كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 10)

مِنْ دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ لَا الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْمُؤَجَّلِ شَرْعًا دَيْنٌ تَأَخَّرَ وَفَاؤُهُ فَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ شَيْئَيْنِ وَدَلَالَةُ التَّضْمِينِ يُكْتَفَى بِهَا فِي الْمُخَاطَبَاتِ فَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ (وَلَوْ مَنْفَعَةً) فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهَا ثَمَنًا وَأُجْرَةً فَتَجُوزُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ مَوْصُوفَتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ مَعْلُومَيْنِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ تَخْلُ الْمَنْفَعَةُ فِي الذِّمَّةِ مِنْ التَّأْجِيلِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ نُجُومِهَا تَعْجِيلٌ كَانَ التَّأْجِيلُ فِيهَا الَّذِي أَفَادَهُ الْمَتْنُ وَغَيْرُهُ شَرْطًا فِي الْجُمْلَةِ لَا مُطْلَقًا لَا عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ، أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمٌ؛ لِأَنَّهُمَا نَجْمٌ وَاحِدٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ الصَّلَاحِ: لَا يُكْتَفَى بِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ التَّضَمُّنَ قَدْ يُسَمَّى بِالِالْتِزَامِ سم. (قَوْلُهُ: وَدَلَالَةُ التَّضَمُّنِ يُكْتَفَى بِهَا إلَخْ) لِابْنِ الصَّلَاحِ مَنْعُهُ سم فِيهِ أَنَّ مَنْعَهُ مُكَابَرَةً. (قَوْلُهُ: فَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ حَاصِلَ السُّؤَالِ الَّذِي أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ مُؤَجَّلًا يَدُلُّ عَلَى دَيْنًا فَلِمَ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ عَنْهُ؟ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِمَعْنَى لِمَ صَرَّحَ بِدَيْنًا مَعَ عِلْمِهِ مِنْ مُؤَجَّلًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِجَوَابِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ لِلتَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ، وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ لِمَنْ تَدَبَّرَ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا بِأَنَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ دُخُولِ التَّأْجِيلِ فِي الْأَعْيَانِ اهْتِمَامًا بِالْمَقَامِ سم عِبَارَةُ سَيِّدِ عُمَرَ: قَوْلُهُ: فَالْأَحْسَنُ إلَخْ إنَّمَا يَظْهَرُ حُسْنُهُ لَوْ تَأَخَّرَ فَتَدَبَّرْ. اهـ. أَيْ: تَأَخَّرَ دَيْنًا عَنْ مُؤَجَّلًا أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ عِنْدَهُمْ أَنَّ إغْنَاءَ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِ لَيْسَ بِمَعِيبٍ وَإِنَّمَا الْمَعِيبُ الْعَكْسُ.
(قَوْلُهُ: فِي الذِّمَّةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَقِيلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: لَكِنْ لَمَّا إلَى لَا عَلَى خِدْمَةٍ وَقَوْلَهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَى أَمَّا إذَا وَإِلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: لَكِنْ لَمَّا إلَى لَا عَلَى خِدْمَةٍ وَقَوْلَهُ: وَنَقَلَ شَارِحٌ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَيْنِهِ فَهِيَ كَالْخِدْمَةِ فِيمَا يَأْتِي آنِفًا سم. (قَوْلُهُ: فِي وَقْتَيْنِ مَعْلُومَيْنِ) لَك أَنْ تَقُولَ: فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَهُوَ بِنَاءُ الدَّارَيْنِ وَالزَّمَانِ وَهُوَ الْوَقْتَانِ الْمَعْلُومَانِ وَقَدْ مَنَعُوا ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ لِمَعْنًى مَوْجُودٍ هَاهُنَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتَيْنِ وَقْتَا ابْتِدَاءِ الشُّرُوعِ فِي كُلِّ دَارٍ لَا جَمِيعُ وَقْتِ الْعَمَلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ ثَمَّ مُعَوَّضٌ وَهُنَا عِوَضٌ وَالْعِوَضُ أَوْسَعُ أَمْرًا مِنْ الْمُعَوَّضِ وَيُتَسَامَحُ فِيهِ أَكْثَرُ، أَوْ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ الْمُتَشَوَّفِ إلَيْهِ الشَّارِعُ يُتَسَامَحُ فِيهِ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيَتَأَمَّلْ سم لَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمَّا لَمْ تَخْلُ الْمَنْفَعَةُ إلَخْ) كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَجْزَاءِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ فَكَانَ حُضُورُهَا مُتَوَقِّفًا عَلَى حُضُورِ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ فَكَانَتْ مُؤَخَّرَةً إلَى حُضُورِهَا وَكَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَقَوْلُهُ: شَرْطًا فِي الْجُمْلَةِ أَيْ كَمَا فِي مِثَالِ بِنَاءِ الدَّارَيْنِ الْمَذْكُورِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلنَّجْمِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي الذِّمَّةِ يَجُوزُ اتِّصَالُهَا بِالْعَقْدِ وَقَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا أَيْ: كَمَا فِي النَّجْمِ الْأَوَّلِ فِي هَذَا الْمِثَالِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَلْيُرَاجَعْ سم وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَحَوَاشِيهِ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: لَا عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ إلَخْ) أَيْ بِنَفْسِهِ بُجَيْرِمِيٌّ وَسم وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرَيْنِ وَجَعَلَ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمًا لَمْ يَصِحَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّهْرِ الثَّانِي مُتَعَيِّنَةٌ وَالْمَنَافِعُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ لَا تُؤَجَّلُ، أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ فَأَوْلَى بِالْفَسَادِ لِانْقِطَاعِ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ عَنْ آخِرِ الْأُولَى. اهـ. عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْمَنْفَعَةِ وَحْدَهَا وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ حَالَّةً نَحْوَ كَاتَبْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا، أَوْ تَخِيطَ لِي ثَوْبًا
ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ) قَدْ يَمْنَعُهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. (قَوْلُهُ: لَا الِالْتِزَامِ) لِابْنِ الصَّلَاحِ مَنْعُهُ بِأَنَّ التَّضَمُّنَ قَدْ يُسَمَّى بِالِالْتِزَامِ. (قَوْلُهُ: يُكْتَفَى بِهَا فِي الْمُخَاطَبَاتِ) لِابْنِ الصَّلَاحِ مَنْعُهُ. (قَوْلُهُ: فَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ تَصْرِيحٌ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ: هَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَحْسَنَ فِيهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ السُّؤَالِ الَّذِي أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ قَوْلَهُ: مُؤَجَّلًا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ: دَيْنًا فَلِمَ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ عَنْهُ؟ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِمَعْنَى قَوْلِنَا: لِمَ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ دَيْنًا مَعَ عِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ: مُؤَجَّلًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِجَوَابِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ لِلتَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ، وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ لِمَنْ تَدَبَّرَ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا بِأَنَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ دُخُولِ التَّأْجِيلِ فِي الْأَعْيَانِ اهْتِمَامًا بِالْمَقَامِ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَيْنِهِ فَهِيَ كَالْخِدْمَةِ فِيمَا يَأْتِي آنِفًا. (قَوْلُهُ: فِي وَقْتَيْنِ مَعْلُومَيْنِ) لَك أَنْ تَقُولَ: فِيهِ جَمِعٌ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَهُوَ بِنَاءُ الدَّارَيْنِ وَالزَّمَانِ وَهُوَ الْوَقْتَانِ الْمَعْلُومَانِ، وَقَدْ مَنَعُوا ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ لِمَعْنًى مَوْجُودٍ هَاهُنَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتَيْنِ وَقْتَا ابْتِدَاءِ الشُّرُوعِ فِي كُلِّ دَارٍ لَا جَمِيعُ وَقْتِ الْعَمَلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ ثَمَّ مُعَوَّضٌ وَهُنَا عِوَضٌ وَالْعِوَضُ أَوْسَعُ أَمْرًا مِنْ الْمُعَوَّضِ وَيُتَسَامَحُ فِيهِ أَكْثَرُ، أَوْ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ الْمُتَشَوِّفِ إلَيْهِ الشَّارِعُ يُتَسَامَحُ فِيهِ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَمَّا لَمْ تَخْلُ) كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَجْزَاءِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ فَكَانَ حُضُورُهَا مُتَوَقِّفًا عَلَى حُضُورِ

الصفحة 395