كتاب الحطة في ذكر الصحاح الستة

الكيميا والسيميا وَالسحر والطلسمات وَالْعجب مِمَّن يقبل دَعْوَى من يَدعِي علما من هَذِه الْعُلُوم فَإِن الْفطْرَة قاضية بِأَن من يطلع على ذُبَابَة من أسرار هَذِه الْعُلُوم يكتمها عَن وَالِده وَولده
وَمِنْهَا ذمّ جَاهِل متعالم لجهله إِيَّاه فَإِن من جهل شَيْئا أنكرهُ وعاداه كَمَا قيل الْمَرْء عَدو لما جَهله وَقَالَ تَعَالَى {كذبُوا بِمَا لم يحيطوا بِعِلْمِهِ} أَو ذمّ جَاهِل متعالم لتعصبه على أَهله بِسَبَب من الْأَسْبَاب وَلَعَلَّ المُرَاد من منع الْأَئِمَّة عَن تَعْلِيم بعض الْعُلُوم وتعلمه تَخْلِيص أَصْحَاب الْعُقُول القاصرة من تَضْييع الْعُمر وتوزيبه بِلَا فَائِدَة فَإِن فِي تَعْلِيم أَمْثَاله لَيْسَ لَهُ عَائِدَة وَإِلَّا فالعلم إِن كَانَ مذموما فِي نَفسه لَا يَخْلُو تَحْصِيله عَن فَائِدَة أقلهَا رد الْقَائِلين بهَا كالمنطق وَغَيره فَائِدَة أُخْرَى شَرَائِط تَحْصِيل الْعلم كَثِيرَة
وَمِنْهَا مَا نقل عَن سقراط وَهُوَ قَوْله يَنْبَغِي أَن يكون الطَّالِب شَابًّا فارغ الْقلب غير متلفت إِلَى الدُّنْيَا صَحِيح المزاج محبا للْعلم بِحَيْثُ لَا يخْتَار على الْعلم شَيْئا من الْأَشْيَاء مصدوقا منصفا بالطبع متدينا أَمينا عَالما بالوظائف الشَّرْعِيَّة والأعمال الدِّينِيَّة غير مخل بِوَاجِب فِيهَا وَيحرم على نَفسه مَا يحرم فِي مِلَّة نبيه ويوافق الْجُمْهُور فِي محَاسِن الرسوم وشرائف الْعَادَات وَلَا يكون فظا سيء الْخلق وَيرْحَم من دونه فِي الْمرتبَة وَلَا يكون أكولا وَلَا متهتكا وَلَا جَامعا لِلْمَالِ إِلَّا بِقدر الْحَاجة فَإِن الِاشْتِغَال بِطَلَب أَسبَاب الْمَعيشَة مَانع عَن التَّعَلُّم انْتهى

الصفحة 20