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ لِخُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ (فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ وَأَدَّى فِي حَيَاتِهِ مِائَتَيْنِ) كَاتَبَهُ عَلَيْهِمَا (وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ عَتَقَ) كُلُّهُ لِبَقَاءِ مِثْلَيْهِ لِلْوَرَثَةِ وَهَذَا كَالْمِثَالِ لِمَا قَبْلَهُ (وَإِنْ أَدَّى مِائَةً) كَاتَبَهُ عَلَيْهَا (عَتَقَ ثُلُثَاهُ) ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ ثُلُثِهِ مَعَ الْمِائَةِ الْمُؤَدَّاةِ مَثَلًا مَا عَتَقَ مِنْهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُخْلِفْ غَيْرَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَيَصِحُّ فِي ثُلُثِهِ فَقَطْ فَإِذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) غَايَةٌ أُخْرَى فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ أَنْ يَزِيدَ دَيْنُهُ عَلَى مَالِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ فَيَحْجُرَ الْقَاضِي عَلَى وَلِيِّهِ فِي مَالِهِ فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ مِنْ وَلِيِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِيهَا ع ش وَاعْتَبَرَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ الْوَلِيَّ فِي غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ عِبَارَتُهُ: وَلَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ وَأَوْلِيَائِهِمْ، وَلَا مِنْ مَحْجُورِ فَلَسٍ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ الْمُسْتَقِلُّ بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالرُّشْدِ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ أَيْ: ع ش. (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ أَنَّهُ) أَيْ: الْوَلِيَّ ع ش. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا تَصِحُّ مِنْ مُبَعَّضٍ إلَخْ) الْأَخْصَرُ الْأَسْبَكُ وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْعَبْدِ) عَطْفٌ عَلَى فِي السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ صَرَّحَ) أَيْ السَّيِّدُ. (قَوْلُهُ: الْبَاطِلَةِ) سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ. (قَوْلُهُ وَلَا مَأْذُونٍ لَهُ إلَخْ) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ عَبْدٍ مَأْذُونٍ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ النُّجُومِ ع ش. (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي. (تَنْبِيهٌ)
اشْتِرَاطُ الْإِطْلَاقِ فِي الْعَبْدِ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ اعْتِبَارُ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ فَلَا يَضُرُّ سَفَهُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ الْأَدَاءُ إلَخْ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَهُوَ التَّكْلِيفُ فَإِنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ كَمَا فَعَلَ فِي الْعِتْقِ وَتَرَكَ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: صِحَّةُ كِتَابَةِ عَبْدٍ مُرْتَدٍّ إلَخْ) يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ السَّيِّدِ مُرْتَدًّا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُكَاتَبَ وَكَوْنُ الْعَبْدِ مُرْتَدًّا فَتَصِحُّ كِتَابَتُهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا تَصِحُّ مِنْ مُرْتَدٍّ، ثُمَّ قَالَ: وَتَصِحُّ كِتَابَةُ عَبْدٍ مُرْتَدٍّ وَيَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ انْتَهَى. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إلَخْ) زِيَادَةُ فَائِدَةٍ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّأْيِيدِ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَكِتَابَةُ الْمَرِيضِ إلَخْ) وَلَوْ كَاتَبَ فِي الصِّحَّةِ وَقَبَضَ النُّجُومَ فِي الْمَرَضِ، أَوْ قَبَضَهَا وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ أَقَرَّ هُوَ فِي الْمَرَضِ بِالْقَبْضِ لَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: مَرَضَ الْمَوْتِ) إلَى قَوْلِهِ: هَذَا إنْ لَمْ يَحْجُرْ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ) أَيْ: وَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا وَقْتَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّيِّدَ يُضَيِّعُهَا فِي مَصَالِحِهِ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَسْبَهُ مِلْكُ السَّيِّدِ) أَيْ وَقَدْ جَعَلَهُ لِلْعَبْدِ بِكِتَابَتِهِ عَبْدُ الْبَرِّ أَيْ: فَفَوَّتَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِكِتَابَتِهِ وَحَاصِلُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا فَوَّتَ عَلَى الْوَرَثَةِ كَسْبَ الْعَبْدِ كَأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِنَفْسِ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ فَلِذَلِكَ حُسِبَ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ كَسْبُ الْمُكَاتَبِ الْمُؤَدِّي بِهِ النُّجُومَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ كَانَ عِتْقُهُ بِهَا كَالْعِتْقِ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ فَحُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يُخْلِفْ غَيْرَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَأَدَّى فِي حَيَاتِهِ عَمَّا لَوْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَثُلُثُهُ مُكَاتَبٌ فَإِنْ أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ، وَلَا يَزِيدُ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ لِبُطْلَانِهَا فِي الثُّلُثَيْنِ فَلَا تَعُودُ. (تَنْبِيهٌ)
هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ الْكِتَابَةَ فِي جَمِيعِهِ فَإِنْ أَجَازُوا فِي جَمِيعِهَا عَتَقَ كُلُّهُ، أَوْ فِي بَعْضِهَا عَتَقَ مَا أَجَازُوا وَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَكَاتَبَ فِي الْمَرَضِ أَحَدَهُمَا وَبَاعَ الْآخَرَ نَسِيئَةً وَمَاتَ وَلَمْ يَحْصُلْ بِيَدِهِ ثَمَنٌ، وَلَا نُجُومٌ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ فِي ثُلُثِ هَذَا وَالْبَيْعُ فِي ثُلُثِ ذَاكَ إذَا لَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ وَلَا يُزَادُ فِي الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ وَالنُّجُومِ. اهـ. وَفِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ مِثْلُهَا. (قَوْلُهُ فَإِذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSاهـ. وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: بِمَوْتِ السَّيِّدِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ أَنَّهَا تَعْتِقُ عَنْ الْإِيلَادِ لَا عَنْ الْكِتَابَةِ فَلَا يَتْبَعُهَا كَسْبُهَا وَأَوْلَادُهَا وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ قَبْلَ الْحُكْمِ الْخَامِسِ: فَصْلٌ وَطْءُ مُكَاتَبَةٍ حَرَامٌ إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ أَوْلَدَهَا صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ مَاتَ أَيْ: السَّيِّدُ قَبْلَ تَعْجِيزِهَا عَتَقَتْ بِالْكِتَابَةِ أَيْ لَا بِالِاسْتِيلَادِ وَتَبِعَهَا كَسْبُهَا وَأَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ قَبْلَ الْأَدَاءِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: عَتَقَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ الْحَادِثُونَ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ إلَّا عَنْ الْكِتَابَةِ وَلَوْ أَوْلَدَهَا، ثُمَّ كَاتَبَهَا وَمَاتَ قَبْلَ تَعْجِيزِهَا عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهَا أَوْلَادُهَا الْحَادِثُونَ وَكَسْبُهَا الْحَاصِلُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ. وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ مَعْنَاهُ عَنْ الْكِتَابَةِ لَا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِهِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْعِتْقِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْ الْكِتَابَةِ سُقُوطُ النُّجُومِ عَنْهُ وَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ كِتَابَةُ عَبْدٍ سَفِيهٍ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْقَفْنَا تَصَرُّفَهُ إلَخْ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ كَاتَبَ مُرْتَدًّا إلَخْ يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ السَّيِّدِ مُرْتَدًّا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُكَاتَبَ وَكَوْنُ الْعَبْدِ مُرْتَدًّا فَتَصِحُّ كِتَابَتُهُ

الصفحة 393