كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 5)

أيها الناس، إن اللَّه هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، وإن لهذا الأمر مدة، وإن الدنيا دول، وإن اللَّه عز وجل قال لنبيه: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ [ (1) ] ، وأشار إلى معاوية، فقال له معاوية: اجلس وحقدها علي عمرو وقال: هذا من رأيك [ (2) ] .
ولحق الحسن بالمدينة وأهل بيته، وحثهم فجعل الناس يبكون عند سيرهم، وقيل للحسن: ما حملك على ما فعلت؟ فقال: كرهت الدنيا ورأيت أهل الكوفة قوما لا يثق بهم أحد [أبدا] [ (3) ] إلا غلب، ليس أحد منهم يوافق آخر في رأي ولا هوى، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر، لقد لقي أبي منهم أمورا [عظاما] [ (3) ] ، فليت شعري، لمن يصلحون [بعدي] [ (3) ] وهي أسرع البلاد خرابا.
وعرض له رجل في مسيره عن الكوفة فقال له: يا مسعود وجوه المؤمنين، فقال: لا تعد لي، فإن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أرى بنو أمية ينزون على منبره رجلا رجلا، فساءه ذلك، فأنزل اللَّه تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [ (4) ] ، وهو نهر في الجنة، وإِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ] خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [ (5) ] تملكها بعدك بنو أمية [ (6) ] ،
ولم يف معاوية للحسن بشيء ما شرط.
[وقالت] [ (7) ] طائفة للحسن [ (8) ] : يا عار المؤمنين، فقال: العار خير من النار [ (9) ] ،
وقال له أبو عامر سفيان بن ليلى: السلام عليك يا مذل المؤمنين! فقال له: لا تقل يا أبا عامر، فإنّي لم أذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك [ (10) ] .
__________
[ (1) ] الأنبياء: 111.
[ (2) ] (الكامل) : 3/ 407.
[ (3) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
[ (4) ] الكوثر: 1.
[ (5) ] القدر: 1- 3.
[ (6) ] (الكامل) : 3/ 407.
[ (7) ] زيادة للسياق.
[ (8) ] هم أصحاب الحسن.
[ (9) ] (الإصابة) : 2/ 72، ترجمة رقم (1721) ، (الاستيعاب) : 1/ 386، ترجمة رقم: (555) .
[ (10) ] (الاستيعاب) : 1/ 387.

الصفحة 360