كتاب الحطة في ذكر الصحاح الستة

من الدوال إِلَى المدلولات وَمن اللَّازِم إِلَى الْمَلْزُوم وَبِالْعَكْسِ فَإِن ضم إِلَيْهَا ملكة الاستحضار فَنعم الْمَطْلُوب وَهَذَا لَا يتم بِمُجَرَّد الْحِفْظ من أَسبَاب الاحتضار وَهُوَ رَاجع إِلَى جودة الْقُوَّة الحافظة وضعفها وَذَلِكَ من أَحْوَال الأمزجة الخلقية وَإِن كَانَ مِمَّا يقبل العلاج نقل الرَّازِيّ عَن الْحُكَمَاء أَن الْفَهم وَالْحِفْظ لَا يَجْتَمِعَانِ على سَبِيل الْكَمَال لِأَن الْفَهم يَسْتَدْعِي مزِيد رُطُوبَة فِي الدِّمَاغ وَالْحِفْظ يَسْتَدْعِي مزِيد يبوسة فِيهِ وَالْجمع بَينهمَا على سَبِيل التَّسَاوِي مُمْتَنع عَادَة شعر
(آه على فهم وَحفظ وَأَن ... استحضر الْأَشْيَاء فِي وَقتهَا) فَائِدَة أُخْرَى
تعْيين الْعلم الَّذِي هُوَ فرض عين على كل مُكَلّف أَعنِي الَّذِي يتضمنه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم للْعُلَمَاء اخْتِلَاف عَظِيم فِيهِ قَالَ الْفُقَهَاء هُوَ الْعلم بالحلال وَالْحرَام وَقَالَ المتكلمون هُوَ الْعلم الَّذِي يدْرك بِهِ التَّوْحِيد الَّذِي هُوَ أساس الشَّرِيعَة وَقَالَ الصُّوفِيَّة هُوَ علم الْقلب وَمَعْرِفَة الخواطر لِأَن النِّيَّة الَّتِي هِيَ شَرط الْأَعْمَال لَا تصح إِلَّا بهَا وَقَالَ أهل الْحق هُوَ علم المكاشفة وَقَالُوا الْأَقْرَب إِلَى التَّحْقِيق أَنه الْعلم الَّذِي يشْتَمل عَلَيْهِ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني الْإِسْلَام على خمس الحَدِيث لِأَنَّهُ الْفَرْض على عَامَّة الْمُسلمين وَهُوَ اخْتِيَار الشَّيْخ أبي طَالب الْمَكِّيّ وَزَاد عَلَيْهِ بَعضهم أَن وجوب المباني الْخَمْسَة إِنَّمَا هُوَ بِقدر الْحَاجة مثلا من بلغ ضحوة النَّهَار يجب عَلَيْهِ أَن يعرف الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بصفاته اسْتِدْلَالا وَأَن يتَعَلَّم كلمتي الشَّهَادَة مَعَ فهم مَعْنَاهُمَا وَإِن عَاشَ إِلَى وَقت الظّهْر يجب أَن يتَعَلَّم أَحْكَام الطَّهَارَة وَالصَّلَاة وَإِن عَاشَ إِلَى رَمَضَان يجب أَن يتَعَلَّم أَحْكَام الصَّوْم وَإِن ملك مَالا يجب أَن يتَعَلَّم كَيْفيَّة الزَّكَاة وَإِن حصل لَهُ استطاعة الْحَج يجب أَن يتَعَلَّم أَحْكَام الْحَج ومناسكه وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ والمحدثون هُوَ علم الْكتاب وَالسّنة وَلَقَد صدقُوا فَإِن الْعَالم

الصفحة 24