كتاب حصان طروادة الغارة الفكرية على الديار السنية

يا رب أصحابي؟ فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري» (¬1). ولقد استغل أهل البدع هذا الحديث للطعن في عدالة الصحابة - رضي الله عنه -.

والرد كالآتي:
- المقصود (بأصحابي) في الحديث هم المنافقون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين يظهرون الإسلام، وأولئك المنافقون لم يكن يعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، بدليل قول الله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} (¬2).
- المقصود بكلمة أصحابي هو المعنى اللغوي لا المعنى الاصطلاحي للكلمة، بدليل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول حينما أراد أن يضرب عنق أبيه المنافق لقوله «لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل [يقصد محمد - صلى الله عليه وسلم -]، فقال - صلى الله عليه وسلم -: دعه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه» (¬3).
- قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في رواية أخرى للبخاري: «إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا رب مني ومن أمتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك، والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم»، فكان ابن أبي مليكة [وهو تابعي] يقول: «اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا، أو نفتن عن ديننا» (¬4).

...

الشبهة التاسعة: آية الفتح:
قال الله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي
¬_________
(¬1) رواه البخاري، كتاب الرقاق: 6586
(¬2) التوبة: 101
(¬3) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن: 4905
(¬4) البخاري، كتاب الرقاق: 6593

الصفحة 656