قال: أن توصل الأرحام، وتحقن الدماء، وتأمن السبيل، وتكسّر الأوثان، وتعبد اللَّه لا تشرك به شيئا، قال: قلت: نعم ما أرسلك به، أشهدك أني قد آمنت بك وصدقت، أفأمكث معك، أم ماذا ترى؟ قال: قد ترى كراهة الناس لما جئت به، فامكث في أهلك، فإذا سمعت بي قد خرجت مخرجا فاتبعني.
فلما سمعت به خرج إلى المدينة سرت حتى قدمت عليه ثم قلت: يا نبي اللَّه! أتعرفني؟ قال: نعم، أنت السّلميّ الّذي جئتني بمكة، فقلت لي: كذا وكذا، وقلت لك: كذا وكذا، فقمت من ذلك المجلس فعرفت أنه لا يكون الدهر أفرغ منه في ذلك المجلس فقلت: يا نبي اللَّه! أي الساعات أسمع للدعاء؟ قال: جوف الليل الآخر والصلاة مشهودة متقبلة [ (1) ] [حتى تخرج الشمس] [ (2) ] .
وله من حديث الوليد بن مسلم قال: حدثنا عبد اللَّه بن العلاء قال: حدثني أبو سلام الأسود، عن عمرو بن عبسة قال: ألقي في روعي أن عبادة الأوثان باطل، وأن الناس في جاهلية، فقال لي قائل: إن رجلا بمكة يقول نحوا مما تقول، يقول:
إنه رسول اللَّه.
قال: فقدمت مكة فسألت عن رسول اللَّه فقيل لي: لا تلقاه إلا ليلا عند الكعبة، فمكثت له بين الكعبة وأستارها، إذ سمعت حسّه وتهليله فخرجت إليه فقلت ما أنت؟ قال: رسول اللَّه، قلت: اللَّه أرسلك؟ قال: نعم، قلت: بماذا؟
قال: بأن يعبد اللَّه ولا يشرك به شيئا، وتكسر الأوثان وتحقن الدماء وتوصل الأرحام، قلت: أبايعك عليه؟ قال: نعم، فبسط يده فبايعته، فلقد رأيتني وأنا في تلك الحال وأنا ريع الإسلام فقلت: من تبعك على هذا الأمر؟ قال: حرّ وعبد، قلت: أقيم معك؟ قال: بل ألحق بقومك، فإذا سمعت بي قد خرجت مخرجا
__________
[ (1) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 257، باب ذكر إسلام عمرو بن عبسة السلمي، وما أخبره أهل الكتاب من بعث النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (198) ، وأخرجه أيضا من طرق مختلفة: ابن سعد في (الطبقات) : 4/ 217، ابن عبد البر في (الاستيعاب) : 3/ 1192، ترجمة رقم (1937) ، والحاكم في (المستدرك) : 3/ 714- 715، حديث رقم (6584/ 2182) ، وقال في آخره:
هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
[ (2) ] ما بين الحاصرتين من (خ) فقط.