كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 10)

وَلَا يُرْهَنَّ، وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» صَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَقْفَهُ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنُ الْقَطَّانِ رَفْعَهُ، وَهُوَ الْمُقَدَّمُ؛ لِأَنَّ مَعَ رَاوِيهِ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَخَبَرُ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» إمَّا مَنْسُوخٌ أَوْ مَنْسُوبٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا فَقُدِّمَ مَا نُسِبَ إلَيْهِ مِنْ النَّهْيِ الْمَذْكُورِ قَوْلًا وَنَصًّا وَلِأَنَّ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ خِلَافٍ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ فَقَدْ انْقَطَعَ وَصَارَ مُجْمَعًا عَلَى مَنْعِهِ كَذَا قَالَاهُ هُنَا لَكِنَّهُمَا صَحَّحَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَدَمَ نَقْضِهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَالْأَدِلَّةُ فِيهَا مُتَقَارِبَةٌ وَتَصِحُّ كِتَابَتُهَا وَنَحْوُ بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا وَأَخَذَ مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ صِحَّةَ بَيْعِهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَصْلِهَا وَفَرْعِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الْأَوَّلُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ لَا بَيْعٍ، بِخِلَافِ الثَّانِي وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَرْهُونَةِ، وَالْجَانِيَةِ وَأُمِّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ كَمَا مَرَّ (وَرَهْنُهَا) ؛ لِأَنَّهُ يُسَلَّطُ عَلَى الْبَيْعِ (وَهِبَتُهَا) وَلَوْ مَرْهُونَةً وَجَانِيَةً؛ لِأَنَّهَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ

. (وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ) رَقِيقًا (أَوْ) مِنْ (زِنًا) ، أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ بِأَنْ ظَنَّ كَوْنَهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِك وَحْدَك فَقَالَ: اقْضُوا فِيهِ مَا أَنْتُمْ قَاضُونَ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَ الْجَمَاعَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُرْهَنَّ) وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَلَا يُوهَبْنَ. اهـ. وَلَعَلَّ الرِّوَايَةَ مُتَعَدِّدَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَخَبَرُ جَابِرٍ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَدِيمُ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: سَرَارِيَّنَا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ سَرِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: إمَّا مَنْسُوخٌ إلَخْ) وَقِيلَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ كَمَا قَالَ «ابْنُ عُمَرَ: كُنَّا نُخَابِرُ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ فَتَرَكْنَاهَا» مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ، أَوْ قَبْلَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عُمَرُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عِتْقِهِنَّ وَمَنْ فَعَلَهُ مِنْهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَلِكَ النَّهْيُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَوْلَهُ: لَا نَرَى بِالنُّونِ لَا بِالْيَاءِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا) أَيْ مِنَّا أَخْذًا بِظَاهِرِ قَوْلِ جَابِرٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَوْلُهُ: إمَّا مَنْسُوخٌ أَيْ إنْ قُرِئَ لَا يَرَى بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْسُوبٌ إلَخْ أَيْ إنْ قُرِئَ بِالنُّونِ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ كَوْنُهُ مَنْسُوخًا عَلَيْهِمَا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَأَقَرَّهُ لَكِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ وَإِنَّمَا أُسْنِدَ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ مِنْ جَابِرٍ أَيْ: ظَنَّ جَابِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَى بَيْعِهِنَّ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَوْلًا وَنَصًّا) وَهُوَ الْحَدِيثُ السَّابِقُ عَنْ الدَّارَقُطْنِيّ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَا كَانَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنُصُوصٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَصَارَ) أَيْ: الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ بَيْعِهَا) كَأَنْ يُقْرِضَهَا نَفْسَهَا فَتَعْتِقَ وَتَأْتِيَ لَهُ بِأَمَةٍ مِثْلِهَا بَدَلَهَا بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَكَبَيْعِهَا فِي ذَلِكَ هِبَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهَا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْقَبُولِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعِتْقُ يَقَعُ عَقِبَهُ. اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ: قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهَا أَيْ لِنَفْسِهَا أَيْ: فَتَحْرُمُ لِتَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَكَذَا وَقْفُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي صِحَّةُ بَيْعِهَا إلَخْ وَهُوَ مَرْدُودٌ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَلَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَلَا مِمَّنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا فَإِنَّا وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي افْتِدَاءٌ هُوَ بَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَفِيهِ نَقْلُ مِلْكٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إذْ الْأَوَّلُ) أَيْ: بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا عَقْدُ عَتَاقَةٍ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا إذَا كَانَ السَّيِّدُ حُرَّ الْكُلِّ أَمَّا إذَا كَانَ مُبَعَّضًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ كَمَا مَرَّ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ الْإِيلَادُ فَإِنْ ارْتَفَعَ بِأَنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا فَلَوْ عَادَتْ لِمَالِكِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَعُدْ الِاسْتِيلَادُ؛ لِأَنَّا أَبْطَلْنَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْمَرْهُونَةِ إذَا بِيعَتْ، ثُمَّ مَلَكَهَا الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّا إنَّمَا أَبْطَلْنَا الِاسْتِيلَادَ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَقَدْ زَالَ تَعَلُّقُهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مُغْنِي وَقَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَرْهُونَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ يَجُوزُ بَيْعُهَا الْأُولَى الْمَرْهُونَةُ رَهْنًا وَضْعِيًّا، أَوْ شَرْعِيًّا حَيْثُ كَانَ الْمُسْتَوْلَدُ مُعْسِرًا حَالَ الْإِيلَادِ الثَّانِيَةُ الْجَانِيَةُ وَسَيِّدُهَا كَذَلِكَ الثَّالِثَةُ مُسْتَوْلَدَةُ الْمُفْلِسِ. اهـ. قَالَ ع ش: قَوْلُهُ: رَهْنًا وَضْعِيًّا أَيْ: بِأَنْ رَهَنَهَا الْمَالِكُ فِي حَيَاتِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَرْعِيًّا أَيْ: بِأَنْ يَمُوتَ مَالِكُهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَالتَّرِكَةُ مَرْهُونَةٌ بِهِ شَرْعًا وَقَوْلُهُ وَسَيِّدُهَا كَذَلِكَ أَيْ: مُعْسِرٌ حَالَ الْإِيلَادِ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَحْرُمُ وَيَبْطُلُ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ السَّابِقِ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَلِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ فِيهِمَا وَقِيَاسًا لِلثَّانِي عَلَيْهِمَا وَلِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيطًا عَلَى الْبَيْعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرْهُونَةً إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا لِعُلْقَةِ رَهْنٍ وَضْعِيٍّ، أَوْ شَرْعِيٍّ، أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِهَا تَمْتَنِعُ هِبَتُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ أُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْقِنَّةِ إلَّا فِيمَا يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ، أَوْ يُؤَدِّي إلَى انْتِقَالِهِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِرَهْنِهَا مَعَ فَهْمِهِ مِنْ تَحْرِيمِ بَيْعِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ، وَإِنْ لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ: لِأَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ

(قَوْلُهُ: إمَّا مَنْسُوخٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: شَرْطُ النَّسْخِ عَدَمُ إمْكَانِ الْجَمْعِ وَهُوَ هُنَا مُمْكِنٌ بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: وَأُمِّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ كَمَا مَرَّ) فِي اسْتِثْنَائِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَصِحُّ اسْتِيلَادُهُ كَمَا مَرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا آخِرُ مَا وُجِدَ عَلَى نُسْخَةِ النِّحْرِيرِ إمَامِ الدُّنْيَا بِلَا نِزَاعٍ وَعَالِمِ هَذَا

الصفحة 428