كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 6)
[المجلد السادس]
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم
فصل في ذكر ذرية رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم
اعلم أن اشتقاق لفظ الذرية [على] ثلاثة أقوال، أحدها: أنها مشتقة من ذرأ، قال الكسائي: وذرية الرجل: النشؤ الذين خرجوا منه، وهو من ذروت وذريت، وليس بمهموز، قال أبو عبيدة: أصله مهموز ولكن العرب تركت الهمز فيه وفي آخر وغيره، وهو في مذهب أبي عبيدة من ذرأ اللَّه الخلق، كما قال تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ [ (1) ] أي أنشأهم وخلقهم، قال تعالى: يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ [ (2) ] أي يخلقكم، فكأن ذرية الرجل من خلق اللَّه منه ومن نسله، ومن أنشأ من صلبه، وقال ابن فارس في (مقاييسه) : قولهم ذرأنا الأرض بذرناها [ذرءا] ذرىء على فعيل، ومن هذا الباب: ذرأ اللَّه الخلق يذرؤهم ذرءا، خلقهم، وفي التنزيل:
يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ [ (3) ] ، وقال ثعلب: معناه يكثركم فيه، أي في الخلق والذرية، وكان ينبغي أن تكون مهموزة فكثرت فأسقط الهمز.
ثانيها: أنها من الذر الّذي هو النمل الصغار، وهذا قول ضعيف.
ثالثها: أنها من ذرأ يذرأ إذا فرق، والقول الأول أصحها، لأن الاشتقاق والمعنى يشهد ان له، قال تعالى: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ [ (3) ] ، وفي الحديث، أعوذ بكلمات اللَّه التامات
__________
[ (1) ] الأعراف: 179.
لكن قال ابن الجوزي في حديث «من آل محمد؟ قال: كل مؤمن تقى» : هذا الحديث لا يصح عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، ونافع يغلب على حديثه الوهم، قال يحى بن معين: لا يكتب حديثه، وضعّفه هو وأحمد بن حنبل، وقال يحى مرة: كذاب، وقال الدار قطنى: متروك، وقال البيهقي: لا يحل الاحتجاج بمثله، نافع السلمي أبو هرمز بصرى، كذبه يحى بن معين، وضعّفه أحمد بن حنبل وغيرهما من الحفاظ. (العلل المتناهية) : 1/ 266- 267، حديث في تفسير آل محمد رقم (429) .
[ (2) ،]
[ (3) ] الشورى: 11.
الصفحة 3
403