كتاب حكم الجاهلية

الرسول صلى الله عليه وسلم، ويناقضون ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، وقد قال الله تعالى في أمثال هؤلاء: (أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً) [النساء:151] ثم انظر كيف ردت هذه الآية الكريمة على القانونيين ما زعموه من حسن زبالة أذهانهم، ونحاتة أفكارهم، بقوله عز وجل: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50] قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: "ينكر تعالى على من خرج من حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم "جنكيز خان" الذي وضع لهم كتابا مجموعا من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية، والنصرانية، والملة الإسلامية، وغيرها.
وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعاً متبعا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير، قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون، (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) أي: ومن أعدل من الله في حكمه، لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن، وعلم أن الله أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء القادر على كل شيء،

الصفحة 12