كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 6)

الدهقان، فوهبها له، فقدم بها الطائف ووقع عليها، فولدت له على فراشه غلاما سماه نافعا، ثم وقع عليها فجاءته بنفيع، وهو أبو بكرة، وكان أسودا، فقال الحارث: واللَّه ما هذا بابني، ولا كان في آبائي أسود، فقيل له:
إن جاريتك ذات ريبة لا تدفع كف لامس، فنسب أبو بكرة إلى مسروح غلام الحارث بن كلدة، ونفى نافعا بسبب أبى بكرة.
ثم إن الحارث تزوج صفية بنت عبيد بن أسيد بن علاج الثقفي، ومهرها سمية، فزوّجتها صفية عبدا لها روميا يقال له عبيد فولدت منه زيادا فأعتقته صفية، فلما غزا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم الطائف قال: من خرج إليّ فهو حرّ، فوثب نفيع الجدار فخرج إليه هو وآخر فأعتقهما فكانا مواليه.
ويقال: إنه تدلى من سور الطائف ببكر، ونزل إلى النبي عليه السّلام، فكناه أبا بكرة، فغلبت عليه كنيته، وخشي الحارث بن كلدة أن يفعل نافع مثل ما فعل أبو بكرة، فقال له: أبى أنت وشبيهي فلا تفعل كما فعل العبد الخبيث، فأثبت نسب نافع يومئذ.
وروى أن رقيقا من رقيق ثقيف دعاهم أبو بكرة، إلى الإسلام فأسلموا، وبعثوا إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يستأمرونه في قتال ثقيف في الحصن ويعلمونه أنهم قد أسلموا، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لرسولهم: كم هم؟ فقال: ثمانون، فقال: إني أخاف عليهم أن يقتلوا، ولكن ليخرجوا إلينا، فيدلى منهم أربعون رجلا أو أكثر، ونذرت ثقيف بالباقين فحبسوهم، فأعتق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم الذين نزلوا إليه.
وقال الواقدي: كانوا تسعة عشر فيهم الأزرق، وكان عبدا روميا حدّادا، وتدلى أبو بكرة من الحصن على بكرة، فقال له النبي عليه السّلام: كيف جئت؟ قال: تدلّيت على بكرة، فقال: أنت أبو بكرة

الصفحة 330