كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 6)

وقال في مسير رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلى وادي القرى: فكان أبو هريرة يحدث قال: خرجنا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى، وكان رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي قد وهب لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم عبدا أسودا يقال له:
مدعم، وكان يرحل لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فلما نزلنا بوادي القرى، انتهينا إلى يهود وقد ضوى إليها ناس من العرب، فبينا مدعم يحط رحل النبي عليه السلام، وقد استقبلنا يهود بالرمي، حيث نزلنا، ولم نكن على تعبئة، وهم يصيحون في آطامهم.
فيقبل سهم غائر فأصاب مدعما فقتله، فقال الناس:
هنيئا له الجنة، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: كلا والّذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم يصبها المقسم تشتعل عليه نارا، فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بشراك [ (1) ] أو شراكين، فقال النبي عليه السّلام: شراك [من نار] ، أو شراكان من نار.
فقد بين الواقدي أنهما اثنان، أحدهما كركرة، وهو الّذي قتل بخيبر، والآخر مدعم، وهو الّذي قتل بوادي القرى [ (2) ] .
وكركرة غلام النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، وقال ابن عبد البرّ: مدعم العبد الأسود، خبره مشهور بخيبر، ويوم خيبر قتل شهيدا، قيل إنه كان مولى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.
قال البلاذري: أهدى إليه فأعتقه، ويقال: مات على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وهو مملوك [ (3) ] .
__________
[ (1) ] الشراك: أحد سيور النعل التي على وجهها.
[ (2) ] له ترجمة في: (الإصابة) : 6/ 60- 61 ترجمة رقم (7861) ، 709- 710 (الاستيعاب) : 4/ 1468، ترجمة رقم (2538) ، (مغازي الواقدي) ، (الكامل في التاريخ) : 2/ 222، 312، (تاريخ الطبري) : 3/ 154، 171، (صفة الصفوة) : 1/ 77، (المواهب اللدنية) : 2/ 123، (عيون الأثر) : 2/ 317، (تاريخ الخميس) : 2/ 179، (الوافي) : 1/ 87، (طبقات ابن سعد) :
1/ 498.
[ (3) ] (الإصابة) : 5/ 587.

الصفحة 322