كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 3)

سواء، فطاعة الرسول من طاعة اللَّه، إذ اللَّه أمر بطاعته، وطاعته امتثال لما أمر اللَّه به وطاعة له.
وقد حكى اللَّه تعالى عن الكفار في دركات [ (1) ] جهنم يوم تقلب وجوههم في النار يقولون: يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا [ (2) ] فتمنوا طاعته حيث لا ينفعهم التمني.
وخرج البخاري ومسلم من حديث ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب قالا: كان أبو هريرة يحدث أنه سمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يقول: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم [ (3) ] .
وخرجه البخاري من حديث مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قال: دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان
__________
[ () ] معصية وتحريمها في المعصية، حديث رقم (32) ، (33) :
قال الإمام النووي: أجمع العلماء على وجوبها في غير معصية، وعلى تحريمها في المعصية، قال العلماء:
المراد بأولي الأمر، من أوجب اللَّه طاعته من الولاة والأمراء، هذا قول جماهير السلف والخلف من المفسرين والفقهاء وغيرهم. وقيل: هم العلماء، وقيل: هم الأمراء والعلماء، وأما من قال: الصحابة خاصة فقد أخطأ. (المرجع السابق) .
[ (1) ] دركات النار: منازل أهلها، والنار دركات، والجنة درجات، والدّرك إلى أسفل، والدّرج إلى فوق.
(لسان العرب) : 10/ 422 مادة درك.
[ (2) ] الأحزاب: 66.
[ (3) ] (مسلم بشرح النووي) : 15/ 118، كتاب الفضائل، باب (37) توقيره صلى اللَّه عليه وسلّم وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف، وما لا يقع، ونحو ذلك، حديث رقم (130) .
قال الإمام النووي: مقصود أحاديث الباب أنه صلى اللَّه عليه وسلّم نهاهم عن إكثار السؤال والابتداء بالسؤال عما لا يقع، ذكره ذلك لمعان:
* منها أنه ربما كان سببا لتحريم شيء على المسلمين فيلحقهم به المشقة.
* ومنها أنه ربما كان في الجواب ما يكرهه السائل ويسوؤه، ولهذا أنزل اللَّه تعالى في ذلك قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ* ومنها أنهم أحفوه صلى اللَّه عليه وسلّم بالمسألة، والحفوة المشقة والأذى، فيكون ذلك سببا لهلاكهم.
(المرجع السابق) .

الصفحة 135