كتاب إمتاع الأسماع (اسم الجزء: 7)

له: تشرب قائما! فقال: لئن شربت قائما، لقد رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم شرب قائما، ولئن شربت قاعدا، فلقد رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يشرب قاعدا [ (1) ] .
وللترمذي من حديث حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن [صحيح] [ (2) ] .
ولابن حيّان من حديث مكحول، أن مسروقا حدثهم عن عائشة رضى اللَّه عنها، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم شرب قاعدا، وقائما، وصلى حافيا، ومنتعلا، وانصرف عن يمينه، وعن شماله [ (3) ] .
__________
[ (1) ] (مصنف ابن أبى شيبة) : 5/ 99- 100، كتاب الأشربة، باب (25) من رخّص في الشرب قائما، حديث رقم (24099) .
[ (2) ] (سنن الترمذي) : 4/ 266- 267، كتاب الأشربة، باب (12) ما جاء في الرخصة في الشرب قائما، حديث رقم (1883) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه.
[ (3) ] (أخلاق النبي) : 225، والحديث أخرجه كل من: الإمام أحمد في (المسند) : 2/ 36، حديث رقم (6590) ، 2/ 372- 373، حديث رقم (6622) ، 2/ 374، حديث رقم (6641) ، 2/ 392، حديث رقم (6744) ، 2/ 419، حديث رقم (6889) ، 2/ 434، حديث رقم (6982) ، وكلها شواهد يصح بها هذا الحديث، والبيهقي في (السنن الكبرى) ، 2/ 431، من طريق آخر عن عائشة رضى اللَّه عنها.
وذكر الشيخ الألباني في (السلسلة الصحيحة) : 1/ 288، حديث رقم (177) ، ثم قال:
وظاهر النهى في هذه الأحاديث يفيد تحريم الشرب قائما بلا عذر، وقد جاءت أحاديث كثيرة أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم شرب قائما، فاختلف العلماء في التوفيق بينها، والجمهور على أن النهى للتنزيه، والأمر بالاستقاء للاستحباب.
وخالفهم ابن حزم، فذهب إلى التحريم، ولعل هذا هو الأقرب للصواب، فإن القول بالتنزيه لا يساعد عليه لفظ «زجر» ، ولا الأمر بالاستقاء، لأنه- أعنى الاستقاء-، فيه مشقة شديدة على الإنسان، وما أعلم أن في الشريعة مثل هذا التكليف كجزاء لمن تساهل بأمر مستحب، وكذلك قوله:
«قد شرب معك الشيطان» فيه تنفير شديد عن الشرب قائما، وما إخال ذلك يقال في ترك مستحب.
وأحاديث الشرب: قائما يمكن أن تحمل على العذر كضيق المكان، أو كون القربة معلقة، وفي بعض الأحاديث الإشارة إلى ذلك. واللَّه تعالى أعلم. (المرجع السابق) : 289.

الصفحة 378