كتاب حكم الجاهلية

إليها، مهما أمكنهم فيحرفون لذلك الكلم عن مواضعه، وحينئذ معنى تغير الفتوى بتغير الأحوال والأزمان مراد العلماء منه: ما كان مستصحبه فيه الأصول الشرعية، والعلل المرعية، والمصالح التي جنسها مراد لله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن أرباب القوانين الوضعية عن ذلك بمعزل، وإنهم لا يقولون إلا على ما يلائم مراداتهم، كائنة ما كانت، والواقع أصدق شاهد.
الثالث: أن لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله، فهذا كالنوعين اللذين قبله، في كونه كافرا الكفر الناقل عن الملة، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق، والمناقضة والمعاندة لقوله عز وجل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى: 11] ونحوها من الآيات الكريمة، الدالة على تفرد الرب بالكمال، وتنزيهه عن مماثلة المخلوقين، في الذات والصفات والأفعال، والحكم بين الناس فيما يتنازعون فيه.
الرابع: أن لا يعتقد كون حكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلا لحكم الله ورسوله، فضلا عن أن يعتقد كونه أحسن منه، لكن اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله يصدُق عليه ما يصدق عليه، لاعتقاده جواز ما علم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه.
الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقه لله ولرسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعداداً وإمداداً

الصفحة 15