كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 2)

أصبر عنهنّ. فقال: قد أذنت لك! فجعل يثبط قومه ويقول: لا تنفروا في الحرّ.
فنزل فيه قوله تعالى: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ* فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [ (1) ] .
وقوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ [ (2) ] .

البكاءون
وجاء البكاءون- وهم سبعة: أبو ليلى المازنيّ، وسلمة بن صخر الزّرقيّ، وثعلبة بن غنمة السّلمي، وعلبة بن زيد الحارثي، والعرباض بن سارية السّلمي، وهرمي بن عمر المزني وسالم بن عمير. [وقيل: وإن فيهم عبد اللَّه بن المغفّل ومعقل ابن يسار. وقيل: البكاءون بنو مقرّن السّيمة، وهم من مزينة]- يستحملون رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، وكانوا أهل حاجة فقال: لا أجد ما أحملكم عليه فولّوا يبكون [ (3) ]
فلقي اثنان منهم يامين بن عمير بن كعب [بن عمر بن عمرو بن جحاش النضري] [ (4) ] فقال: ما يبكيكما؟ قالا: جئنا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ليحملنا فلم نجد عنده ما يحملنا عليه، وليس عندنا ما تتقوى [ (5) ] به على الخروج، ونحن نكره أن تفوتنا غزوة مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم. فأعطاهما ناضحا له [ (6) ] فارتحلاه، وزوّد كلّ واحد صاعين من تمر. وحمل العباس بن عبد المطلب منهم رجلين، وحمل عثمان ابن عفان منهم ثلاثة.

النهي عن خروج أصحاب الضعف
وقال صلى اللَّه عليه وسلّم: لا يخرجنّ معنا إلا مقو [ (7) ] . فخرج رجل على بكر صعب [ (8) ]
__________
[ (1) ] الآيتين 81- 82 التوبة، وفي (خ) ... وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ، الآية.
[ (2) ] الآية 49/ التوبة، وفي (خ) « ... ولا تفتنّي، الآية» .
[ (3) ] خبر البكاءين في سورة التوبة، الآية 90 وما بعدها.
[ (4) ] في (خ) «مكان ما بين القوسين «بن عمرو بن جحاش النضري» ، وما أثبتناه من (ط) .
[ (5) ] في (خ) «تقوى» .
[ (6) ] الناضح: البعير الّذي يحمل عليه الماء.
[ (7) ] في (خ) «نقوى» ، يقال: رجل مقو: أي: ذو دابة قوية.
[ (8) ] الصعب: الّذي لا ينقاد.

الصفحة 49