كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 10)

فَلَا يَقْبَلُ ظَاهِرُ التَّعَلُّقِ حَقَّ الْغَيْرِ بِهِ.

(وَمَا انْصَرَفَ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) غَالِبًا وَإِلَى غَيْرِهِ بِالتَّقْيِيدِ (كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ) وَالْمُصَوِّرِ وَالْجَبَّارِ وَالْمُتَكَبِّرِ وَالْحَقِّ وَالْقَاهِرِ وَالْقَادِرِ (وَالرَّبِّ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ) ؛ لِانْصِرَافِ الْإِطْلَاقِ إلَيْهِ تَعَالَى، وَأَلْ فِيهَا لِلْكَمَالِ.
(إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِهَا (غَيْرَهُ) تَعَالَى بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ كَرَحِيمِ الْقَلْبِ وَخَالِقِ الْكَذِبِ. وَاسْتُشْكِلَ الرَّبُّ بِأَلْ بِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَنْبَغِي إلْحَاقُهُ بِالْأَوَّلِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ أَصْلَ مَعْنَاهُ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ تَعَالَى فَصَحَّ قَصْدُهُ بِهِ، وَأَلْ قَرِينَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا قُوَّةَ لَهَا عَلَى إلْغَاءِ ذَلِكَ الْقَصْدِ.

(وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ) تَعَالَى (سَوَاءٌ كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ) بِكَسْرِ اللَّامِ (وَالْحَيِّ) وَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ وَالْعَلِيمِ وَالْحَلِيمِ وَالْغَنِيِّ (لَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ) ، بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أُطْلِقَتْ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ أَشْبَهَتْ الْكِنَايَاتِ، وَالِاشْتِرَاكُ إنَّمَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ وَالتَّعْظِيمَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ أَبِي عَصْرُونٍ أَجَابَ بِهِ وَيَقَعُ مِنْ الْعَوَامّ الْحَلِفُ بِالْجَنَابِ الرَّفِيعِ وَيُرِيدُونَ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ اسْتِحَالَتِهِ عَلَيْهِ إذْ جَنَابُ الْإِنْسَانِ فِنَاءُ دَارِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ
وَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُؤَثِّرُ مَعَ الِاسْتِحَالَةِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الرَّفِيعَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى أَخْذِهَا مِنْ نَحْوِ رَفِيعِ الدَّرَجَاتِ وَمَرَّ مَا فِيهِ فِي الرِّدَّةِ

. (وَ) الثَّانِي وَيَخْتَصُّ مِنْ الصِّفَاتِ بِمَا لَا شَرِكَةَ فِيهِ وَهُوَ (الصِّفَةُ) الذَّاتِيَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ مَثَلًا، وَأَنْ يُولِيَ مِنْ زَوْجَتِهِ ثُمَّ يَقُولَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْإِيلَاءَ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْعَشْمَاوِيِّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُصَوَّرَ بِنَحْوِ: عَلَيَّ طَلَاقُ زَوْجَتِي لَأَفْعَلَنَّهُ أَوْ لَا أَفْعَلُ كَذَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَخْ) مَفْهُومُهُ كَشَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ بَاطِنًا اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: غَالِبًا) مُحْتَرَزُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي سَوَاءٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَى غَيْرِهِ بِالتَّقْيِيدِ) لَيْسَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَمَا هُنَا لَيْسَ مُطْلَقًا فَلْيُنْظَرْ مَا الَّذِي اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ غَالِبًا وَلَعَلَّهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ إلَخْ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ اهـ. ع ش أَيْ: لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَزًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَكَانَ الْأَوَّلُ شَامِلًا لِلْإِطْلَاقِ صَحَّ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَزًا اهـ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَلْ فِيهَا لِلْكَمَالِ) أَيْ: لَا لِلْعُمُومِ وَلَا لِلْعَهْدِ قَالَ سِيبَوَيْهِ: يَكُونُ لَامُ التَّعْرِيفِ لِلْكَمَالِ، تَقُولُ: زَيْدٌ الرَّجُلُ تُرِيدُ الْكَامِلَ فِي الرَّجُلِيَّةِ وَكَذَا هِيَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا قُلْت الرَّحْمَنُ أَيْ: الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الرَّحْمَةِ وَالْعَالِمُ أَيْ: الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَسْمَاءِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: بِالْأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَكِنَّ الْأَنْسَبَ لِقَوْلِ الْمَتْنِ بِهِ وَلِقَوْلِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ إلَخْ التَّذْكِيرُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَنْطُوقِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ بَيَانٌ لِمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ إلَخْ) أَيْ: فَيُقْبَلُ وَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّهُ إلَخْ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي حَقِّ غَيْرِهِ تَعَالَى مُقَيَّدًا اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِ) أَيْ: بِمَا اُخْتُصَّ بِهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ) يَعْنِي يَصْدُقُ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: قَصْدُهُ) أَيْ: الْغَيْرِ اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: بِكَسْرِ اللَّامِ) إلَى قَوْلِهِ وَالِاشْتِرَاكُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَأَنْ أَرَادَ بِالْعَالِمِ الْبَارِيَ تَعَالَى وَشَخْصًا آخَرَ كَالنَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. ع ش وَتَقَدَّمَ عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ: أَشْبَهَتْ الْكِنَايَاتِ) أَيْ فَاحْتَاجَتْ إلَى النِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالِاشْتِرَاكُ) أَيْ بَيْنَهُ تَعَالَى وَبَيْنَ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَيُرِيدُونَ بِهِ اللَّهَ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي الْحُرْمَةِ مَا لَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ ع ش وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ. (قَوْلُهُ: إذْ جَنَابُ الْإِنْسَانِ إلَخْ) أَيْ: وَيَحْرُمُ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ تَعَالَى سَوَاءٌ قَصَدَهُ وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا لَكِنَّهُ إذَا صَدَرَ عَنْهُ يُعْرَفُ فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا يُعَزَّرُ وَمِثْلُهُ فِي امْتِنَاعِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ قَوْلِ الْعَوَامّ اتَّكَلْت عَلَى جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْحَمْلَةُ عَلَى اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَقِيقَةِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْعَقِدُ، وَإِنْ نَوَى إلَخْ) ، سَنَذْكُرُ عَنْ قَرِيبٍ خِلَافَهُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمْنَا إلَخْ) غَايَةٌ

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَالْأَوَّلُ بِقِسْمَيْهِ (قَوْلُهُ الذَّاتِيَّةُ) إلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ نَازَعَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: فَإِنْ أُرِيدَ إلَى وَعُلِمَ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يُرِدْ إلَى وَبِالْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: الذَّاتِيَّةُ) أَخْرَجَ الْفِعْلِيَّةَ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَأَخْرَجَ السَّلْبِيَّةَ كَكَوْنِهِ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSحَيْثُ لَا قَرِينَةَ إنْ قَالَ: لَمْ أَقْصِدْ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِيلَاءِ انْتَهَى.

. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ وَإِنْ نَوَى) سَيَأْتِي فِي هَامِشِ الْآتِيَةِ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ وَالصِّفَةُ كَوَعَظَمَةِ اللَّهِ وَعِزَّتِهِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ إطْلَاقِهِ، وَالْأَشْعَرِيُّ قَالَ: بِالْمَنْعِ، وَفَصَّلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ بَيْن مَا يُوهِمُ نَقْصًا فَيَمْتَنِعُ وَمَا لَا يُوهِمُ فَيَجُوزُ ثُمَّ قَالَ: مِنْ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ كَكَوْنِهِ تَعَالَى أَزَلِيًّا وَأَنَّهُ وَاجِبُ الْوُجُودِ وَهِيَ كَالزَّائِدَةِ عَلَى الذَّاتِ، وَمِنْهَا السَّلْبِيَّةُ كَكَوْنِهِ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ وَلَا فِي جِهَةٍ وَلَمْ أَرَ فِيهَا شَيْئًا، وَالظَّاهِرُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدِيمَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ انْتَهَى ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّهُ أَيْ: وَفِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ فَهُوَ يَمِينٌ وَلَوْ وَصَفَهُ اللَّهُ فَلَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ أَيْمَانِ النَّاسِ؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ: بِسْمِ اللَّهِ أُنْزِلَتْ مِنْ عِنْدِهِ السُّوَرُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَذَلِكَ أَنْ تَقُولَ إنْ قُلْنَا الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى فَالْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا إنْ جَعَلْنَا الِاسْمَ صِلَةً وَإِنْ أَرَادَ بِالِاسْمِ التَّسْمِيَةَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَصْفَ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ الْبَابِ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَيْ: الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: لَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهُوَ يَمِينٌ وَلَوْ قَالَ بِصِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ أَيْمَانِ النَّاسِ. أَلَا تَرَى الْقَائِلَ يَقُولُ
بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي أُنْزِلَتْ مِنْ عِنْدِهِ السُّوَرُ
وَلَك أَنْ تَقُولَ: إذَا قُلْنَا الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى فَالْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا إنْ جَعَلَ الِاسْمَ صِلَةً، وَإِنْ أَرَادَ بِالِاسْمِ التَّسْمِيَةَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا. وَقَوْلُهُ: بِصِفَةِ اللَّهِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ يَمِينًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَصْفَ انْتَهَى. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّسْمِيَةِ اللَّفْظَ وَبِالْوَصْفِ قَوْلَ الْوَاصِفِ وَلَعَلَّ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ السَّابِقَ وَلَوْ وَصِفَةِ اللَّهِ مُحَرَّفٌ عَنْ وَلَوْ قَالَ: وَصِفَةِ اللَّهِ.
(قَوْلُهُ:

الصفحة 6